دحض أدلة وجود حياة على كوكب K2-18b.. لكن البحث مستمر

يسعى العلماء منذ عقود للبحث عن أي بصمة حيوية خارج كوكب الأرض. شاتر ستوك
دحض أدلة وجود حياة على كوكب K2-18b.. لكن البحث مستمر
يسعى العلماء منذ عقود للبحث عن أي بصمة حيوية خارج كوكب الأرض. شاتر ستوك

في أبريل نيسان اكتشف علماء الفلك وميضاً لجزيئين يدوران في الغلاف الجوي لكوكب بعيد يُدعى K2-18b وهما جزيئان تُنتجهما الكائنات الحية فقط على الأرض.

كان هذا أوضح دليل نعرفه حتى الآن على وجود بصمة حيوية خارج كوكب الأرض، أو آثار حياة مرتبطة بالنشاط البيولوجي.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

بعد أسابيع من الاكتشاف ظهرت نتائج جديدة تدفعنا إلى ضرورة استمرار البحث.

قال الدكتور لويس ويلبانكس، باحث ما بعد الدكتوراه في كلية استكشاف الأرض والفضاء بجامعة ولاية أريزونا «كان الأمر مثيراً، لكنه مُحاط بالعديد من علامات التحذير، لأن ادعاء وجود بصمة حيوية مُحتملة سيكون أمراً تاريخياً».

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

في حين أن الجزيئين اللذين تم تحديدها على كوكب K2-18b من خلال دراسة أبريل هما ثنائي ميثيل الكبريتيد، وثنائي ميثيل ثاني الكبريتيد، يرتبطان إلى حدٍ كبير بالكائنات الميكروبية على كوكبنا، يشير العلماء إلى أن هذه المركبات يمكن أن تتشكل أيضاً دون وجود حياة.

قامت ثلاث فرق من علماء الفلك غير المشاركين في البحث، بما في ذلك ويلبانكس، بتقييم النماذج والبيانات المستخدمة في اكتشاف البصمة الحيوية الأصلية، وحصلوا على نتائج مختلفة تماماً.

في غضون ذلك أجرى المشرف الرئيسي على دراسة أبريل، نيكو مادوسودان، وزملاؤه، أبحاثاً إضافية يقولون إنها تعزز نتائجهم السابقة حول الكوكب.

بيانات مشوشة

يقع كوكب K2-18b على بُعد 124 سنة ضوئية من الأرض، ويُعتبر عموماً هدفاً جديراً بالبحث عن علامات الحياة.

يُعتقد أن الكوكب من فئة هيسيان، التي تعتبر أفضل فئة من الكواكب للبحث عن الحياة، والكوكب مُغطى بالكامل بالماء السائل وله غلاف جوي غني بالهيدروجين، وفقاً لبحث سابق أجراه مادوسودان، أستاذ الفيزياء الفلكية وعلوم الكواكب الخارجية في معهد علم الفلك بجامعة كامبريدج.

وبالتالي جذب كوكب K2-18b الانتباه بسرعة باعتباره مكاناً صالحاً للسكن خارج نظامنا الشمسي.

قام مادوسودان وزملاؤه في كامبريدج برصد الكوكب بواسطة أكبر تلسكوب فضائي عامل، وهو تلسكوب جيمس ويب الفضائي، لدراسة الكوكب بشكل أعمق.

لكن عالمين في جامعة شيكاغو، وهما الدكتور رافائيل لوك، باحث ما بعد الدكتوراه في قسم علم الفلك والفيزياء الفلكية بالجامعة، ومايكل تشانغ، زميل ما بعد الدكتوراه ببوربيدج، رصدا بعض المشكلات.

لاحظ لوك وتشانغ أن بيانات ورقة مادوسودان تبدو «مشوشة».

يُعدّ التشويش الناتج عن عيوب التلسكوب ومعدل وصول جزيئات الضوء المختلفة إليه، إحدى التحديات التي يواجهها علماء الفلك عند دراستهم للكواكب الخارجية البعيدة.

