كيف تسبب انقطاع الكهرباء في شبه الجزيرة الأيبيرية بحالة من الفوضى؟

(رويترز)
كيف تسبب انقطاع الكهرباء في شبه الجزيرة الأيبيرية بحالة من الفوضى؟
(رويترز)

بعد أن تعرضت كل من إسبانيا والبرتغال، يوم الاثنين لحالة توقف شامل للكهرباء في شبه الجزيرة الأيبيرية، أدى ذلك إلى لفت الانتباه إلى مدى اعتماد الحياة الحديثة على الطاقة.

وبدأت عمليات البحث عن سبب انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع في إسبانيا والبرتغال وأجزاء من فرنسا، والذي أدى إلى توقف القطارات وأجهزة البنوك وإشارات المرور، في واحدة من أكبر حالات انهيار شبكات الكهرباء في أوروبا على الإطلاق.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

وكان السبب الأكثر شيوعاً لانقطاع التيار الكهربائي غير المخطط له، والذي يؤدي إلى تعطيل الكهرباء على نطاق واسع، هو الأحوال الجوية القاسية مثل العواصف أو الصواعق أو الرياح العاتية.

انقطاع النقل والاتصالات

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

أدى انقطاع الكهرباء في منتصف النهار تقريباً إلى احتجاز الناس في المصاعد في عربات المترو والقطارات.

ومع عدم عودة التيار الكهربائي، تمت عمليات الإجلاء عبر الأنفاق وعلى مسارات القطارات.

إشارة الهاتف والإنترنت

بسبب عدم القدرة على تلقي الأخبار عبر الهواتف والإنترنت، لجأ الناس إلى أجهزة الراديو في السيارات أو أجهزة الراديو التناظرية إن كانت لا تزال متوفرة لديهم.

وازدحمت الطرق مع انقطاع إشارات المرور، وواجه الناس صعوبة في التنقل دون تطبيقات الخرائط التي ترشدهم.

أجهزة الصراف الآلي والسوبر ماركت

أغلقت العديد من محلات السوبر ماركت والمتاجر الكبرى أبوابها، بالإضافة إلى تعطل أجهزة الصراف الآلي وأنظمة الدفع الإلكتروني.

ونفدت المؤن الأساسية من المتاجر بسرعة، بينما واجهت متاجر أخرى خسائر بسبب عدم إمكانية تبريد المنتجات، كما رفضت بعض سيارات الأجرة نقل الركاب بدون نقود.

وكان من بين الأكثر تضرراً الأشخاص الذين يعتمدون على الوحدات الطبية المنزلية ذات مصادر الطاقة الاحتياطية المحدودة، وأولئك الذين يستخدمون أجهزة التنقل مثل الكراسي المتحركة.

ما سبب الانقطاع؟

مع اعتدال الطقس في جميع أنحاء المنطقة، بدأت عمليات البحث عن سبب انقطاع التيار الكهربائي الهائل، وانهيار أحد أكبر أنظمة الطاقة في أوروبا على الإطلاق.

واستبعدت شركة ريد إلكتريكا الإسبانية لتشغيل شبكة الكهرباء وجود هجوم إلكتروني، لكن المحكمة العليا الإسبانية قالت إنها ستفتح تحقيقاً.

وأشارت الشركة في بيان لها مساء الاثنين إلى تذبذب قوي في تدفق الطاقة، ما تسبب في خسارة كبيرة جداً في توليد الطاقة.

كما تُظهر البيانات انخفاضاً في توليد الطاقة الشمسية، التي كانت تُمثل غالبية كهرباء إسبانيا في ذلك الوقت، بأكثر من 50 في المئة.

وقال مصدر في قطاع الكهرباء إنه لم يكن هناك أيضاً ما يكفي من الطاقة الثابتة مثل تخزين الغاز والطاقة النووية والطاقة الكهرومائية، للتعامل مع الانخفاض المفاجئ.

أفاد مصدر آخر مطلع على القطاع بأن الشبكة الكهربائية الإسبانية تعمل بطاقة مخزنة قليلة، لتكون بمثابة احتياطي للتعويض عن التغيرات المفاجئة في الطلب أو العرض.

مزيج الطاقة في إسبانيا

تُعدّ إسبانيا من أكبر مُنتجي الطاقة المُتجددة في أوروبا، إذ تعتمد على طاقة الرياح والطاقة الشمسية بنسبة 43 في المئة من إجمالي إنتاجها، وهو أعلى بكثير من المتوسط العالمي، وفقاً لبيانات مركز أبحاث «إمبر».

أظهرت بيانات «ريد إلكتريكا» أن الطاقة الشمسية الكهروضوئية شكلت 59 في المئة من إنتاج الكهرباء في إسبانيا وقت انقطاع التيار الكهربائي، وطاقة الرياح ما يقرب من 12 في المئة، والطاقة النووية ما يقرب من 11 في المئة، ومحطات توربينات الغاز ذات الدورة المُركبة.

وانخفض إنتاج الطاقة الشمسية الكهروضوئية بأكثر من 50 في المئة ليصل إلى 8 غيغاوات، بعد أن كان أكثر من 18 غيغاوات، وفقاً للبيانات.

كيف تُعاد الكهرباء؟

تُعرف عملية استعادة الطاقة بعد انقطاع كبير باسم «البداية السوداء»، وتتضمن هذه العملية إعادة تشغيل محطات الطاقة تدريجياً بشكل فردي وإعادة ربطها بالشبكة.

وفي الوقت الذي سعت فيه إسبانيا لاستعادة المزيد من الطاقة يوم الاثنين، قامت بتشغيل المزيد من محطات الغاز والطاقة الكهرومائية، وزادت من وارداتها من فرنسا والمغرب.

فائض من الطاقة المتجددة؟

أثار الانهيار الذي وقع، يوم الاثنين جدلاً حول ما إذا كان تقلب إمدادات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح قد تجعل أنظمة الطاقة في إسبانيا أكثر عرضة لمثل هذا الانقطاع.

وقال رئيس الوزراء الإسباني سانشيز يوم الثلاثاء إنه لا توجد مشكلة فائض في الطاقة المتجددة، مضيفاً أن الطلب وقت الانقطاع كان منخفضاً نسبياً، وأن هناك وفرة في العرض.

وقال مفوض الاتحاد الأوروبي يورغنسن إنه لا يمكن حصر سبب الانقطاع في أي مصدر معين للطاقة.

وأدى التطور السريع لمصادر الطاقة المتجددة في أوروبا إلى غمر الشبكات خلال فترات أشعة الشمس الكثيفة وضعف الطلب، ما أدى في بعض الأحيان إلى انخفاض أسعار الكهرباء بالجملة إلى الصفر أو إلى السالب وإجبار مزارع الطاقة الشمسية على تقليص مدخلاتها.

ويتوقع المحللون زيادة في ساعات الأسعار السالبة في إسبانيا والبرتغال في عام 2025 بسبب التوسع المتزايد في مزارع الطاقة الشمسية.