تنتظر مجموعة من صناديق التحوط بفارغ الصبر اليوم الذي تعود فيه شركتا «فاني ماي» و«فريدي ماك» إلى الأسواق العامة، حيث قد يدر هذا الفصل أرباحاً بمليارات الدولارات على المستثمرين، لكنه قد يسبب صدمة في سوق الرهن العقاري الأميركي الذي تبلغ قيمته 12 تريليون دولار.
في الشهر الماضي، أعلن الرئيس ترامب عن خططه لجعل شركتي التمويل العقاري العملاقتين، فاني ماي وفريدي ماك، شركتين عامتين، وهذه الخطوة ستنهي فترة الـ17 عاماً التي قضتها الشركتان تحت إشراف الحكومة الفيدرالية بعد أزمة 2008، حيث لعبتا دوراً محورياً في توفير السيولة لسوق الرهن العقاري الأميركي.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
يحذر بعض الخبراء من أن فصل فاني وفريدي عن الرقابة الحكومية قد يؤدي إلى ارتفاع معدلات الرهن العقاري وتقليل الوصول إلى منتجات التمويل الشائعة، مثل القرض الثابت لمدة 30 عاماً، في وقت لا تزال فيه القدرة على تحمل تكاليف السكن بعيدة المنال للكثير من الأميركيين.
وفي الأسبوع الماضي، أرسل الديمقراطيون في مجلس الشيوخ رسالة إلى ويليام بولتي، رئيس وكالة التمويل السكني الفيدرالية، طالبوه فيها بتجميد أي جهود لطرح الشركتين في السوق العامة، خوفاً من زيادة تكلفة الاقتراض على المستهلكين.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
أحد المستثمرين الأكثر تفاؤلاً بهذه الخطوة هو الملياردير بيل أكمان، مدير صندوق التحوط «برشينغ سكوير كابيتال»، الذي يعد من أكبر حاملي الأسهم في الشركتين، وقال أكمان عبر وسائل التواصل الاجتماعي يوم الثلاثاء: «لقد كنا في طليعة الجهود نيابة عن جميع مساهمي (فاني وفريدي) لمساعدتهم على الخروج من فترة الرقابة الحكومية».
لم يكن أكمان وحده من راهن على الشركتين بعد أن استولت عليهما الحكومة خلال أزمة 2008، حيث انكشف قرب انهيارهما، ومن بين المستثمرين الآخرين الذين أعلنوا عن حصص لهم في الشركتين الملياردير كارل إيكاهن وجون بولسون، لكنهما لم يردا على طلبات CNN لمعرفة حجم حصصهما الحالية.
يرى بعض الخبراء، مثل لوري جودمان من معهد أوربان، أن طرح الشركتين للاكتتاب العام سيكون تحدياً كبيراً، حيث تبلغ القيمة الصافية لشركتي فاني وفريدي أكثر من 150 مليار دولار، وقد يكون الطرح العام الأكبر في التاريخ، متجاوزاً الاكتتاب الضخم لشركة أرامكو السعودية عام 2019 والذي جمع 26 مليار دولار.
«إنها مهمة معقدة للغاية»، قالت جودمان.
شركتا فاني ماي وفريدي ماك لم تكن مخصصة للبقاء تحت الرقابة الحكومية بشكل دائم، لكن محاولات ترامب السابقة لفصلهما لم تنجح، والآن يراهن المستثمرون على نجاح محاولته القادمة، ارتفعت أسهم الشركتين بعد انتخاب ترامب في نوفمبر، حيث زادت أسهم فاني نحو 500% وفريدي 400% خلال العام الماضي.
مشترو المنازل قد يدفعون أكثر
تسهل شركتا فاني وفريدي سوق الرهن العقاري الأميركي، أحد أكبر الأسواق في العالم، من خلال شراء الرهون العقارية من المقرضين وإعادة تعبئتها للمستثمرين، هذا يضمن تدفقاً ثابتاً للأموال إلى المقرضين، ما يمكنهم من تقديم أسعار فائدة أقل للمشترين المحتملين.
حالياً، تضمن الشركتان أكثر من نصف قروض الرهن العقاري في أميركا، وفقًا لوكالة التمويل السكني الفيدرالية.
لكن جودمان تتوقع أن أي خطة لفصلهما عن الحكومة ستؤدي إلى زيادة تكلفة الاقتراض، إذ قد يطلب المقرضون معدلات فائدة أعلى لتعويض غياب ضمانات الحكومة، خاصة للمقترضين ذوي الدخل المنخفض.
قالت: «لدينا سوق للرهن العقاري مدعوم بضمانات حكومية بقيمة تريليونات الدولارات، ولا يمكن العبث بهذه الضمانات دون التأثير على هذا السوق الضخم».
في تغريدة على وسائل التواصل الاجتماعي، أكد ترامب أنه يعمل على طرح الشركتين في السوق العامة، لكنه يريد التأكيد أن الحكومة الأميركية ستستمر في تقديم ضماناتها الضمنية.
لكن محللين مثل جودمان يرون أن تغريدة واحدة قد لا تكفي لطمأنة المستثمرين في سوق الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري، وقد تضطر الشركتان إلى دفع رسوم مقابل الحفاظ على هذه الضمانات، ما سيرفع التكاليف على المشترين في النهاية.
انتقادات وخلافات
تواجه خطة ترامب انتقادات من الديمقراطيين، الذين اتهموا الإدارة بالسعي لتقديم مكافآت لمساهمي حملته الانتخابية من المليارديرات، وفي رسالة إلى ويليام بولتي أعرب الديمقراطيون عن قلقهم من أن التغييرات قد تفضل أرباح المستثمرين على مصلحة ملايين الأميركيين الباحثين عن منازل.
يقول نوربرت ميشيل من معهد كاتو إن نظام الربح الخاص والخسارة الاجتماعية الذي كان السبب في أزمة 2008، لا ينبغي إعادته كما كان سابقاً.
مقامرة محفوفة بالمخاطر
لا تزال خطة إدارة ترامب غير واضحة التفاصيل، ما يجعل من الصعب تحديد قيمة حصص صناديق التحوط مثل حصص أكمان.
فبحسب اتفاق الرقابة الحكومية، تمتلك وزارة الخزانة الأميركية حصة تفضيلية لها الأولوية على جميع المساهمين الآخرين، حيث يجب على فاني وفريدي سداد ديون بقيمة 190 مليار دولار للحكومة قبل أن تتمكنا من إنهاء الرقابة، وهذا قد يمنع المستثمرين من تحقيق أرباح.
يؤكد أكمان أن الشركتين دفعا أكثر مما استلمتا من الحكومة، حيث سلمتا 301 مليار دولار كأرباح للخزانة منذ دخول الرقابة.
لكن محللين ماليين يحذرون من أن الاستثمار في الشركتين هو مقامرة، إذ تبلغ قيمة حقوق المساهمين الخاصة حالياً نحو -200 مليار دولار بسبب الدين المستحق للحكومة، ما يعني أن الاستثمار قائم على فرضية أن الحكومة ستتنازل عن هذا الدين.
(سامنثا ديلويا – CNN)