التضخم الأساسي يعود للارتفاع في مصر

البنك المركزي المصري..التضخم الأساسي يرتفع رغم هدوء الغذاء (شترستوك)
البنك المركزي المصري..التضخم الأساسي يرتفع رغم هدوء الغذاء
البنك المركزي المصري..التضخم الأساسي يرتفع رغم هدوء الغذاء (شترستوك)

بعد فترة من التباطؤ النسبي، عادت معدلات التضخم لتُثير القلق مجدداً في شهر أبريل 2025.  ورغم أن المعدل العام شهد ارتفاعاً طفيفاً، فإن الزيادة في التضخم الأساسي قد تُثير تحديات كبيرة أمام صانعي القرار الاقتصادي. هذه الزيادة تعكس استمرار الضغوط السعرية في قطاعات حيوية بعيداً عن تقلبات المواد الأساسية كالغذاء والطاقة، ما يجعل الوضع أكثر تعقيداً أمام الشركات والمستثمرين.

فرغم أن معدل التضخم السنوي العام للحضر ارتفع بشكلٍ طفيف من 13.6 في المئة في مارس آذار إلى 13.9 في المئة في أبريل نيسان، فإن اللافت للانتباه هو ما كشفه البنك المركزي من تسارع في التضخم «الأساسي» الذي سجّل 10.4 في المئة مقارنة بـ9.4 في المئة في الشهر السابق، متماشياً مع التضخم العام.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

ولمن لا يفرّق بين الرقمين، فإن التضخم العام يشمل السلع والخدمات كافة، بما في ذلك المواد شديدة التقلب مثل الغذاء والطاقة.

أما التضخم الأساسي، فهو يستثني هذه العناصر الأكثر تقلباً ليعكس «نبض الأسعار» الحقيقي المرتبط بالطلب المحلي وقرارات السياسة النقدية.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

من هنا، فإن ارتفاع التضخم الأساسي هو مؤشر مقلق لصانعي القرار، لأنه يعني أن الضغوط السعرية لا تزال موجودة حتى بعد استبعاد تأثيرات الغذاء والوقود.

وعلى المستوى الشهري، سجّل الرقم القياسي الأساسي ارتفاعاً قدره 1.2 في المئة، مقابل 0.9 في المئة في مارس آذار و0.3 في المئة فقط في أبريل نيسان من العام الماضي، وهو ما يعكس اتساع نطاق الضغوط التضخمية بعيداً عن العوامل الموسمية المؤقتة مثل رمضان.

اللافت أن هذا التسارع في التضخم الأساسي جاء في وقتٍ شهد فيه قطاع الأغذية والمشروبات انخفاضاً شهرياً في الأسعار بنسبة 1.5 في المئة، وهو ما ساعد على تهدئة الرقم العام.

فبعد ارتفاعات موسمية خلال رمضان، عادت أسعار الفواكه واللحوم والدواجن إلى التراجع. ومع ذلك، لم يكن ذلك كافياً لتعويض الارتفاعات الحادة في قطاعات أخرى.

قطاع النقل، على سبيل المثال، سجّل قفزة هائلة بنسبة 9.9 في المئة على أساس شهري، متأثراً بتحريك أسعار الوقود، ما انعكس على تكاليف النقل العام والخاص، بل وتسربت آثاره إلى قطاعات أخرى عبر ما يعرف بـ«التمرير غير المباشر».

2025 عام الهبوط السريع، ولكن ليس بلا تكلفة

من يناير إلى أبريل نيسان 2025، انخفض التضخم العام من 23.9 إلى 13.9 في المئة، بينما تراجع التضخم الأساسي من 22.6 إلى 10.4 في المئة، وهو ما يعكس الأثر القوي للتشديد النقدي والسياسة المالية المنضبطة، إلى جانب تأثير القاعدة الحسابية (base effect).

لكن تراجع الأسعار لم يكن متوازناً عبر القطاعات؛ السلع المحددة إدارياً بقيت مرتفعة (25.5في المئة)، ما يعني أن الشركات لا تزال تواجه أسعاراً غير مستقرة في النقل والطاقة والخدمات العامة.

ماذا يعني ذلك للشركات والمستثمرين؟

بالنسبة لقطاع الأعمال، فإن هذا المزيج من تباطؤ التضخم الغذائي وارتفاع التضخم الأساسي يعني أن تكاليف التشغيل المرتبطة بالسلع والخدمات الأساسية لا تزال في تصاعد.

قد تواجه الشركات التي تعتمد على النقل والطاقة والخدمات الصحية ضغوطاً متزايدة في هوامش الربح، ما قد ينعكس على أسعار منتجاتها أو قدرتها على التوسع.

وفي ظل هذا الواقع، من غير المرجّح أن يتجه البنك المركزي إلى تخفيف السياسة النقدية في المدى القريب. فرغم أن التضخم العام أقل بكثير من الذروة التي تجاوزت 32 في المئة في أبريل نيسان 2024، وذلك بعد تغيير سنة الأساس، إلّا أن تسارع التضخم الأساسي سيجعل صانع القرار أكثر حذراً، خصوصاً مع استمرار تأثيرات تحرير الأسعار والتعديلات الضريبية والجمركية.

باختصار، استمرار ارتفاع التضخم الأساسي يمثّل عائقاً أمام أي تخفيف نقدي قريب، ويُبقي الشركات في حالة ترقّب وتخطيط مالي أكثر تحفظاً.

وعلى المستثمرين مراقبة مؤشرات التضخم المركبة، لا الرقم العام وحده، لفهم التوجه الحقيقي في السوق المصري.