الطيران التجاري في أوروبا.. قطاع رئيسي بين النمو الاقتصادي والضغوط البيئية

يؤدي قطاع الطيران التجاري في أوروبا دوراً محورياً في تعزيز النمو الاقتصادي الأوروبي. (شترستوك)
قطاع الطيران في أوروبا
يؤدي قطاع الطيران التجاري في أوروبا دوراً محورياً في تعزيز النمو الاقتصادي الأوروبي. (شترستوك)

يؤدي قطاع الطيران التجاري في أوروبا دوراً محورياً في تعزيز النمو الاقتصادي، إذ يسهم بنحو 110 مليارات يورو، أو 119 مليار دولار، في الناتج المحلي الإجمالي الأوروبي، ويدعم أكثر من 440 ألف وظيفة عبر القارة.

ومع ذلك، فإن هذا القطاع يواجه ضغوطاً متزايدة بسبب السياسات البيئية التي تهدف إلى تقليل الانبعاثات الكربونية وتحقيق أهداف صافي الصفر بحلول عام 2050.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

أهمية الطيران التجاري

يُعتبر الطيران التجاري أداة أساسية لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، إذ كشفت دراسة أجرتها أوكسفورد إكونوميكس أن أي قيود على هذا القطاع قد تكلف أوروبا من 70 إلى 120 مليار يورو من الاستثمارات الأجنبية المباشرة بحلول عام 2030.

إذا تم فرض قيود مثل حظر الرحلات القصيرة أو تحديد عدد الرحلات في بعض المطارات الكبرى مثل أمستردام شخيبول وروما شيامبينو وبروكسل، فإن ذلك قد يؤدي إلى:

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

• تراجع عدد الرحلات التجارية بنسبة 45 في المئة إلى 70 في المئة، ما يعني انخفاضاً حاداً في القدرة التنافسية للشركات الأوروبية.

• انخفاض في الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI) بما يصل إلى 120 مليار يورو (130 مليار دولار)، ما يهدد النمو الاقتصادي على المدى الطويل.

• تأثر سوق العمل بانخفاض يصل إلى 104 آلاف وظيفة، خاصة في ألمانيا وإيطاليا وبولندا التي تعتمد بشكل كبير على الاستثمارات الأجنبية.

• خسائر ضخمة في قطاع التصنيع الجوي والخدمات اللوجستية، إذ من المتوقع أن يتراجع الطلب على الطائرات الجديدة وخدمات الصيانة والإصلاح.

التوازن بين الفوائد الاقتصادية والاستدامة البيئية

تشير الدراسة إلى أن الحد من الرحلات التجارية قد يساعد على تقليل انبعاثات الطيران بنسبة 32 في المئة إلى 61 في المئة سنوياً، وهو ما يعادل 0.03 في المئة فقط من إجمالي انبعاثات الكربون في الاتحاد الأوروبي.. وهذا يطرح تساؤلاً مهماً حول ما إذا كانت المكاسب البيئية تستحق التكلفة الاقتصادية الكبيرة المرتبطة بهذه القيود.

للتخفيف من الأثر البيئي دون الإضرار بالاقتصاد، يدعو الخبراء إلى توسيع استخدام الوقود المستدام للطيران (SAF)، الذي يمكن أن يقلل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لكل رحلة بنسبة تصل إلى 80 في المئة، إلّا أن الإنتاج الحالي من هذا الوقود لا يغطي سوى 10 في المئة من الطلب المتوقع لعام 2030، ما يستدعي زيادة الاستثمارات في هذا المجال.

هل يمكن للطيران التجاري أن يكون جزءاً من الحل؟

بدلاً من فرض قيود صارمة، يمكن للاتحاد الأوروبي تبنّي سياسات مرنة تدعم الابتكار في الوقود المستدام والبنية التحتية للطيران، كما أن نظام «الحجز والمطالبة» (Book & Claim) قد يُتيح لشركات الطيران شراء الوقود المستدام حتى لو لم يكن متاحاً في مطاراتها، ما يعزّز تبني الوقود النظيف دون تعطيل العمليات التشغيلية.

تقييد الطيران التجاري قد يكون مكلفاً لأوروبا

مع استمرار النقاش حول كيفية موازنة الأهداف البيئية مع الحاجة إلى الحفاظ على القدرة التنافسية الاقتصادية، توضّح الدراسة أن الطيران التجاري ليس مجرد رفاهية، بل محركاً رئيسياً للاستثمار والنمو.

لذا، فإن القرارات المستقبلية يجب أن تراعي التأثيرات الاقتصادية الواسعة لأي سياسات تقييدية، مع التركيز على الحلول التكنولوجية التي تُتيح الحد من الانبعاثات دون إلحاق ضرر بالنمو الاقتصادي الأوروبي.