أثار إغلاق «نوردستروم»، و« وول مارت»، و«ستاربكس» و«سي في إس» وغيرها من سلاسل متاجر البيع بالتجزئة ذات العلامات الشهيرة في المدن الأميركية مؤخراً، موجة من القلق بشأن مستقبل تجارة التجزئة.
العديد من الأسباب أدت إلى دفع هذه المتاجر إلى الإغلاق، منها زيادة عدد الفروع بشكل مبالغ فيه، وأعداد الناس الذين يعملون من المنزل، والتسوق عبر الإنترنت، والإيجارات الباهظة، إضافة إلى الجريمة والمخاوف على السلامة العامة، وصعوبة توظيف العمال.
وفقدت سان فرانسيسكو ولوس أنجلوس وسان دييغو ونيويورك وسياتل وميامي وشيكاغو العديد من متاجر البيع بالتجزئة من بداية عام 2017 إلى نهاية عام 2021، وفقاً لبحث أجراه معهد «جيه بي مورغان تشيس».
قال تيري شوك الشريك المؤسس في شركة الاستشارات «شوك كيلي»، إنه «بمجرد أن تصبح هذه المدن أحياء حضرية حقيقية، ستتمكن من استعادة رونقها وجذب تجارة التجزئة بطرق وأشكال مختلفة».
الخوف من الجريمة
أشار بعض واضعي السياسات المتعلقة بالمتاجر، إلى الجريمة كسبب رئيسي للإغلاق، بعد مقاطع فيديو لحوادث سرقة متاجر، وقد قال عمدة نيويورك، إريل آدامز في فبراير شباط الماضي «إننا نخسر سلسلة المتاجر التي تغلق أبوابها، كما يخسر العاملون في تلك المتاجر وظائفهم بسبب الجريمة».
بلغ انكماش تجارة التجزئة 94.5 مليار دولار في عام 2021، بزيادة قدرها 53 في المئة عن عام 2019، وفقاً لمسح سنوي أجراه الاتحاد الوطني للبيع بالتجزئة لنحو 60 شركة من شركات التجزئة.
وكان أكبر مساهم في الانكماش هو سرقة العملاء، لكن المقياس يشمل أيضاً سرقة الموظفين والأخطاء البشرية وخسائر أخرى.
انتشار المتاجر المبالغ فيه
اتفق الخبراء أن عمليات الإغلاق لا تتعلق بالجريمة فقط، فقد عرضت عدة اتجاهات هذه المتاجر للخطر، ولعل أهم شيء هو وفرة المتاجر في أميركا.
وفقاً لما أورده «مورغان ستانلي»، فإن عدد المتاجر التي أغلقت أعمالها فاقت تلك التي افتُتحت في الفترة بين عامي 1995 و2021. عُرف هذا التوجه باسم «نهاية العالم للبيع بالتجزئة».
لذلك، في الأغلب إن عمليات إغلاق المتاجر في المدن الكبيرة، ما هي إلا جزء من عمليات الإغلاق التي تنفذها العلامة التجارية في جميع أنحاء البلاد.
أغلق « وول مارت» نحو 40 متجراً منذ عام 2021 وسيغلق 20 متجراً خلال العام الجاري، كما ستغلق «نوردستروم» 15 موقعاً في العام الجاري أيضاً، بينما أعلنت «سي في إس» في 2021، عن إغلاق نحو 900 متجر على مدار ثلاث سنوات.
التوجه إلى المدن الأقل في التكلفة
حتى في المتاجر التي لا تزال في وسط المدن، غالباً ما يتسوق عدد أقل من الناس، فأحد العوامل الرئيسية في هذا التحول، هو الوباء ما تسبب في التوجه إلى العمل عن بُعد.
بين عامي 2019 و2021، تضاعف عدد الأشخاص الذين يعملون من المنزل بشكل أساسي ثلاث مرات من نحو تسعة ملايين شخص إلى 27.6 مليون شخص، وفقاً لمكتب الإحصاء.
أدى ظهور العمل عن بُعد إلى تدمير مناطق التسوق في وسط المدينة، والتي صُممت لتلبية احتياجات موظفي المكاتب الذين يتنقلون يومياً.
ووفقاً لبحث الخبير الاقتصادي بجامعة ستانفورد «نيكولاس بلوم»، فإن موظف المكتب النموذجي ينفق نحو ألفي دولار إلى 4600 دولار أقل سنوياً في مراكز المدن، ومنهم من قرر التوجه إثر الجائحة إلى الضواحي، إذ غادر مليون شخص أيضاً المدن.
وجد معهد «جيه بي مورغان تشيس» أن تجار التجزئة أيضاً تركوا مدناً أكثر تكلفة مثل سان فرانسيسكو ونيويورك وتوجهوا إلى هيوستن وفينيكس الأرخص ثمناً.
ووفقاً لمركز الأبحاث، فقد خسرت سان فرانسيسكو نحو 6 في المئة من مؤسسات البيع بالتجزئة التابعة لها من عام 2019 إلى عام 2021، كما خسرت لوس أنجلوس نحو 4 في المئة وخسرت نيويورك 3 في المئة.
يأتي ذلك في الوقت الذي اكتسبت فيه هيوستن وفينيكس نحو 4 في المئة من مؤسسات البيع بالتجزئة الجديدة.
التسوق عبر الإنترنت
تتعرض متاجر البيع بالتجزئة أيضاً لضغوط من التحول المستمر إلى التسوق عبر الإنترنت.
شكلت التجارة الإلكترونية 14.7 في المئة من إجمالي مبيعات التجزئة خلال الربع الأخير من العام الماضي، وفقاً لمكتب الإحصاء، علماً أن الجائحة سرعت من هذا التوجه.
المغالاة في الإيجار
تسببت أزمة المغالاة، في رفع وتيرة الإيجار في المدن، إلى جانب رفع أجور العمال في إغلاق متاجر التجزئة.
في سان فرانسيسكو، كان متوسط سعر الإيجار خلال الربع الأول من العام الجاري نحو 43 دولاراً للقدم المربع. بلغ الإيجار في نيويورك نحو 32 دولاراً للقدم المربع، و33 دولاراً للقدم المربع في لوس أنجلوس.
في المدن التي ينمو فيها تجار التجزئة، مثل فينيكس وهيوستن، كان متوسط أسعار الإيجار 22 دولاراً و23 دولاراً للقدم المربع.
(ناثانيال ميرسون – CNN)