ساتواكي كانوه ياباني يمتلك شركة تصنيع ألواح الأكريليك التي يوجد مقرها في طوكيو، وهو مشروع كبير يخشى أن يصبح أكثر تكلفة في السنوات المقبلة، بحسب ما ذكرت وكالة رويترز للأنباء.
ويحتاج كانوه إلى استبدال ما يقرب من اثنتي عشرة آلة قديمة في شركته، وهو أمر قد يكلفه مبالغ أكبر في ظل تخلي بنك اليابان عن سياسة الفائدة السلبية التي استمرت لنحو ثمانية أعوام، معلناً نهاية أعنف برنامج للتحفيز الاقتصادي في التاريخ الحديث.
وقال كانوه عن الآلات المخصصة التي تبلغ تكلفة القطعة الواحدة منها نحو 50 مليون ين (330 ألف دولار) «من الناحية المثالية، أود أن أفعل ذلك سنوياً، لكن ليس لدي الكثير من المال».
وأضاف أنه «إذا كان علينا أن ندفع الكثير للاقتراض، فقد ينتهي بنا المطاف إلى وضع صعب حقاً».
ورفع البنك المركزي الياباني هذا الأسبوع أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ 17 عاماً، وألغى سياسة أسعار الفائدة السلبية، وفي حين أن هذه الخطوة أكثر رمزية من أي شيء آخر -حيث تظل أسعار الفائدة ثابتة بالقرب من الصفر- فإنها فتحت الباب أمام شيء لم تشهده اليابان منذ عقود نحو عالم سيكون اقتراض الأموال فيه أكثر تكلفة.
والآن يعكف الملايين من اليابانيين، من أصحاب الأعمال الصغيرة مثل كانوه إلى مشتري المنازل للمرة الأولى، من أجل تحديد كيفية التكيف مع تكاليف الاقتراض المرتفعة بعد سنوات الانكماش الطويلة العجاف، حيث لم تتغير الأسعار والأجور وتكلفة اقتراض المال إلا بشكل طفيف.
آثار اقتصادية واسعة النطاق
التعامل مع هذه التحديات التي سيخلفها رفع أسعار الفائدة سيترك آثاراً واسعة النطاق في اقتصاد توظف فيه الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم نحو 70 في المئة من قوة العمل، ويمثل الاستهلاك الخاص فيه أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي.
ويشعر كانوه بالقلق بشأن الوتيرة المحتملة لزيادة أسعار الفائدة، وأضاف أن تكرار رفع أسعار الفائدة وبسرعة كبيرة لن تكون اليابان قادرة على التكيف معه.
تمتلك شركته، شينشي، نحو 100 مليون ين من القروض الآن، ولكن ذلك بسعر فائدة ثابت.
وقال إنه حتى بالنسبة لقرض أصغر يبلغ نحو 10 ملايين ين، فإن الفارق بين 3 في المئة و1 في المئة سيكون كبيراً، حيث يعادل دفع الفائدة السنوية عند مستوى 3 في المئة الراتب الشهري لموظف واحد.
آثار سياسة الفائدة الصفرية
لقد ظلت الشركات والأسر اليابانية ملتزمة منذ فترة طويلة بقواعد الفائدة الصفرية، التي تسمح لهم باكتناز الأموال النقدية وخفض التكاليف، وقد ترك ذلك الاقتصاد في حلقة مفرغة من النمو المتوقف أو الانكماش وأيضاً الأجور الثابتة.
إن التخلص من هذه العقلية الانكماشية قد يكون أمراً صعباً، حتى مع ارتفاع الأسعار وبعض الأجور.
في حين أن الشركات الكبرى تمنح الآن بعضاً من أكبر الزيادات في الأجور منذ عقود، فإنه من غير الواضح كم سينتقل ذلك إلى الشركات الأصغر.
وأظهر مسح أجرته رويترز يوم الخميس أن نحو 60 في المئة من الشركات اليابانية تتوقع ارتفاع أسعار الفائدة إلى 0.25 في المئة بحلول نهاية العام، وقال الكثيرون إنهم يتطلعون إلى زيادة الإنفاق قبل أن ترتفع تكاليف الاقتراض.
ويقول إييتشي هاجيوارا، الذي يملك تصميماً لمعدات معالجة المياه في طوكيو، إن ارتفاع تكاليف الاقتراض يمكن أن يؤدي إلى تآكل هوامش الربح الضئيلة بالفعل في الشركات الصغيرة.
بالنسبة لـ هاجيوارا، قد يؤدي ذلك إلى استبعاده للمشاريع الأكبر من دائرة اهتمامه، حيث تتطلب تلك المشاريع قروضاً لتغطية المواد والتكاليف الأخرى مقدماً، إن الاضطرار إلى دفع فائدة أعلى يعني في النهاية انخفاض هوامش الربح.
وقال هاجيوارا «لا يوجد عمل بهوامش كبيرة الآن»، «إذا لم أخفض الأسعار فلن أستطيع الحصول على العمل».
وبشكل عام، فهو يتجنب الإقراض، ويفضل الاحتفاظ بالاحتياطيات النقدية لتغطية تكاليف التشغيل، ويعتمد أيضاً على المهارات الشخصية، مثل اصطحاب العملاء لتعزيز العلاقات.
أسس الرجل البالغ من العمر 76 عاماً شركته، EN-TEC، قبل عقدين من الزمن ويعمل بها نحو 20 شخصاً، أحد مفاتيح النجاح هو توخي الحذر، وضمان إبقاء الأسعار منخفضة للحفاظ على العلاقات التجارية.
وقال «عليك التأكد من تحقيق الحد الأدنى من الأرباح الممكنة»، «إذا اقترضت المال وارتفعت أسعار الفائدة، فسوف تقع في مشكلة».
معاناة التضخم
ويأمل بعض أصحاب الأعمال، خاصة أولئك الذين يعتمدون على الواردات، أن تتمكن أسعار الفائدة أخيراً من وضع حد لضعف الين، وأدت عمليات البيع المزمنة للعملة إلى ارتفاع تكلفة الغذاء والوقود.
بالنسبة لياسونوبو تاشيرو، الذي يدير مطعماً ومتجراً لبيع حقائب اليد وغيرها من السلع المستوردة، كان الين يمثل صداعاً كبيراً.
وقال «نحن نعمل في مجال الاستيراد، لذا فإن ضعف الين يسبب لنا الكثير من المتاعب عندما نسافر إلى الخارج»، وأضاف أن المشتريات التي كانت تكلف ما يعادل 6700 دولار أصبحت الآن تكلف 10000 دولار.
ومع ذلك، فإن هاروكا يودا، مهندس تكنولوجيا المعلومات البالغ من العمر 29 عاماً، يبدو أكثر تفاؤلاً.
ورغم اقترضه المال لشراء منزل مع زوجته وطفله البالغ من العمر شهراً واحداً، فإنه يقول «أشعر بالأمل في أنهم لن يتحركوا كثيراً، حتى لو ارتفعت أسعار الفائدة بشكل كبير، فقد ترتفع رواتبنا أيضاً».
(1 دولار = 151.0600 ين)