في تحذير هو الأشد منذ بداية الحرب، أعلنت منظمة الصحة العالمية أن النظام الصحي في قطاع غزة «ينهار بالكامل». جاء ذلك التحذير بعد أن بلغ نقص المعدات الطبية 64 في المئة، فيما نفدت 43 في المئة من الأدوية الحيوية و42 في المئة من اللقاحات، ما يشكل خطراً وجودياً على ملايين المدنيين وسط شلل تام في الإمدادات وغياب أي مسار فعال للمساعدات.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
وقالت حنان بلخي، المديرة الإقليمية للمنظمة، خلال مؤتمر في جنيف «نحن في نقطة الصفر، هل تتخيلون جراحاً يعالج كسور العظام دون وجود مخدر؟».
وأضافت أن المنظمة لديها 51 شاحنة محملة بالمساعدات الحيوية عالقة عند معبر كرم أبو سالم، بانتظار الموافقة الإسرائيلية، رغم إعلان فتح مؤقت للمعابر الأسبوع الماضي، لم يشمل أي دعم من المنظمة.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
التكلفة الاقتصادية.. البنية الصحية تدفع ثمن الحرب
الانهيار الصحي في
غزة ليس إنسانياً فقط، بل يمثل كارثة اقتصادية تمتد آثارها إلى ما هو أبعد من القطاع.
وفقاً لتقرير الوضع الطارئ الصادر عن منظمة الصحة العالمية في 22 مايو أيار، فإن 42 في المئة من المستشفيات أصبحت غير عاملة، و56 في المئة من المرافق الأولية أغلقت أبوابها، بينما تعتمد المستشفيات المتبقية على مولدات كهرباء مرتفعة التكلفة، في ظل نقص حاد في الوقود وغياب التمويل اللازم.
وأشار التقرير إلى أن أكثر من 64 في المئة من المستلزمات الطبية القابلة للاستهلاك مهددة بالنفاد خلال أسابيع، ما يعطل العمليات الجراحية الحساسة مثل قسطرة القلب وجراحات العظام والعيون.
القطاع الصحي في غزة يخسر مليارات سنوياً
تُقدر الخسائر غير المباشرة للنظام الصحي في غزة، وفق تحليل تقني صادر عن الصحة العالمية، بمئات الملايين من الدولارات سنوياً، تشمل تكلفة المعدات التالفة، وتوقف الخدمات، وتكلفة الإخلاء الطبي وتأمين الوقود والطاقة البديلة.
ومع تراجع التمويل الدولي، وانخفاض الدعم المباشر بنسبة 34 في المئة منذ مارس آذار، تبقى فرص إنقاذ النظام شبه معدومة دون تدخل عاجل.
انهيار منظومة الإجلاء الطبي
منذ إغلاق معبر رفح، تراجعت عمليات الإخلاء الطبي بشكل حاد، وبين 18 مارس آذار و21 مايو أيار، لم يتم إجلاء سوى 251 مريضاً فقط، مقارنة بـ1700 خلال فترة الهدنة، ما يزيد الضغط على مستشفيات غير قادرة على استقبال الحالات الحرجة.
كما أظهر التقرير أن 10 مرافق طبية فقط من أصل 156 تخضع حالياً لعمليات ترميم، في ظل تآكل البنية التحتية وتدمير أكثر من 125 منشأة صحية ووقوع 808 هجمات مباشرة على المنشآت الصحية منذ أكتوبر تشرين الثاني 2023.
الصحة العالمية ترفض خطة بديلة أميركية
في موقف لافت، رفضت منظمة الصحة العالمية المشاركة في خطة بديلة لتوزيع المساعدات مدعومة من واشنطن عبر ما يُعرف بـ«مؤسسة غزة الإنسانية»، مبررة القرار بـ«عدم الحياد وخطر تعريض المدنيين للتهجير»، بحسب تصريحات رسمية.
وطالبت المنظمة في ختام تقريرها الأخير بوقف فوري لإطلاق النار، وضمان دخول مستدام وآمن للمساعدات، وتوسيع الممرات الإنسانية، وتسريع عمليات الإجلاء الطبي، وتوفير الحماية الكاملة لما تبقى من المرافق الصحية في القطاع.
في ظل هذه المعطيات، فإن استمرار الحصار والهجمات على المنشآت الصحية لا يهدد فقط أرواح المدنيين، بل يفاقم انهيار أحد أكثر القطاعات حيوية في غزة، ويعمق الأزمة الاقتصادية التي سيتطلب تعافيها سنوات من الجهد والدعم الدولي.