هل يشفع تاريخ مارك كارني في تجاوز الأزمات من تخطي صدمة رسوم ترامب الجمركية؟

مارك كارني، خبير مالي سابق، يتولى رئاسة الوزراء في كندا بخبرة واسعة في إدارة الأزمات. (أ ف ب)
مارك كارني يتولى رئاسة الوزراء في كندا
مارك كارني، خبير مالي سابق، يتولى رئاسة الوزراء في كندا بخبرة واسعة في إدارة الأزمات. (أ ف ب)

انضم مارك كارني إلى عالم السياسة بعد مسيرة طويلة في القطاع المالي وحكم البنوك المركزية. ومع كونها خلفية غير مألوفة، فقد تفيد مارك كارني في الوقت الذي تسعى فيه كندا إلى مواجهة نزاع اقتصادي يلوح في الأفق مع جارتها الجنوبية العملاقة، حرب الرسوم التجارية التي يقودها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

انتخب كارني يوم الأحد لقيادة الحزب الليبرالي الكندي في الانتخابات الفيدرالية المقبلة في وقتٍ لاحق هذا العام.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

وبالرغم من أنه لم يترشح سابقاً لأي منصب انتخابي، فإن الشائعات كانت قد أحاطت به لسنوات متسائلة إذا، ومتى، سيقتحم عالم السياسة؟

يسعى الحزب الليبرالي وراء كارني منذ أكثر من عقد، كما قدّم المشورة لترودو بشأن تعافي كندا الاقتصادي من كوفيد-19.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

لكن المصرفي الذي تحول إلى سياسي لم يدخل رسمياً المعترك إلّا حين أعلن ترودو تنحيه في يناير كانون الثاني.

جميع منافسيه كانوا سياسيين حاليين؛ فكارني في وضع استثنائي يجعله يصبح رئيس الوزراء الكندي من دون مقعد في البرلمان.

لكن قبل كل ذلك، وُلِد في بلدة فورت سميث، في الأقاليم الشمالية الغربية، ونشأ في إدمونتون، ألبرتا.

وكان والداه يعملان معلمين، وبحسب ما ورد في موقع حملته الإلكتروني، فقد مارس رياضة هوكي الجليد كحارس مرمى في طفولته، متمسكاً بجذوره الكندية.

ثم انتقل إلى الولايات المتحدة لدراسة الاقتصاد في جامعة هارفارد، قبل متابعة درجة الماجستير والدكتوراة في الاقتصاد من جامعة أوكسفورد.

على الصعيد المهني، أمضى كارني 13 عاماً يعمل لدى غولدمان ساكس، متنقلاً بين مكاتبها في لندن وطوكيو ونيويورك وتورنتو، وفقاً لنبذة عن مسيرته نشرها بنك كندا، الذي التحق به عام 2003.

وبحلول عام 2008، كان يشغل منصب حاكم البنك المركزي الكندي، وتولى الوظيفة فيما كان العالم يغرق في الركود الكبير.

خلال حملته لقيادة الحزب الليبرالي، أشار كارني إلى هذه الفترة كدليل على خبرته في اجتياز الأزمات، موضحاً في موقعه الإلكتروني أنه ساعد على حماية الوظائف واستقرار الاقتصاد الكندي.

بعد انتهاء فترة السنوات الخمس، انتقل في خطوة لافتة ليصبح أول حاكم غير بريطاني لبنك إنجلترا، علماً أن كندا لا تزال جزءاً من الكومنولث. وهناك، واجه أزمة أخرى تمثلت في تصويت المملكة المتحدة على مغادرة الاتحاد الأوروبي (بريكست) عام 2016. وحذّر كارني قبل الاستفتاء من تبعات اقتصادية سلبية لبريكست، وبقي في ذلك المنصب حتى عام 2020، بعد ما يقرب من سبع سنوات في منصبه، الفترة التي تُعدّ من الأنجح بتاريخ البنك.

مناصر للعمل المناخي

انطلاقاً من مكانته خبيراً مالياً دولياً، اختير عام 2019 مبعوثاً خاصاً للأمم المتحدة للعمل المناخي والتمويل في 2019، ودعا إلى أن يستثمر القطاع المالي للوصول إلى انبعاثات صفرية صافية.

وقال في مقابلة على موقع الأمم المتحدة «عندما أصبحت حاكماً لبنك إنجلترا، المسؤول عن الإشراف على قطاع التأمين، رأيت أن عدد الظواهر المناخية المتطرفة قد تضاعف ثلاث مرات، وتكاليف تلك الأحداث ارتفعت خمس مرات خلال ربع قرن. هذه الأمور شدت تركيزي على المناخ».

منذ ذلك الحين، جعل الطاقة النظيفة والسياسات المناخية والازدهار الاقتصادي لكندا بعضاً من الركائز الأساسية لحملته، مؤكداً أن انخفاض الكربون سيجعل كندا أكثر تنافسية.

اقترح نقل العبء المالي للضريبة الكربونية بعيداً عن المستهلكين إلى الشركات الكبرى، وقال إنه تحت قيادته ستستبدل الضريبة التي يدفعها المستهلكون والشركات الصغيرة في كندا على الوقود بحوافز لتقليل انبعاثات الكربون.

علاقة معقدة مع الولايات المتحدة

يعتقد بعض الخبراء أن خلفية كارني قد تجعله مؤهلاً بشكلٍ فريد لهذا المنصب، إذ يستلم كارني زمام المسؤولية في وقت يشهد توتراً تجارياً متصاعداً مع الجارة الجنوبية، ولا سيما مع تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بزيادة الرسوم على السلع الكندية، في خضم حرب تجارية أوسع.

قال شارل-إتيان بودي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة أوتاوا «إنه بارع جداً في الاقتصاد. مع هذه الرسوم الجمركية وهذه الحرب الاقتصادية، نجد كثيرين يدعمونه».

منذ أعلنت الولايات المتحدة الشهر الماضي فرض رسوم بنسبة 25 في المئة على كندا، كان كارني من أشد المؤيدين للرسوم الانتقامية دولاراً مقابل دولار.

تطرق إلى هذه النقطة الأحد في أول تصريح له بعد الفوز، مهاجماً خطط إدارة ترامب.

إذ قال إن ترامب «يهاجم العائلات والعمال والشركات الكندية، ولا يمكننا السماح له بالنجاح ولن نسمح بذلك»، وأكد «في التجارة كما في الهوكي، ستنتصر كندا».

المرحلة المقبلة

بما أنه صار رئيس وزراء كندا «من دون مقعد برلماني»، قد يضطر كارني إلى شغل منصب مؤقت أو الفوز في انتخابات تكميلية، كما حدث في تجارب سابقة ببريطانيا وكندا. ويراهن كثيرون على خلفيته الاقتصادية وثقل سيرته العالمية في سياق الأزمات، بدءاً من الركود العظيم وصولاً إلى بريكست، لتمنحه أفضلية في وضع الحلول.

(جيسي يونغ - CNN)