مضيق هرمز.. القلب الذي قد يُوقف نبض الاقتصاد العالمي

مضيق هرمز.. القلب الذي قد يُوقف نبض الاقتصاد العالمي
مضيق هرمز.. القلب الذي قد يُوقف نبض الاقتصاد العالمي
مضيق هرمز.. القلب الذي قد يُوقف نبض الاقتصاد العالمي
حسين بن حمد الرقيب clock

حسين بن حمد الرقيب

كاتب اقتصادي ومدير مركز زاد للاستشارات

في ظل التوترات المتصاعدة في منطقة الخليج يعود مضيق هرمز ليكون مركز الاهتمام العالمي، وهو الممر البحري الأكثر أهمية الذي يتحكم في استقرار الاقتصاد العالمي.

إغلاق المضيق ولو مؤقتاً لا يمثّل فقط تصعيداً سياسياً بل زلزالاً اقتصادياً قد يهز أسواق الطاقة والنقل والتجارة من طوكيو إلى نيويورك، يعبره يومياً نحو عشرين بالمئة من إنتاج النفط العالمي، ما يقارب سبعة عشر مليون برميل بالإضافة إلى شحنات كبيرة من الغاز الطبيعي المسال.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

هذا الرقم يوضح حجم الكارثة التي قد تحدث في حال تعطل حركة الملاحة في هذا الممر الحيوي، في ظل تصاعد غير مسبوق في المنطقة بعد انطلاق شرارة الضربات الصاروخية بين إسرائيل وإيران والتي قد تتطور إلى حرب مباشرة وهو ما يرفع من مخاطر إغلاق المضيق ويهدد بإشعال نزاع أوسع قد يشمل تدخل الولايات المتحدة في وقتٍ لاحق لدعم حلفائها وحماية ممرات الملاحة البحرية، ما يُضيف طبقة جديدة من عدم الاستقرار العسكري والسياسي في المنطقة.

الإغلاق الفعلي أو حتى مجرد التهديد به يؤدي إلى ارتفاع فوري في أسعار النفط في الأسواق العالمية بعدما شهدت أزمات سابقة تسببت في قفزات كبيرة في الأسعار تجاوزت عشرة دولارات للبرميل خلال أيام قليلة.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

وفي ظل الطلب العالمي المتزايد على الطاقة خصوصاً مع تعافي الاقتصادات من آثار جائحة كورونا، فإن أي تعطيل في الإمدادات يعني نقصاً حاداً وارتفاعاً غير مسبوق في التكاليف لدول مثل الصين والهند واليابان التي تعتمد بشكلٍ كبير على نفط الخليج، وستكون من أولى الدول المتضررة وترتفع معها تكلفة النقل والشحن، ما يؤثّر ذلك في أسعار السلع الاستهلاكية حول العالم ويدفع بمعدلات التضخم إلى مستويات حرجة.

العالم لم يتعافَ بعد من تداعيات أزمة سلاسل التوريد التي سببتها الجائحة، وإغلاق المضيق قد يُعيد إشعال الأزمة.

فإلى جانب النفط، تمر عبره شحنات ضخمة من البتروكيماويات والأسمدة والغاز المسال الذي تعتمد عليه دول كثيرة في التدفئة وتوليد الكهرباء. إن توقف الملاحة يعني تأخيراً في الشحنات وخسائر يومية تُقدّر بمليارات الدولارات لشركات النقل البحري وارتفاع تكاليف التأمين والشحن، ما يهدد باضطرابات إضافية في الأسواق العالمية لا سيما في الصناعات المرتبطة بالطاقة والبتروكيماويات.

ورغم أن دول الخليج تمتلك بدائل جزئية كميناء الفجيرة لتصدير النفط بعيداً عن المضيق وخط أنابيب النفط السعودي الذي يصل إلى البحر الأحمر، فإن هذه البدائل لا تستوعب كامل الصادرات ولا توفر المرونة نفسها.

كما أن التوترات الأمنية قد تؤثّر في ثقة المستثمرين في المنطقة وتدفعهم لإعادة النظر في ضخ الاستثمارات أو حتى سحب بعض الأموال من الأسواق الخليجية، ما قد يضغط على العملات المحلية وأسواق المال. 

إغلاق المضيق لن يمر دون ردود فعل من القوى الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة التي تعتبر أمن هذا الممر البحري جزءاً من مصالحها الاستراتيجية.. التصعيد العسكري المحتمل يضيف طبقة جديدة من المخاطر ليس فقط في منطقة الخليج بل على مستوى النظام الاقتصادي العالمي، التكاليف لا تتوقف عند الحرب وحدها بل تتعداها إلى تغيرات دائمة في سياسات الطاقة ودفع الدول الكبرى لتسريع خططها في تنويع مصادر النفط والابتعاد عن الاعتماد على نفط الشرق الأوسط الأمر الذي قد يُغيّر خريطة الاقتصاد العالمي مستقبلاً، إغلاق مضيق هرمز ليس حدثا جيوسياسي عابر بل كارثة اقتصادية محتملة قد تعصف بتوازن الأسواق العالمية، العالم بكل ما فيه من تكنولوجيا وتطور لا يزال معلقاً بخيط رفيع يمتد بين ضفتي الخليج وأي توتر في هذا الخط قد يشعل أزمة اقتصادية لا تقل في تأثيرها عن أي حرب عالمية لذلك الحفاظ على أمن المضيق ليس مصلحة إقليمية فقط بل مسؤولية دولية.