في خطوة استراتيجية تعكس طموحاتها المتزايدة لتعزيز مكانتها كمركز عالمي للابتكار والتكنولوجيا، نظّمت أبوظبي «منتدى الاستثمار» في العاصمة اليابانية طوكيو، بحضور وفد اقتصادي رفيع المستوى وعدد كبير من قادة الأعمال اليابانيين.
تأتي هذه الزيارة ضمن جهود الإمارة لتوسيع آفاق التعاون الاقتصادي والتقني مع أحد أبرز شركائها العالميين، حيث تم توقيع عدد من الاتفاقيات الثنائية المهمة التي تركز على مجالات الذكاء الاصطناعي، والتصنيع المتقدم، والتقنيات المالية والرقمية، إضافة إلى الطاقة النظيفة والبنية التحتية، وشهد المنتدى نقاشات معمّقة بين ممثلي القطاعين العام والخاص في البلدين، تم خلالها استعراض الفرص الاستثمارية التي توفرها أبوظبي في إطار تحولها نحو اقتصاد معرفي متنوع وأكثر استدامة.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
العلاقات بين أبوظبي وطوكيو ليست وليدة اللحظة، بل تمتد جذورها إلى أكثر من ستة عقود من التعاون الثنائي، تجسدت في دعم اليابان لمسيرة التنمية في الإمارات منذ البدايات، وقد استذكر الوفد الإماراتي خلال المنتدى محطة رمزية في هذه العلاقة، وهي مشاركة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في معرض “إكسبو أوساكا 1970”، حيث قدّم للعالم حينها رؤية أبوظبي المستقبلية، في وقت رحّبت فيه اليابان بهذه الرؤية الطموحة، واليوم، تعود أبوظبي إلى اليابان وقد أصبحت إحدى أكثر الاقتصادات ديناميكية في العالم، لتعبّر عن امتنانها لهذا الدعم المبكر، وتسعى إلى فتح صفحة جديدة من التعاون الاستراتيجي طويل الأمد.
تشهد العلاقات الاقتصادية بين الجانبين نمواً لافتاً، إذ ارتفع حجم التبادل التجاري بين أبوظبي واليابان في عام 2024 بنسبة 4.8% ليبلغ نحو 49.7 مليار دولار، كما سجلت التجارة غير النفطية نمواً بنسبة 9% والصادرات الإماراتية نمواً بنسبة 16%، وتوقّع المشاركون في المنتدى أن تتعزز هذه العلاقات مع توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة (CEPA) المرتقبة في عام 2025، والتي ستوفر إطاراً مؤسسياً أقوى لدفع التبادل التجاري والاستثماري إلى مستويات أعلى، وتُعد أبوظبي حالياً ثاني أكبر مزوّد للنفط لليابان، ومصدراً مهماً للغاز والألومنيوم، فيما تستضيف أكثر من 4,000 مواطن ياباني و400 شركة يابانية تعمل في قطاعات متنوعة داخل الإمارة.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
اقتصاد أبوظبي يشهد تحوّلاً هيكلياً مدروساً يعكس نجاح سياساتها في التنويع، حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي إلى 327 مليار دولار خلال عام 2024، بنمو نسبته 3.8%، فيما بلغت مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج 54.7%، وهي أعلى نسبة تُسجَّل في تاريخ الإمارة، وتُعد أبوظبي اليوم موطناً لواحد من أكبر رؤوس الأموال السيادية في العالم، بإجمالي أصول تتجاوز 1.7 تريليون دولار، وتستحوذ على 68% من الناتج المحلي لدولة الإمارات، وتُصنّف ضمن أسرع الاقتصادات نمواً في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ولتسريع هذا التحول، أطلقت أبوظبي عدداً من المجمعات الاقتصادية المتخصصة التي تشكّل ركائز جديدة لنمو المستقبل، من بينها مجمع SAVI للابتكار في الصناعات المستقبلية، ومجمع AGWA للزراعة والتكنولوجيا الحيوية، ومجمع HELM للصناعات الحيوية والصحية، ومن المتوقع أن تسهم هذه المجمعات في خلق أكثر من 140 ألف وظيفة جديدة، واستقطاب استثمارات تتجاوز 90 مليار دولار بحلول عام 2045، بما يعزز من قدرة أبوظبي على جذب المواهب العالمية وتوطين التكنولوجيا المتقدمة في بيئة اقتصادية مرنة ومزدهرة.
وفي ختام المنتدى، وجّه الوفد الإماراتي دعوة مفتوحة للمستثمرين اليابانيين للاستفادة من الفرص الكبيرة التي توفرها أبوظبي، مؤكداً أن الإمارة ليست مجرد مركز أعمال، بل هي نموذج لدولة نهضة حديثة تجمع بين الرؤية الاقتصادية العميقة والانفتاح الثقافي والتنوع المجتمعي، ومع موقعها الجغرافي الذي يتيح الوصول إلى 80% من سكان العالم في غضون ثماني ساعات فقط، تبرز أبوظبي اليوم كنقطة التقاء حيوية بين الشرق والغرب، ومركزاً عالمياً جديداً للمال، والأعمال، والابتكار، والفن.