على مدى اثني عشر عاماً شنت الولايات المتحدة حرباً جمركية ضد المد المتصاعد من واردات قطاع الطاقة الشمسية من الصين، وعلى مدى اثني عشر عاماً وجد المصنعون الصينيون طرقاً للالتفاف على التعريفات الجمركية.
يكمُن نجاح الصين في القدرة على تصنيع معدات الطاقة الشمسية بكفاءة مرتفعة وبثمن بخس والاستعداد الدائم لتحويل الإنتاج إلى دول غير خاضعة للتعريفات الجمركية.
على الرغم من نصف دستة من قرارات زيادة التعريفات الجمركية وحظر السلع المصنوعة في الصين في عهد ثلاثة رؤساء أميركيين (أوباما- ترامب- بايدن) تمكنت الشركات الصينية من استخدام منصات التصدير في جميع أنحاء جنوب شرق آسيا للحفاظ على تدفق منتجاتها إلى الولايات المتحدة.
قبل عقدين من الزمان، كانت الولايات المتحدة تمثل 13 في المئة من شحنات الخلايا الشمسية العالمية، في حين كانت الصين ودول جنوب شرق آسيا مجتمعة تمثل 1 في المئة فقط.
اليوم تمثل الصين 80 في المئة من العرض العالمي، في حين تأتي 17 في المئة أخرى من ماليزيا وفيتنام وتايلاند، حيث أنشأت شركات الطاقة الشمسية الصينية مراكز جديدة للتصدير.
بلغت واردات الولايات المتحدة من الطاقة الشمسية من تلك الدول الثلاث بالإضافة إلى كمبوديا، وهي مركز تصدير رئيسي آخر للشركات الصينية، رقماً قياسياً بلغ 12 مليار دولار في عام 2023، أي ما يقرب من أربعة أخماس جميع واردات الطاقة الشمسية وأربعة أضعاف مستويات عام 2019، بينما لا تمثل الشحنات من الصين قيمة تُذكر.
تم فرض موجات من التعريفات الجمركية من قبل وزارة التجارة الأميركية بعد أن رفعت شركات الطاقة الشمسية في الولايات المتحدة قضايا تجارية متعددة ضد منافسيها الصينيين، بعد أن خسروا مليارات الدولارات من الأرباح بسبب سياسات الدعم غير العادلة من قبل الحكومة الصينية ودول جنوب شرق آسيا المُستخدمة كمراكز لتصدير منتجات الشركات الصينية.
وجعلت التعريفات الجمركية الولايات المتحدة واحدة من أغلى الأسواق، حيث يدفع المشترون الأميركيون واحداً من أعلى مستويات الأسعار في العالم.
كانت شركة ترينا سولار، رابع أكبر شركة مُصنعة لخلايا الطاقة الشمسية في العالم من حيث الشحنات، من أوائل الشركات التي أنشأت قاعدة تصدير في جنوب شرق آسيا بافتتاح مصانع في تايلاند في عام 2016 وفي فيتنام بعد عام، وفي عام 2023 قالت ترينا إنها تمتلك 19.5 غيغاوات من قدرة تصنيع الخلايا الشمسية والرقائق والألواح في جنوب شرق آسيا، وهو ما يزيد على قدرة التصنيع في الولايات المتحدة في العام نفسه.
كجزء من عريضة للمطالبة بمزيد من التعريفات الجمركية قال المصنعون الأميركيون في أبريل إن هناك 131 شركة في قطاع الطاقة الشمسية في كمبوديا وفيتنام وتايلاند وماليزيا، معظمها مملوكة لشركات صينية، حققوا فائض الإنتاج في هذه البلدان.
وتسببت التعريفات الجمركية الجديدة منذ عام 2023 على صادرات قطاع الطاقة الشمسية من تلك الدول الأربع في جنوب شرق آسيا في المزيد من التحولات في الإنتاج بالفعل، حيث بدأ الانتقال إلى إندونيسيا ولاوس.
وفقاً لبيانات حكومية تضاعفت واردات الولايات المتحدة من سلع قطاع الطاقة الشمسية من إندونيسيا إلى 246 مليون دولار حتى أغسطس من هذا العام، في حين كانت الشحنات من لاوس أكثر تواضعاً بقيمة 48 مليون دولار، ولكنها سبعة أضعاف إجماليها في الفترة نفسها من العام الماضي.
«إن إنشاء مصنع في جنوب شرق آسيا ليس بالأمر الصعب»، وفقاً لجونسي ريو، الرئيس التنفيذي لشركة تويا سولار اليابانية، «يُمكن لشركات إنتاج الطاقة الشمسية الانتقال من قرار الاستثمار إلى إنتاج اللوحات في أربعة أشهر فقط، بينما يحتاج إنتاج الخلايا الشمسية إلى ثمانية أشهر».
وتتجه الشركات الصينية حالياً إلى الاستثمار في دول خارج جنوب شرق آسيا، وعلى سبيل المثال في المملكة العربية السعودية تعاونت شركة جينكو سولار مع شركاء محليين في يوليو لبناء مصنع للخلايا والوحدات بقدرة 10 غيغاوات.
بل سيصل الأمر إلى اقتحام السوق الأميركي نفسه.
تدعم الولايات المتحدة حوافز تصنيع بطاريات وخلايا الطاقة النظيفة، وفق قانوني «تغير المناخ» و«خفض التضخم»، وسيكون لدى الشركات الصينية فرص لضخ استثمارات لإنشاء مصانع للألواح الشمسية بقدرات إنتاجية 20 غيغاوات سنوياً على الأراضي الأميركية بحلول العام المقبل.
وإذا استمر هذا الوضع فقد يؤدي في نهاية المطاف إلى توفير الإمدادات اللازمة لإرضاء الولايات المتحدة وفي الوقت نفسه تقليل حاجة الشركات الصينية إلى التهرب من الرسوم الجمركية، وفقاً لجونسي ريو، وهذا من شأنه أن يمثل انتصاراً وهزيمة في وقتٍ واحد للسياسة الأميركية «صُنع في أميركا ولكن مملوك لشركات صينية».