أدت التحولات الكبيرة والمفاجئة في سياسة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى تباطؤ حاد في الاقتصاد الأميركي في بداية العام، ربما كأسوأ ربع سنوي منذ جائحة كوفيد-19، حيث يشعر المستهلكون والشركات بالقلق إزاء الرسوم الجمركية الضخمة. من المقرر أن تصدر وزارة التجارة تقديراتها الأولية للناتج المحلي الإجمالي للربع الأول، غداً الأربعاء، لنتعرف على أوضح صورة ممكنة عن كيفية استجابة الاقتصاد الأميركي لأجندة ترامب الاقتصادية الشاملة، بعد يوم واحد من الاحتفال بمرور 100 يوم على توليه السلطة.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
يقدر الاقتصاديون أن الناتج المحلي الإجمالي قد توسع بمعدل سنوي قدره 0.8 في المئة في الربع الأول، وفقاً لشركة البيانات المالية FactSet، وهو ما سيكون أضعف معدل منذ الربع الثاني من عام 2022، بينما يتوقع بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا انخفاضاً حاداً بنسبة 2.5 في المئة، ما سيمثل أسوأ ربع سنوي منذ منتصف عام 2020.
من المرجح أن يكون الناتج المحلي الإجمالي قد تباطأ بسبب ارتفاع الواردات حيث سارع المستهلكون والشركات الأميركية إلى استباق تعريفات ترامب؛ وضعف الإنفاق في بداية الربع حيث أبقى الطقس البارد القاسي غير المعتاد المتسوقين في منازلهم؛ وتوقف الشركات عن الاستثمار بسبب حالة عدم اليقين الناجمة عن سياسات ترامب.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
قال ناثان شيتس، كبير الاقتصاديين في سيتي غروب، لشبكة CNN "هناك الكثير من الاختلالات في البيانات نتيجة العواصف التي شهدها يناير، وبعض التراجع عن مستويات الإنتاج مقارنةً بالربع الرابع من 2024، وهناك أيضاً القلق الاقتصادي من كيفية تأثير التعريفات الجمركية على الاقتصاد والأسواق".
عجز تجاري
خلقت إدارة ترامب موجة فوضوية من التعريفات الجمركية على مدى الأشهر القليلة الماضية لمعالجة العجز التجاري الهائل الذي أشار إليه ترامب بأنه "حالة طوارئ وطنية"، وقد تفاقم العجز في الأشهر الأخيرة.
حتى الآن فرض ترامب تعريفات جمركية بنسبة 25 في المئة على الألومنيوم والصلب؛ ورسوماً جمركية بنسبة 25 في المئة على البضائع الواردة من المكسيك وكندا؛ ورسوماً جمركية هائلة بنسبة 145 في المئة على الواردات الصينية؛ ورسوماً جمركية بنسبة 25 في المئة على السيارات، ورسوماً جمركية أساسية بنسبة 10 في المئة على جميع الواردات الأميركية.
دخلت زيادة هائلة في الرسوم الجمركية على عشرات الدول حيز التنفيذ لفترة وجيزة في 9 أبريل، إلا أن ترامب سارع إلى تأجيلها حتى يوليو، كما قدم إعفاءات مؤقتة لبعض السلع الإلكترونية، وصرح بأنه من المرجح فرض رسوم جمركية منفصلة على أشباه الموصلات والأدوية والنحاس والأخشاب.
في غضون ذلك تفاقم العجز التجاري الأميركي خلال المئة يوم الأولى من ولاية ترامب الثانية، وفقاً لبيانات حكومية.
في يناير ارتفع العجز التجاري بنسبة 34 في المئة ليصل إلى 130.6 مليار دولار، وهو الأكبر على الإطلاق منذ عام 1994، وانكمش العجز إلى 122.7 مليار دولار في فبراير، وفقاً لأحدث البيانات، لكنه ظل ثاني أكبر عجز تجاري على الإطلاق.
قالت نيكول سيرفي، الخبيرة الاقتصادية في ويلز فارجو "الزيادة في الواردات كانت في الغالب مرتبطة بالإمدادات الصناعية والسلع المعمرة غير القابلة للتلف"، ما يعكس رغبة المنتجين والمستهلكين في التخزين قبل تطبيق تعريفات ترامب.
الإنفاق
يُشكّل إنفاق المستهلكين والشركات الأميركية ثقلاً كبيراً في الاقتصاد الأميركي، ويقول الاقتصاديون إن هناك مؤشرات على تباطؤ الإنفاق في الربع الأول.
أثّرت حرب ترامب التجارية غير المتوقعة بشكل كبير على المزاج الاقتصادي الأميركي في الأشهر الأخيرة، وفقاً لاستطلاعات رأي مختلفة، ما عرّض طلب المستهلكين للخطر في المستقبل.
بالنسبة للمستهلكين، جاء معظم ضعف الإنفاق في الربع الأول نتيجة الطقس البارد القارس وحرائق الغابات في لوس أنجلوس، وفقاً لتقديرات الاقتصاديين.
في يناير انخفض الإنفاق على السلع والخدمات بنسبة 0.3 في المئة، بينما شهدت مبيعات التجزئة انخفاضاً أكثر حدة بنسبة 0.9 في المئة، وفقاً لبيانات وزارة التجارة، وشهد الإنفاق انتعاشاً أضعف من المتوقع في فبراير، ثم في مارس ارتفعت مبيعات التجزئة بشكل كبير بأقوى وتيرة شهرية لها منذ أكثر من عامين، خاصةً في قطاع السيارات، حيث سارع الأميركيون إلى استباق رسوم ترامب الجمركية، ومن المرجح أن يكون هذا الارتفاع مؤقتاً.
على صعيد الأعمال، أظهرت استطلاعات حديثة أجراها معهد إدارة التوريد، وهو مؤسسة أميركية غير ربحية، أن الشركات تشعر بالقلق إزاء سياسات ترامب في قطاعي التصنيع والخدمات.
انخفضت طلبات مجتمع الأعمال الجديدة على السلع الرأسمالية غير الدفاعية، بنسبة 0.3 في المئة في فبراير، ثم ارتفعت بنسبة ضئيلة بلغت 0.1 في المئة في مارس.
وكتب ريتشارد دي شازال، محلل الاقتصاد الكلي في شركة ويليام بلير المالية "كان هناك لمحة من الضعف" في هذه الأرقام، إلا أن استثمارات الأعمال في مارس "صمدت بشكل جيد" رغم قلق المستهلكين والشركات بشأن رسوم ترامب الجمركية.