عبّر قادة دول جنوب شرق آسيا عن «قلقهم العميق» إزاء الإجراءات الجمركية الأميركية، خلال قمة ثلاثية جمعتهم مع الصين ودول مجلس التعاون الخليجي في العاصمة الماليزية كوالالمبور، في خطوة وصفها المجتمعون بأنها «استجابة لنداء العصر» في ظل التوترات الجيوسياسية المتصاعدة.
وفي بيان مشترك صدر مساء الثلاثاء، أعربت رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) عن قلقها إزاء «فرض إجراءات جمركية أحادية الجانب»، مؤكدة أن هذه السياسات تخلق «تحديات معقدة ومتعددة الأبعاد للنمو الاقتصادي والاستقرار الإقليمي والتكامل الاقتصادي داخل آسيان».
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
وأكدت المجموعة الإقليمية عزمها على الوقوف «صفاً واحداً» لمواجهة هذه التحديات، مع تعهد بتوسيع التعاون مع شركاء استراتيجيين، في مقدمهم الصين ودول الخليج.
تنويع الشراكات في ظل ضبابية أميركية
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
تأتي هذه المواقف بعد سلسلة من الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وأثارت قلقاً واسعاً في الأسواق العالمية، خصوصاً لدى الاقتصادات المعتمدة على التجارة في آسيا.
ورغم تعليق الولايات المتحدة تنفيذ بعض الرسوم لمدة 90 يوماً، فإن التجربة دفعت دول آسيان إلى تسريع جهودها لتنويع شبكات التبادل التجاري، والبحث عن بدائل موثوقة في مواجهة ما يُنظر إليه على أنه تقلب في السياسات الأميركية.
قمة كوالالمبور.. خطوة «رائدة»
استضافت ماليزيا أول قمة ثلاثية تجمع آسيان والصين ودول مجلس التعاون الخليجي، التي تضم: البحرين، الكويت، عُمان، قطر، السعودية، والإمارات.
وخلال القمة، وصف رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ الاجتماع بأنه «خطوة رائدة في التعاون الاقتصادي الإقليمي»، مشيراً إلى أن القمة تعقد «في ظل وضع دولي متقلّب».
وأشادت «خو بينغ هووي» من جامعة مالايا بالمشاركة الصينية، معتبرة أنها «محسوبة وفي الوقت المناسب»، إذ ترى بكين في القمة فرصة لتعزيز مكانتها كشريك اقتصادي يمكن الاعتماد عليه، خصوصاً في ظل محاولات الغرب للحد من الاعتماد على الصين اقتصادياً.
تبادل المصالح بين الصين وآسيان
تُعد الصين الشريك التجاري الأكبر لدول آسيان، وشهدت صادراتها إلى كل من تايلاند، إندونيسيا، وفيتنام ارتفاعاً ملحوظاً في أبريل الماضي، مدفوعة بتحويل مسارات تجارية كانت مخصصة سابقاً للسوق الأميركية.
من جانبه، دعا لي تشيانغ خلال مأدبة العشاء الرسمية إلى «مواصلة الانفتاح» بين آسيان ودول الخليج والصين، مشدداً على أهمية تكامل الأسواق في ظل التحديات العالمية.
موقف متوازن لآسيان
دول آسيان لطالما حرصت على تبني سياسة متوازنة بين الولايات المتحدة والصين، لتجنب الاصطفاف في صراعات القوى الكبرى، وتحتل الصين المرتبة الرابعة بين أكبر مصادر الاستثمارات الأجنبية المباشرة في جنوب شرق آسيا، بعد الولايات المتحدة واليابان والاتحاد الأوروبي.
وأكد رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم في مؤتمر صحفي عقب المحادثات أن «موقف آسيان هو الوسطية»، مضيفاً: «نحن منفتحون على التعاون مع الصين، ولكن أيضاً حريصون على الحفاظ على علاقات متوازنة وجيدة مع الولايات المتحدة».
وكشف أنور عن إرساله رسالة إلى الإدارة الأميركية يدعو فيها إلى عقد قمة بين آسيان والولايات المتحدة هذا العام، دون أن يتلقى رداً حتى الآن.
بحر الصين الجنوبي يظل مصدر توتر
رغم التقارب الاقتصادي، لا تزال القضايا الأمنية تشكّل مصدر توتر، لا سيما في بحر الصين الجنوبي، حيث تتنازع بكين السيادة مع خمس دول أعضاء في آسيان.
وحذّر الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس خلال القمة من «الحاجة الملحة لتبني مدوّنة سلوك ملزمة قانوناً» بشأن بحر الصين الجنوبي، في ضوء التصعيد بين بلاده والصين خلال الأشهر الأخيرة.
وعلّق أنور إبراهيم على المحادثات التي أجراها مع الجانب الصيني والفلبيني بالقول: «لا يمكن حل جميع القضايا الآن، لكننا شهدنا انخراطاً إيجابياً بالفعل».