استثمارات المليارديرات ترفع قيمة الأندية الرياضية إلى مستويات قياسية.. كيف؟

هل يجذب الإنفاق الزائد على الفرق الرياضية تشجيع الجماهير؟
هل يجذب الإنفاق الزائد على الفرق الرياضية تشجيع الجماهير؟
هل يجذب الإنفاق الزائد على الفرق الرياضية تشجيع الجماهير؟

في سابقة تاريخية، تخطّت قيمة نادي لوس أنجلوس ليكرز حاجز العشرة مليارات دولار، لتصبح الأعلى على الإطلاق بين فرق دوري كرة السلة الأميركي للمحترفين، متجاوزة غريمه التقليدي بوسطن سيلتيكس الذي سجل مؤخراً قيمة قياسية قدرها 6 مليارات دولار.

هذا الارتفاع اللافت في تقييم الأندية لا يُعدّ استثناءً، بل يعكس توجهاً متسارعاً في السوق العالمية نحو اعتبار الفرق الرياضية أصولاً استثمارية نادرة، مدفوعة بالطلب المرتفع، وصفقات البث الضخمة، وتدفق رؤوس الأموال من المليارديرات الطامحين لمكان في الصفوف الأمامية لعالم الرياضة.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

لكن هذا الرقم القياسي قد لا يدوم طويلاً، ففريق نيويورك جاينتس، التابع لدوري كرة القدم الأميركية، بصدد شراء حصة ملكية بنسبة 10 بالمئة، ما قد يرفع القيمة الإجمالية للفريق إلى أكثر من 10 مليارات دولار، وفقاً لمارك غانيس، المستشار الرياضي المقيم في شيكاغو والذي يقدم المشورة لأندية دوري كرة القدم الأميركية ودوري كرة السلة الأميركي ودوري البيسبول الرئيسي، والواضح هو أن تقييمات الفرق الرياضية مستمرة في الارتفاع، وبسرعة.

قال فيكتور ماثيسون، أستاذ الاقتصاد في كلية الصليب المقدس والمتخصص في الأعمال الرياضية، إنه خلال 30 عاماً من دراسة مبيعات الرياضة، لا يتذكر فريقاً بيع بأقل من سعر الشراء.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

على سبيل المثال، بِيعَت حصة 10 بالمئة من أسهم ميلووكي باكس في سبتمبر أيلول 2024، ما صعد بقيمة فريق كرة السلة في الدوري الأميركي للمحترفين إلى 4 مليارات دولار، وهو ربحٌ غير متوقع مقارنةً ببيع الفريق قبل عقدٍ من الزمن مقابل 550 مليون دولار.

لذا، حتى لو صمد الرقم القياسي البالغ 10 مليارات دولار لفريق ليكرز لفترة أطول، فسيتم بيع فرق أخرى في نهاية المطاف بعلاوةٍ كبيرةٍ على سعر شرائها السابق.

في الوقت نفسه، قد يكون التأثير على الجماهير معقداً، وغالباً ما يتوق المشجعون علناً إلى مالكٍ مستعدٍّ لإنفاق ما يلزم لجعل الفريق منافساً، ومع ذلك فإن بعض أغنى الملاك لديهم سجلاتٌ سيئة، وفي النهاية من المرجح أن يهتم المشجعون بنسبة فوز الفريق أكثر من صافي ثروة مالكه.

لماذا ترتفع الأسعار؟

لطالما اعتُبرت الامتيازات الرياضية أصولاً قيّمة، مثل العقارات الفاخرة التي نادراً ما تُباع.

قال سال غالاتيو، أحد أبرز المصرفيين الاستثماريين الرياضيين الذين يتوسطون في مبيعات الفرق الرياضية: «الشيء الوحيد الذي أتذكره من كل تلك الدورات الاقتصادية هو أنه عندما يكون العرض ثابتاً، ويرتفع الطلب، ترتفع الأسعار. الأمر بهذه البساطة»، وأضاف: «من النادر جداً أن تتاح لك فرصة شراء حصة في فريق رياضي رائد».

ازدادت قيمة الفرق الرياضية خلال العقد الماضي، وقد أدى إلغاء الاشتراكات، والبث المباشر، وأجهزة تسجيل الفيديو الرقمي إلى صعوبة وصول المعلنين إلى المشاهدين، ما زاد من أهمية البرامج الرياضية المباشرة.

لطالما كانت الأحداث الرياضية الكبرى من بين أكثر الأحداث مشاهدة على التلفزيون.

وقالت لوري بيستيس، شريكة في الصفقات وأحد قادة قسم الرياضة في شركة برايس ووتر هاوس كوبرز للمحاسبة والاستشارات: «المحتوى الرياضي هو شريان الحياة لصناعة الإعلام، وهذا ما يُحقق قيمة هائلة لهذه الفرق».

في حين أدى إلغاء الاشتراكات إلى معاناة بعض الشبكات الرياضية الإقليمية من ضائقة مالية في السنوات الأخيرة، أبدت خدمات البث اهتماماً متزايداً ببث المباريات.

قالت بيستيس إنه من المنطقي أن ترتفع قيم الامتيازات الرياضية بالتوازي مع ارتفاع قيمة صفقات حقوق البث التلفزيوني المربحة، وقالت: «لسنا متفاجئين برؤية ارتفاع القيمة، وجميع البيانات تشير إلى استمراره».

