الشتاء قادم، وبالنسبة لأي منتجع تزلج في فرنسا، فهذا يعني مواجهة حقيقة عدم وجود ما يكفي من الثلج للاستمرار.
لقد قررت بلدة لا سامبوي التي تدير وجهة تزلج عائلية بالقرب من مون بلان في جبال الألب الفرنسية، تفكيك مصاعد التزلج الخاصة بها، لأن الاحتباس الحراري قد قلص موسم التزلج إلى بضعة أسابيع فقط، ما يعني أنه لم يعد من المربح الاستمرار في تشغيلها.
قال رئيس بلدية لا سامبوي، جاك داليكس، لشبكة CNN «سابقاً، كان لدينا ثلج تقريباً من الأول من ديسمبر كانون الأول حتى الثلاثين من مارس آذار». وأضاف: «لكن الشتاء الماضي، لم يكن هناك سوى أربعة أسابيع من الثلج، وحتى في تلك الفترة، لم يكن هناك الكثير من الثلج»، وهذا يعني أنه «بسرعة كبيرة ظهرت الصخور والحجارة على المسار».
ونظراً لإمكانية الافتتاح لأقل من خمسة أسابيع خلال شهري يناير كانون الثاني وفبراير شباط، قال داليكس إن المنتجع يواجه خسارة تشغيلية سنوية تبلغ نحو 500,000 يورو (530,000 دولار)، وتكلفة تشغيل المصاعد وحدها تبلغ 80,000 يورو سنوياً.
لا سامبوي ليس منتجعاً ضخماً، إذ يتوفر فقط ثلاثة مصاعد وعدد قليل من المسارات التي تصل إلى ارتفاع أعلى يبلغ 1,850 متراً (نحو 6,070 قدماً)، ولكن بفضل مجموعة من المنحدرات التي تتراوح ما بين «بلاك» للخبراء و«جرين» للمبتدئين وتكاليف تذاكر التزلج المنخفضة نسبياً، كان منتجعاً محبوباً من قبل العائلات التي تبحث عن تجربة جبال الألب بأجواء هادئة أكثر من تلك المقدَّمة من قِبل وجهات أكبر وأعلى ارتفاعاً.
ويعتبر موقع التقارير البريطاني عن التزلج والثلج «اون ذا سنو» أن منتجع لا سامبوي مكاناً مثالياً للزيارة، مع مناظر بانورامية استثنائية وكل ما تحتاج إليه في منتجع لطيف.
هذا الصيف، مع حلول وقت الأزمة للتخطيط لموسم الشتاء، اتخذ مجلس مدينة لا سامبوي القرار بإغلاق المنتجع الذي يديره منذ عام 2016، ورغم أنه من المقرر تفكيك البنية التحتية للتزلج في أقرب وقت ممكن، فإنه من المأمول أن تستمر المدينة في جذب الزوار.
قال داليكس إن المنتجع الذي يسوّق نفسه أيضاً كوجهة للمشي والرياضات الخارجية في الصيف، سيصبح بدلاً من ذلك مكاناً لاكتشاف وحماية الطبيعة، والقيام بالمشي، وممارسة الرياضة، إذا سُمح بذلك.
وتظهر على الموقع الإلكتروني لـ«لا سامبوي» الآن رسالة تقول إن منتجع التزلج «أُغلق نهائياً» في 10 سبتمبر، عقب قرار مجلس البلدة، وأضافت الرسالة «شكراً للجميع على موسم الصيف الأخير لعام 2023، وعلى جميع السنوات الرائعة التي قضيتموها بجانبنا».
خطر نقص الثلج
لا سامبوي ليست المنتجع الفرنسي الوحيد الذي يواجه الانهيار، في العام الماضي، اختارت سانت فيرمين -وجهة تزلج صغيرة أخرى في جبال الألب- إزالة مصعد التزلج الخاص بها بعد أن رأت موسم الشتاء يتناقص من أشهر إلى أسابيع، ويرجع سبب هذا أيضاً إلى تغير المناخ.
تقول «ماونتن وايلدرنيس» (البرية الجبلية)، وهي مجموعة بيئية فرنسية، إنها قامت بتفكيك 22 مصعداً للتزلج في فرنسا منذ عام 2001، وتقديراتها تشير إلى وجود 106 مصاعد تزلج مهجورة في 59 موقعاً في البلاد.
وفقاً لتقرير نشرته المجلة العلمية «تغير المناخ الطبيعي» Nature Climate Change في أغسطس، من المرجح أن تواجه 53 في المئة من 2,234 منتجعاً للتزلج شملها الاستطلاع في أوروبا «مخاطر عالية جداً للإمداد بالثلوج» عند درجتين مئويتين (3,6 فهرنهايت) نتيجة ارتفاع الاحتباس الحراري فوق مستويات ما قبل الصناعة، دون استخدامٍ للثلج الاصطناعي.
وفقاً لتقرير نُشر في يناير في مجلة «وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم» في الولايات المتحدة الأمريكية، «هناك احتمال كبير» لتجاوز ارتفاع درجات الحرارة العالمية عتبة درجتين مئويتين بحلول منتصف القرن.
قال داليكس من لا سامبوي إن «جميع منتجعات الرياضات الشتوية في فرنسا تتأثر بالاحتباس الحراري»، وخاصة تلك التي تقع في مناطق جبلية متوسطة الارتفاع بين 1,000 و1,500 متر.
ليس الجميع في بلدته على استعداد للتخلي دون مقاومة، على الرغم من ذلك.
تم إطلاق عريضة هذا العام من قبل جمعية تحمل اسم «كلنا معاً من أجل لا سامبوي»، تحث على الاحتفاظ بالمنتجع وغيره من المنتجعات مفتوحة من خلال اعتماد نموذج أكثر «استدامة»، بشكل رئيسي عن طريق تشغيل كرسي التلفريك في الصيف لنقل الزوار إلى الجبل.
وقد اكتسبت العريضة أكثر من 1,900 توقيع، وفقاً لكريستيان بايلي، رئيس الجمعية، فإن المجموعة تتخذ إجراءات قانونية لعكس قرار مجلس البلدة.
وقال إن الإغلاق «ضار» بالبلدة المحلية والإقليم، مضيفاً أن منتجع التزلج هو «عنصر اجتماعي في بلدتنا الصغيرة التي يبلغ عدد سكانها 7,500 نسمة».
قال داليكس إن سبب الإغلاق واضح، وقال «إن الاحتباس الحراري قائم بوضوح» وإنه يحدث «بسرعة أكبر حتى من توقعات العلماء»، وقال إنه كان من الصعب بشكل متزايد على منتجعات التزلج أن تعمل، إذ «أُجبر الكثيرون على التكيف» مع مناخ جديد.
(مايا شانيسكي – CNN)