أعلنت الشرطة النرويجية، الجمعة، أنها احتجزت سفينة نرويجية مملوكة لشركة محلية، ويعمل على متنها طاقم روسي، بسبب الاشتباه في تورطها في إلحاق أضرار بكابل بحري في بحر البلطيق.
وتأتي هذه الخطوة في ظل تصاعد المخاوف الأمنية لدى دول البلطيق، بعد سلسلة من الحوادث التي طالت كابلات تحت الماء خلال الأشهر الماضية، وسط اتهامات غير رسمية تشير إلى روسيا.
وأفادت الشرطة النرويجية بأن السفينة التي يملكها مشغل نرويجي، تم احتجازها بناءً على طلب من السلطات في لاتفيا.
احتجاز السفينة وبدء التحقيقات
السفينة المعنية، وهي ناقلة شحن ترفع العلم النرويجي باسم سيلفر دانيا، كانت تبحر بين سانت بطرسبرغ ومورمانسك عندما أوقفتها سفينة تابعة لخفر السواحل النرويجي، مساء الخميس، قبالة سواحل ترومسو شمال البلاد.
ووصلت السفينة إلى ميناء ترومسو صباح الجمعة، حيث صرَّحت الشرطة في بيان: «يُشتبه في أن السفينة كانت متورطة في إلحاق أضرار جسيمة بكابل ألياف ضوئية في بحر البلطيق، يربط بين لاتفيا والسويد».
وأضافت الشرطة أن التحقيقات بدأت على متن السفينة، حيث يتم استجواب الطاقم وجمع الأدلة، مؤكدة أن الطاقم والشركة المالكة يتعاونان بشكل كامل مع السلطات، وأشار البيان إلى أن جميع أفراد الطاقم روسيون.
وكانت لاتفيا والسويد قد أعلنتا في 26 يناير عن تعرض كابل ألياف ضوئية، مملوك لمركز البث الإذاعي والتلفزيوني الوطني في لاتفيا (LVRTC)، للضرر أثناء تشغيله بين جزيرة جوتلاند السويدية ومدينة فينتسبيلس في لاتفيا.
وقال المدعي العام النرويجي روني يورغنسن في مؤتمر صحفي: «يُشتبه في أن السفينة كان على متنها شخص له دور في هذا الحادث»، مؤكداً أن الضرر الذي لحق بالكابل يعد «عملاً تخريبياً خطيراً».
من جانبه، نفى مالك السفينة، وهي شركة الشحن النرويجية «سيلفر سي»، أي علاقة بالحادث، وقال تورمود فوسمارك، المدير التنفيذي للشركة، لوكالة فرانس برس: «أبحرنا بالقرب من جوتلاند، لكننا لم نُلقِ المرساة».
وأضاف: «لم نرتكب أي خطأ، والسلطات النرويجية طلبت منا التوجه إلى الميناء لتبرئتنا من أي علاقة بالحادث».
وأكد أن الطاقم الروسي كان يعمل مع شركته منذ فترة طويلة، مشدداً على أنه «متأكد بنسبة 100%» من عدم تورطهم في أي عمل تخريبي.
التحقيق مستمر وروسيا تراقب الموقف
وأفادت الشرطة بأن أفراد الطاقم الأحد عشر يتعاونون مع التحقيقات، وأنهم وافقوا طوعاً على تحويل مسارهم إلى ترومسو.
في غضون ذلك، أكدت السفارة الروسية في أوسلو أنها تتابع الوضع من كثب، مشيرة إلى أن أياً من البحارة لم يُعتقل، ولم يتصل بالسفارة لطلب المساعدة.
احتجاز سفينة بلغارية في السويد
تأتي هذه القضية بعد أيام من احتجاز السويد السفينة البلغارية، «فيزين»، المسجلة في مالطة، للاشتباه في تورطها في حادثة الكابل ذاتها.
وبدأت السلطات السويدية تحقيقاً في «تخريب متعمد»، حيث أظهرت الصور التي نشرتها وسائل إعلام محلية أن أحد مراسي السفينة كان مكسوراً.
لكن ألكسندر كالتشيف، الرئيس التنفيذي لشركة «نافيبولغار» المشغلة للسفينة، نفى أي تورط، قائلاً: «أنا مقتنع بأنه لا يمكن الجزم بأن هذا كان عملاً تخريبياً متعمداً».
ورغم ذلك، أكد المدعي العام السويدي ماتس ليونغكفيست لوكالة الأنباء السويدية TT أنه واثق من تورط السفينة البلغارية، مشيراً إلى أن السفينة لا تزال محتجزة قيد التحقيق.
سلسلة من الحوادث البحرية وسط توترات إقليمية
تأتي هذه الحادثة وسط تصاعد التوترات في بحر البلطيق، الذي أصبح ساحة للصراع بين الغرب وروسيا منذ غزو موسكو لأوكرانيا في فبراير 2022.
وقد دفع القلق المتزايد بشأن الأمن البحري السويد وفنلندا إلى إنهاء عقود من الحياد العسكري والانضمام إلى حلف الناتو، رغم تحذيرات موسكو من «عواقب» هذه الخطوة.
وكان بحر البلطيق قد شهد عدة حوادث غامضة خلال العامين الماضيين، من بينها حادث سبتمبر 2022، حيث حدثت تفجيرات غامضة أدت إلى تدمير أنابيب نورد ستريم التي تنقل الغاز الروسي إلى أوروبا، ولم يتم تحديد المسؤول عن الحادث بعد. وحادث أكتوبر 2023، حيث تم إغلاق خط أنابيب غاز بين فنلندا وإستونيا بعد تعرضه لأضرار، تبين لاحقاً أنها ناجمة عن مرساة سفينة صينية، وفي نوفمبر 2024، تم قطع كابلين للاتصالات في المياه السويدية، وفي ديسمبر 2024، تعرَّض كابل الكهرباء «إيست لينك 2» وأربعة كابلات اتصالات تربط فنلندا بإستونيا لأضرار بالغة.
وفي ظل هذه التهديدات، أطلق الناتو في يناير 2025 دوريات بحرية في بحر البلطيق لحماية البنية التحتية تحت الماء، بمشاركة فرقاطات وغواصات وطائرات مراقبة ومسيرات بحرية.
(أ ف ب)