لا يختلف أحد على ضرورة التحول الأخضر وأهميته في خفض الانبعاثات الكربونية والحد من تغيّر المناخ، لكن يقابل هذا التوجه تحديات منها تزامنه مع الاتجاه العالمي للتحول الرقمي وتطوير الذكاء الاصطناعي الذي يتطلب المزيد من الكهرباء ويرفع الطلب على الطاقة.
وقال وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في الإمارات د.سلطان الجابر «إن حل التناقض بين تعطش الذكاء الاصطناعي للكهرباء وقدرته على تسريع عملية انتقال عادلة سيتطلب تعاون شركات التكنولوجيا والطاقة بطرق جديدة ومبتكرة»، مشيراً إلى أن تطوير الذكاء الاصطناعي سيؤدي بالضرورة إلى زيادة الطلب على الطاقة.
وأضاف د.الجابر في مقال رأي نشر يوم الأربعاء على موقع منظمة «بروجيكت سنديكيت» أن هناك إمكانات كبيرة للذكاء الاصطناعي في مكافحة تغير المناخ، إذ يمكن لهذه التكنولوجيا المتطورة أن تغير وتيرة التقدم نحو أهداف المناخ من خلال إعادة تصميم العمليات الصناعية، وتحسين أنظمة النقل، وزيادة كفاءة الطاقة، وتقليل الانبعاثات على نطاق واسع.
تعطش الذكاء الاصطناعي للطاقة
كشفت دراسة لغولدمان ساكس أن طلب استعلام واحد لبرنامج الذكاء الاصطناعي تشات جي بي تي يتطلب 2.9 واط لكل ساعة من الكهرباء، مقارنة بنحو 0.3 واط لكل ساعة التي يتطلبها بحث على متصفح غوغل، في إشارة إلى حجم استهلاك الطاقة الضخم الذي يحتاج إليه تشغيل برامج الذكاء الاصطناعي.
وتتوقع الدراسة أن الزيادة الإجمالية في استهلاك الطاقة في مراكز البيانات من الذكاء الاصطناعي ستكون في حدود 200 تيراواط لكل ساعة سنوياً بين عامي 2023 و2030، وبحلول عام 2028، من المتوقع أن يمثل الذكاء الاصطناعي نحو 19 في المئة من الطلب على الطاقة في مراكز البيانات.
في الولايات المتحدة على سبيل المثال، ستحتاج المرافق إلى استثمار نحو 50 مليار دولار في قدرة توليد الطاقة الجديدة فقط لدعم مراكز البيانات وحدها، بحسب غولدمان ساكس، بينما تحتاج أوروبا إلى أكثر من تريليون دولار لإعداد شبكتها الكهربائية للذكاء الاصطناعي.
الحل: التعاون بين قطاعي الطاقة والتكنولوجيا
لفت د.الجابر إلى أسباب للتفاؤل بأن التعاون بين قطاعي الطاقة والتكنولوجيا سيكون له ثمار تسهم في تسريع التحول الأخضر، وقال إنه من خلال إطلاق المشروع التكنولوجي AIQ كتعاون مشترك بين «جي 42» الإماراتية وشركة « بريسايت» لتحليل البيانات المدعومة بالذكاء الاصطناعي، استخدمت أدنوك التنبؤات التي كشفت عنها البيانات وأدوات التعلم الآلي لتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بما يصل إلى مليون طن في عام واحد فقط.
كما تستخدم شركات طاقة أخرى هذه التكنولوجيا للتخفيف من تحديات الاضطرابات والتخزين للطاقة المتجددة من خلال التنبؤ بأنماط الطقس واستباق فترات الذروة والانخفاضات في الاستخدام، وهو ما دفع شركات التكنولوجيا الكبرى لتعزيز التعاون مع شركات الطاقة.
وفي مايو أيار 2024، أبرمت شركتا مايكروسوفت وبروكفيلد صفقة لتطوير 10.5 غيغاواط من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، كما تسير مصدر، الشركة الرائدة في مجال الطاقة المتجددة في الإمارات، على المسار الصحيح لزيادة قدرتها لإنتاج الطاقة المتجددة إلى أربعة أضعاف لتصل إلى 100 غيغاواط بحلول عام 2030.
وأشار د.الجابر أيضاً إلى أهمية الاستثمار في مراكز البيانات التي تعمل بالطاقة النووية، رغم أن بناءها سيستغرق عقوداً، وقال في هذه الأثناء سنحتاج إلى ما يصل إلى 200 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنوياً -الوقود الأحفوري الأقل في كثافة الكربون- فضلاً عن الاستثمار الكبير في البنية الأساسية للشبكة العالمية للتعامل مع الطلب المتزايد.
ودعا د.الجابر إلى عقد «مجلس صناع التغيير» في أبوظبي في نوفمبر تشرين الثاني 2024 ليقدم مناقشة أعمق بشأن الذكاء الاصطناعي وتحول الطاقة، على أن يجتمع قادة الأعمال من قطاعي الطاقة والتكنولوجيا وصناع السياسات والمستثمرين ومنظمات المجتمع المدني لإعادة تصور العلاقة بين الطاقة والذكاء الاصطناعي والنمو الاقتصادي الشامل.