قال تشانغ إن هذا التشويش يمكن أن يشكك في الملاحظات والبيانات، خاصةً تلك المُتعلقة بمحاولة اكتشاف غازات محددة في أجواء الكواكب الخارجية البعيدة.

أوضح تشانغ أن أبرز خصائص غاز مثل ثنائي ميثيل الكبريتيد تنبع من رابطة بين جزيئات الهيدروجين والكربون، وهي رابطة قادرة على التمدد والانحناء وامتصاص الضوء عند أطوال موجية مختلفة، ما يُصعّب تحديد نوع واحد من الجزيئات بشكل قاطع اعتماداً على تلك الخصائص، «هناك مئات الملايين من هذه الجزيئات لأن هذه الخصائص ليست فريدة، إذا توفرت لديك بيانات دقيقة يُمكنك التمييز بين الجزيئات المختلفة، ولكن إذا لم تتوفر لديك بيانات دقيقة فإن العديد من الجزيئات، خاصةً الجزيئات العضوية، تبدو متشابهة جداً».

بالتعمّق أكثر في البحث، لاحظ لوك وتشانغ أيضاً أن درجة الحرارة المُدركة للكوكب مختلفة تماماً من نطاق يتراوح بين -23.15 مئوية إلى 26.85 مئوية في البحث الذي نشره مادوسودان عام 2023 إلى 148.85 مئوية في دراسة أبريل 2025.

وقال تشانغ إن مثل هذه درجات الحرارة القاسية يمكن أن تُغير طريقة تفكير علماء الفلك بشأن قابلية الكوكب للسكن.

نضيف إلى ذلك أن تحليل أبريل 2025 لم يتضمن بيانات جميع أجهزة التلسكوب الثلاثة التي استخدمها فريق مادوسودان على مدار السنوات القليلة الماضية.

لذلك أجرى لوك وتشانغ وزملاؤهما دراسة جمعت جميع البيانات المتاحة، ولم يجدوا «أدلة كافية» على وجود كلا الجزيئين في الغلاف الجوي للكوكب.

بدلاً من ذلك رصد فريق لوك وتشانغ جزيئات أخرى مثل الإيثان، لكن الإيثان لا يُشير إلى وجود حياة.

تلاشي الأدلة

وجد ويلبانكس من جامعة ولاية أريزونا وزملاؤه، بمن فيهم الدكتور مات نيكسون، باحث ما بعد الدكتوراه في قسم علم الفلك بجامعة ماريلاند كوليدج بارك، ما يعتبرونه مشكلة أساسية في ورقة أبريل البحثية.

قال نيكسون «لم يأخذ مادوسودان وزملاؤه في الاعتبار أي جزيء كيميائي آخر قد يُنتج هذه الإشارات الصغيرة، وهي جزيئات كثيرة، وبذلك يتلاشى الدليل على وجود ثنائي ميثيل الكبريتيد أو ثنائي ميثيل ثاني الكبريتيد في الكوكب».

عبء الإثبات

راجع مادوسودان عمل لوك وتشانغ، وقال في رسالة بريد إلكتروني «أتفق مع آراء (لوك وتشانغ) في الحاجة إلى أدلة أقوى» لتأكيد وجود الجزيئين على الكوكب.

وبدأ مادوسودان وزملاؤه في كامبريدج دراسة أخرى مُوسعة للبحث عن 650 نوعاً من الجزيئات على الكوكب.

قال مادوسودان «يُعد هذا أكبر بحث عن البصمات الكيميائية في كوكب خارج المجموعة الشمسية حتى الآن، باستخدام جميع البيانات المتاحة عن K2-18b»، وأضاف «نجد أن هناك احتمالات واعدة لتواجد ميثيل الكبريتيد في هذا الكوكب، لكن الأمر يتطلب المزيد من الرصد لتحقيق كشف دقيق».