في أجواء اقتصادية مشحونة بالتوترات الجيوسياسية والتقلبات المتسارعة، لا تزال المعادن الثمينة تثبت أنها أكثر من مجرد أصول تقليدية للتحوط، لكن المشهد اليوم يتغير، الذهب لم يعد وحده في الواجهة، فهناك لاعبان جديدان يستعيدان الأضواء بقوة؛ الفضة والبلاتين.
ما يحدث الآن ليس موجة قصيرة أو قفزة عابرة؛ بل تحول أعمق في ديناميكية الأسواق العالمية، الأرقام تتحدث، الفضة، التي لطالما عاشت في ظل الذهب، حققت أعلى مستوياتها منذ 12 عاماً، بينما تجاوز البلاتين حاجزاً لم يصل إليه منذ عام 2022، السؤال الذي يفرض نفسه هنا: هل نحن أمام فرصة استثمارية جديدة؟
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
3 دوافع رئيسية
1- الاضطرابات الجيوسياسية العالمية: خاصة في الشرق الأوسط، حيث أعادت صياغة شهية المستثمرين تجاه الملاذات الآمنة، التوترات المتصاعدة في المنطقة، سواء المتعلقة بمضيق هرمز أو النزاعات الإقليمية، جعلت البحث عن تحوط أكثر تنوعاً ضرورة وليس خياراً.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
2- الطلب الصناعي المتسارع: الفضة اليوم ليست مجرد زينة أو أصل استثماري، بل عنصر أساسي في صناعة الطاقة الشمسية وتقنيات التحول الأخضر، وهو ما أكدت عليه مؤسسات بحثية مثل بلومبيرغ إيكونوميكس ومجلس الفضة العالمي، أما البلاتين، فيستفيد بشكل مباشر من عودة النشاط الصناعي في الصين، مع تزايد الاعتماد عليه في التكنولوجيا النظيفة والقطاع الطبي.
3- شُح المعروض: أشارت تقارير مؤسسات بحثية مثل وود ماكنزي إلى أن الفضة والبلاتين مقبلان على فجوات بين العرض والطلب خلال عام 2025، ما يُبقي الأسعار تحت ضغط صعودي في الأجل المتوسط.
دور صناديق الاستثمار والمؤسسات الكبرى
لا يمكن تجاهل تدفق الأموال إلى صناديق الفضة والبلاتين المتداولة في البورصات، وفقاً لبيانات Refinitiv Lipper، شهدت صناديق الفضة تدفقات إيجابية بنسبة تفوق 8% منذ بداية العام، هذا الزخم يدعمه أيضاً استمرار البنوك المركزية -خاصة في آسيا- في تنويع احتياطياتها بعيداً عن الدولار، ما يعزز البيئة العامة للمعادن النفيسة.
كما أشار صندوق النقد الدولي مؤخراً إلى أن التوترات الجيوسياسية تزيد من مخاطر الاستثمارات التقليدية، وهو ما يدفع المؤسسات للبحث عن بدائل أكثر أماناً، وفي مقدمتها المعادن الثمينة.
هل الوقت مناسب؟
تعتمد الإجابة على منظور المستثمر، من يبحث عن تحوط طويل الأجل ضد التقلبات الاقتصادية والجيوسياسية، قد يجد في الفضة والبلاتين فرصة حقيقية، أما من يسعى وراء مكاسب سريعة، فعليه أن يتحلى بالحذر، لأن الأسواق قد تشهد تصحيحات مؤقتة، خاصة إذا تحسنت المؤشرات الاقتصادية العالمية أو خفت حدة التوترات.
نقطة التحول الحاسمة ستكون اختراق الفضة لمستوى 35 دولاراً، وهو حاجز نفسي وفني قد يفتح الباب أمام موجة جديدة من دخول المستثمرين الأفراد.
ستخرج الفضة والبلاتين الآن من ظل الذهب، مدعومين بعوامل اقتصادية وجيوسياسية واضحة، ومع أن الفرصة تبدو جذابة، يبقى التحدي في إدارة المخاطر وقراءة المشهد العالمي بدقة، الأسواق لا تمنح فرصاً مجانية، لكنها تكافئ من يحسن قراءة إشاراتها.
وفي زمن الاضطرابات، ربما تكون المعادن المنسية هي الرهان الرابح القادم.
تم إعداد هذه المقالة لصالح CNN الاقتصادية، والآراء الواردة فيها تمثّل آراء الكاتب فقط ولا تعكس أو تمثّل بأي شكل من الأشكال آراء أو وجهات نظر أو مواقف شبكة CNN الاقتصادية.