وهناك عامل آخر: يعلم مشترو الفرق الرياضية المحترفة أنهم سيتمكنون من الوصول إلى بيانات قيّمة حول التركيبة السكانية وسلوك الإنفاق لمشجعيهم، وقالت بيستيس إنه يمكن تحقيق الدخل من هذه البيانات من خلال تجارب مشاهدة مختلفة، ومنتجات، وفعاليات.

وأضافت غالاتيتو أن زيادة الألعاب الرياضية منذ أن أصبحت قانونية في عام 2018 تزيد أيضاً من الاهتمام بالرياضة والبرامج الرياضية.

مليارديرات يصطفون للشراء

اصطف المستثمرون الأثرياء لشراء حتى حصص أقلية في الفرق، وهذا يساعد أيضاً على رفع القيم.

وقالت غالاتيتو: «هناك الكثير من الأموال الجديدة التي تتدفق إلى هذا المجال، أجد دائماً الأفراد ذوي الثروات العالية على استعداد لدفع المزيد، يحصل الفرد على قيمة تُرضي غروره، ويحصل على امتيازات، ويحصل على مزايا أخرى».

وقد يفكر المشتري المحتمل قائلاً: «أنا مستعد لدفع مبلغ إضافي لأكون مالكاً لفريقي المفضل، لكنني لست مستعداً لدفع مبلغ إضافي لأكون مالكاً لمجموعة من الأصول»، وفقاً لغالاتيو.

وقال المستشار الرياضي غانيس إن زيادة عدد المشترين المحتملين المهتمين بحصص الأقلية في الفرق قد تسهم في رفع الأسعار بشكل أكبر.

وقال: «إن عدد المشترين المحتملين لحصة 5 بالمئة أو 10 بالمئة أكبر بكثير من عدد المشترين المحتملين الذين يمكنهم شراء حصة 100 بالمئة».

أشار غانيس إلى أن رجل الأعمال الملياردير مارك والتر، الذي يشتري الآن حصة مسيطرة في فريق ليكرز بموجب هذه الصفقة، كان من بين مالكي الأسهم الأقلية الذين يمتلكون حصة كبيرة في الفريق.

كان لدى والتر حصة تقارب 27 بالمئة، لذا فإن شراءه نحو ربع الفريق هو كل ما يحتاج إليه لتجاوز عتبة الـ50 بالمئة، لم يكن عليه دفع 10 مليارات دولار كاملة في عرضه لشراء ليكرز، بل جزء بسيط فقط من هذا المبلغ، وفقاً لغانيس.

يقود والتر، الرئيس التنفيذي لشركة الاستثمار والاستشارات العالمية «غوغنهايم بارتنرز»، أيضاً شركة «غوغنهايم لإدارة البيسبول»، التي تمتلك حصة مسيطرة في فريق لوس أنجلوس دودجرز، حامل اللقب.

استثمرت «غوغنهايم لإدارة البيسبول» بكثافة في نجاح فريق «دودجرز». ويأتي بعد «دودجرز»، صاحب أعلى رواتب (338 مليون دولار) في البيسبول، فريق نيويورك ميتس، بمبلغ 325 مليون دولار، وفقاً لشركة «سبوتراك» لتتبع الرواتب.

فريق ميتس، الذي استحوذ عليه ممول وول ستريت ستيف كوهين عام 2020، وكان صاحب أعلى رواتب في عام 2024، خسر أمام فريق دودجرز في مرحلة ما بعد الموسم العام الماضي.

الإنفاق الزائد لا يعد شريطة النجاح

لكن الإنفاق الكبير على اللاعبين والمدربين والإدارة لا يؤدي بالضرورة إلى الفوز بالألقاب.

فاز فريق البيسبول صاحب أعلى رواتب ببطولة العالم مرتين فقط خلال الخمسة عشر عاماً الماضية: بوسطن ريد سوكس عام 2018 ودودجرز عام 2020، (دوري البيسبول الرئيسي هو الدوري الرياضي الأميركي الوحيد الذي لا يوجد فيه حد أقصى للرواتب).

شهدت تلك الفترة أبطالاً، مثل فريق كانساس سيتي رويالز، الذي كانت رواتب فريقه في عام 2015 جزءاً بسيطاً فقط من رواتب أعلى اللاعبين في الدوري.

الثروات الطائلة للطبقة الجديدة من الملاك أقل تأثيراً على نجاح الفريق في الدوريات التي تفرض حدوداً للرواتب، مثل الدوري الوطني لكرة القدم الأميركية ودوري الهوكي الوطني.

لذا، بينما قد يشعر مشجعو البيسبول بالإحباط عندما لا يرغب مالكوهم في الإنفاق لتحسين قائمة الفريق، فإن امتلاك فريق ذي موارد متواضعة لا يمنع الفريق بالضرورة من الفوز.

قال ماثيسون إنه درس العلاقة بين الفوز ورواتب اللاعبين في البيسبول، ووجد أن الرواتب المرتفعة تساعد الفرق على الفوز، على الأقل خلال الموسم العادي، لكن الرواتب مسؤولة فقط عن نحو 30 بالمئة من نجاح الفريق، أما نسبة 70 بالمئة المتبقية فتعود إلى عوامل مثل الإدارة الجيدة وتجنب الإصابات وحتى الحظ.

وقال: «إذا كنت مشجعاً، فأنت دائماً ما ترغب في مالك ينفق أموالاً أكثر، ولكن مجرد وجود مالك ينفق أموالاً أكثر لا يعني أنك تفوز بالبطولة بأكملها».

(كريس إيزيدور ومات إيغان، CNN)