يستعد مستثمرو وول ستريت لأسبوع حافل، في انتظار سيل من بيانات الوظائف القادمة خلال الأيام القليلة المقبلة، يمكن أن تؤدي بسهولة إلى تقلبات السوق.
إن مرونة سوق العمل في الولايات المتحدة هي أحد -إن لم تكن أكبر- مصادر القلق في المشهد الاقتصادي؛ إذ قال مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي (المركزي الأميركي) إنهم يعتقدون أن معدلات التضخم ستظل مرتفعة حتى تنخفض كل من بيانات التوظيف، ووتيرة زيادة الأجور، وهذا يعني أن رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بشكل مؤلم -على الأرجح- سيستمر حتى تهدأ سوق العمل.
سوق العمل ما زالت قويةً
خلال عام واحد فقط، رفع الفيدرالي أسعار الفائدة من الصفر تقريباً، ليتراوح بين 4.5 في المئة و4.75 في المئة لتهدئة الاقتصاد، وفي الوقت ذاته، بيانات الوظائف فاقت التوقعات خلال الأشهر العشرة الماضية، وسوق العمل باتت أقوى من أي وقت مضى؛ إذ أضافت الولايات المتحدة 517 ألف وظيفة في يناير كانون الثاني، ودفعت البطالة إلى أدنى مستوى لها منذ عام 1969.
وحتى مع التسريح الجماعي للعمالة في كُبرى الشركات مثل «فيسبوك» و«غوغل» و«غولدمان ساكس» و«إنتل» و«ميكروسوفت»، ما زال عدد الوظائف الشاغرة يضاعف عدد الباحثين عن عمل.
الاحتياطي الفيدرالي متمسك بسياساته
قالت ماري دالي رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو، يوم السبت، في جامعة برينستون «من أجل التغلب على نسب التضخم المرتفعة، من الضروري أن تطبق سياسة نقدية أكثر تشدداً، والإبقاء عليها لفترة أطول في ظل انخفاض نسبة البالغين في سن العمل والراغبين في وظائف، وتغير نسب تدفقات الهجرة، ستستمر القوى العاملة في الانكماش، ما يؤدي إلى ارتفاع الأجور والأسعار في نهاية المطاف في القريب العاجل وعلى المدى المتوسط».
محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر يشارك دالي الرأي أيضاً، إذ قال «تشير البيانات الأخيرة إلى أن الإنفاق الاستهلاكي لا يتباطأ بهذا القدر، وأن سوق العمل ما تزال قوية بشكل غير مستدام، وأن التضخم لا ينخفض بالسرعة التي كنت أعتقدها».
وأضاف والر «في حال استمرار صدور تقارير البيانات بهذه القوة، فلا بد من توسيع النطاق المستهدف بالسياسة المتشددة هذا العام بشكل أكبر لضمان عدم فقدان حركة الأسواق الموجودة قبل إصدار بيانات يناير كانون الثاني».
ولتوضح أهمية بيانات الوظائف للمستثمرين، أوضح والر أنه «إذا ظلت سوق العمل قويةً، فسيطبق الاحتياطي الفيدرالي مزيداً من السياسات المؤلمة».
4 بيانات اقتصادية منتظرة
من أهم البيانات الاقتصادية المنتظرة تقرير جداول الرواتب في القطاع الخاص الأميركي لشهر فبراير شباط، وتقرير دوران العمالة والوظائف الشاغرة الصادر عن وزارة العمل لشهر يناير كانون الثاني والمتوقع صدوره يوم الأربعاء.
أما يوم الخميس القادم فمن المقرر أن تصدر «تشالنجر، جراي وكريسماس» نسب تسريح العمالة لشهر فبراير شباط، أما الجمعة فهو الأهم؛ إذ من المتوقع صدور تقرير الوظائف الشهري لوزارة العمل.
ويتوقع محللون أن الاقتصاد أضاف مئتي ألف وظيفة في فبراير شباط، وهو أقل مما أُضيف في يناير كانون الثاني، ولكنه لا يزال ارتفاعاً تاريخياَ، ومن المتوقع أن يظل معدل البطالة في مستواه عند 3.4 في المئة، وفقاً لاستطلاع رأي أجرته «رفينيتيف».
أدى ثبات معدل البطالة المتوقع إلى قيام بعض الاقتصاديين برفع توقعاتهم للنمو الاقتصادي، إذ قال جوش هيرت كبير الاقتصاديين الأمريكيين في فانجارد «نحن عالقون في وسط فوضوي، النشاط الاقتصادي شهد ضعفاً في أكثر قطاعات الاقتصاد حساسية لتغير أسعار الفائدة، لكن القطاعات الأساسية لا تزال مرنة؛ لذلك نحن نواكب الفترة الفاصلة التي لم يطل تأثير أسعار الفائدة كل الاقتصاد».
وقال هيرت إنه يتوقع أن يرتفع معدل البطالة على الأرجح من أدنى مستوى له في 54 عاماً، وإن كان ببطء أو بتواضع، من نحو 4.5 في المئة إلى 5 في المئة بحلول نهاية هذا العام.
3 أحداث مهمة في واشنطن
سيُدلي رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول بشهادته أمام اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ يوم الثلاثاء، ولجنة الخدمات المالية بمجلس النواب يوم الأربعاء.
وسوف يسلم باول «تقرير السياسة النقدية نصف السنوي إلى الكونغرس»، ثم يمثل أمام المشرعين لساعات للرد على أسئلتهم، ومن المتوقع ألا تتصف تلك الأسئلة بنفس السلاسة المعهودة في المؤتمرات الصحفية، لأن بعض المشرعين ليسوا مغرمين بالنظام الحالي لرفع الفيدرالي لأسعار الفائدة.
ومن المتوقع أن يقدم الرئيس الأميركي جو بايدن يوم الخميس ميزانيته السنوية إلى الكونغرس، وتأتي خطته في وقت تشهد واشنطن اضطرابات مالية عميقة بين المشرعين، إذ يحتدم النقاش حول سقف الديون، وهو الحد الأقصى للمبلغ الذي تستطيع الحكومة الفيدرالية اقتراضه.
يرى الجمهوريون الذين يسيطرون على مجلس النواب عدم رفع الحد حتى تُجرى تخفيضات كبيرة في الإنفاق الفيدرالي، بينما رفض البيت الأبيض التفاوض.
عادةً ما تُستخدم ميزانية الرئيس كحجر أساس يساعد الكونغرس في تحديد أولويات الإنفاق للعام المقبل، ومن المرجح أن يفحص مستثمرو وول ستريت الميزانية المقدمة من أجل تحديد المناقشات التي من شأنها تحويل مسار السوق.
قال بايدن إن ميزانيته ستساعد في تعويض التكاليف المتزايدة للرعاية الطبية لكبار السن، والضمان الاجتماعي، والرعاية الصحية من خلال زيادة الضرائب على طبقة فاحشي الثراء، كما اقترح الرئيس العام الماضي ضريبة «الحد الأدنى لدخول أصحاب المليارات»، وأدت مقترحات بايدن الأخرى، مثل زيادة الضرائب على مكاسب رأس المال وإعادة شراء أسهم الشركات، إلى اضطراب وول ستريت.
كتبت- نيكول جودكيند (CNN)