يمضي جهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة بخُطى ثابتة نحو تحقيق نهضة زراعية غير مسبوقة، عبر تنفيذ مشروعات طموحة لاستصلاح 4.5 مليون فدان، في خطوة تهدف إلى تعزيز الأمن الغذائي وتقليل الاعتماد على الواردات.
ويأتي مشروع الدلتا الجديدة في مقدمة هذه الجهود، باعتباره حجر الأساس في استراتيجية الدولة لزيادة المساحة الزراعية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الاستراتيجية، بما يسهم في دعم الاقتصاد الوطني وتأمين الاحتياجات الغذائية لملايين المصريين.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قراراً بإنشاء جهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة، يختص بإنشاء مشروعات استصلاح متكاملة تضم أنشطة زراعية وتصنيع غذائي ولوجستي للتداول والتخزين ومزارع للثروة الحيوانية والداجنة وكذلك تنمية عمرانية.
ويأتي ذلك بهدف خلق مجتمعات اقتصادية إنتاجية تجذب السكان للخروج من وادي النيل الضيق، وتوفير ملايين فرص العمل، ما يسهم في نمو الناتج المحلي الإجمالي لمصر، وأسند لإدارة الجهاز العميد دكتور بهاء الغنام، الذي يمتلك خبرة ورؤية وإصرار لتحقيق أهداف الجهاز وتنفيذ توجيهات رئيس الجمهورية.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
زراعة 4.5 مليون فدان بحلول 2027
وبدأ جهاز مستقبل مصر العمل بتنفيذ 7 مشروعات للاستصلاح الزراعي بداية من منطقة الدلتا الجديدة، مروراً بالمنيا وبني سويف والفيوم، وصولا إلى أسوان والداخلة والعوينات مستهدفاً زراعة 4.5 مليون فدان بحلول عام 2027.
وتخطط مصر إلى زيادة الإنتاج الزراعي في البلاد عبر التوسع الرأسي لرفع إنتاجية الفدان الواحد أو التوسع الأفقي باستصلاح أراضٍ جديدة لزيادة المساحة المنزرعة، بهدف توفير احتياجات السوق المحلي من المحاصيل الأساسية لخفض فاتورة الواردات، ومن الخضراوات والفاكهة بأعلى جودة وأسعار مناسبة للتخفيف عن المواطنين.
وحقق جهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة قصة نجاح في تنمية مشروع الدلتا الجديدة، الذي يُعدّ أكبر مشروع متكامل في مصر لاستصلاح الأراضي بمساحة 2.2 مليون فدان، بداية من توفير مصادر المياه اللازمة للمشروع، بكميات بلغت 17.5 مليون متر مكعب من المياه يوميًا، اللازمة لاستصلاح هذه المساحة الضخمة، عبر تنفيذ الدولة المشروع القومي لتبطين الترع.
وأسهم ذلك في توفير مليارات الأمتار من المياه التي كانت تُهدر بطول مجاري الشبكة المائية في كافة أنحاء الجمهورية، إضافة إلى تنفيذ محطة الدلتا الجديدة، بطاقة إنتاجية 7.5 مليون متر مكعب يومياً، حصلت على العديد من الشهادات العالمية منها شهادة موسوعة جينيس كأكبر محطة معالجة في العالم.
نهر النيل الجديد
ونقلت المياه عبر نهر نيل جديد يمتد على مسار مكشوف ومواسير نقل مياه تحت الأرض بأطوال تصل إلى حوالي 500 كم. ويهدف هذا النهر إلى نقل المياه إلى المناطق الصحراوية المستهدفة بمشروع الدلتا الجديدة، مما يساهم في زراعة الأراضي الصحراوية.
ويعمل المشروع على تحسين إدارة الموارد المائية في المنطقة، ويقلل آثار التغيّرات المناخية، ويخفف من عبء المياه الزائدة في المناطق المجاورة، علاوة على ذلك يمتد مسار نهر النيل الجديد إلى مدن يصلها النهر أول مرة منها مدينة 6 أكتوبر، وسفنكس الجديدة، والشيخ زايد، وسيمتد ليصل إلى مناطق أخرى مستقبلا.
ويحقق نهر النيل الجديد العديد من العوائد الهامة على المستوى الزراعي والاقتصادي، أبرزها المساهمة في تعزيز الإنتاجية الزراعية وتوفير الفرص الاقتصادية الجديدة من خلال الاستثمار في الزراعة والصناعة.
وتم اختيار أفضل المواقع بصحراء مصر الغربية بجوار دلتا النيل القديمة من جهة الغرب، ويمتد المشروع ليشمل محافظات البحيرة والجيزة ومطروح، ويقع على امتداد محور الشيخ زايد ومحور تحيا مصر ويمر من خلاله الطريق الدائري الإقليمي، الأمر الذي يسهم بشكلٍ كبير في الربط بين محافظات الدلتا القديمة ومحافظات الجنوب وكذلك سهولة الوصول إلى الموانئ، كما يبعد المشروع مسافة تُقدّر بنحو 30 دقيقة فقط عن مدينة السادس من أكتوبر.
أراضي الدلتا الجديدة أجود من القديمة
أثبتت دراسات عديدة أجرتها مكاتب استشارية محلية وعالمية كبرى، أن جودة أراضي الدلتا الجديدة أفضل من الدلتا القديمة، والتي استهلكت على مدار العقود الماضية، وتم تصميم المشروع ليضم أراضي زراعية على مساحة 2.2 مليون فدان مزروعة بأفضل الأصناف عالية الجودة من المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والذرة وبنجر السكر وغيرها من المحاصيل، ما يؤدي إلى تقليل فاتورة استيراد هذه المحاصيل، وتحقيق الأمن الغذائي للبلاد، وكذلك من الخضراوات والفاكهة لتلبية احتياجات السوق، وتصدير الفائض للخارج.
ويضم مشروع الدلتا الجديدة، 100 صومعة لتخزين الحبوب بسعة 500 ألف طن، وثلاجات لحفظ الأغذية، ومجمعات صناعية للتصنيع الغذائي لتلبية احتياجات السوق، وتصدير الفائض للخارج، وسوقاً لوجستياً على مساحة 550 فداناً يوفر أكثر من 20 مليون طن سنوياً من تداول الحاصلات الزراعية، ليصبح أكبر سوق لوجستي في الشرق الأوسط.
ويسهم مشروع الدلتا الجديدة في تحقيق العديد من العوائد الاقتصادية والبيئية الهامة، إذ يعزّز الإنتاج الزراعي المحلي، ويعمل على زيادة المساحة المنزرعة بنسبة تصل إلى 23 في المئة من المساحة الزراعية الحالية في مصر، وهو ما يعادل تقريباً زيادة ربع المساحة الزراعية في البلاد، كما يسهم المشروع في تحسين الإنتاج المحلي من المحاصيل الاستراتيجية.
ويمثل مشروع الدلتا الجديدة خطوة كبيرة نحو تحقيق التنمية المستدامة في مصر، من خلال الابتكار الزراعي واستخدام تقنيات حديثة في الري ومعالجة المياه، وهذا المشروع لا يعزّز فقط قدرة مصر على مواجهة تحديات الأمن الغذائي وتوفير فرص العمل، بل يسهم أيضاً في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والبيئي على المدى الطويل.