كتبت- سامانثا مورفي كيلي (CNN)
عادةً ما تتضمن الإعلانات العقارية على الإنترنت مواصفات نموذجية للوحدات المعروضة للبيع مثل «مثالية للترفيه»، و«يوجد بها مساحات شاسعة للاسترخاء»، وهي مهمة عادة ما تستغرق نحو ساعة أو أكثر لكتابتها، إلّا أن سمساراً عقارياً يُدعى جي جي يوهانس تمكن من تحديد مواصفات لمنزل يرغب في عرضه للبيع في أقل من خمس ثوانٍ، وذلك من خلال كتابة بعض الكلمات الرئيسية في «تشات جي بي تي»، وهو عبارة عن روبوت حديث للدردشة، يمكن من خلاله توليد العديد من الإجابات التفصيلية طبقاً لما يطلبه المستخدم.
وقال يوهانس «لقد وفر لي الكثير من الوقت»، مشيراً إلى أنه أجرى بعض التعديلات على ما كتبه «تشات جي بي تي» قبل نشره، «إنه ليس مثالياً لكنه رائع».
ويعد يوهانس أحد وكلاء العقارات الذين يستعينون بأداة «تشات جي بي تي» منذ أن تم إطلاقها للجمهور مع نهاية نوفمبر تشرين الثاني من عام 2022، إذ قال بعض وكلاء الوحدات السكنية والتجارية، إن التطبيق قد غيّر بالفعل طريقة عملهم، بدءاً من كتابة القوائم ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي وصولاً إلى صياغة المستندات القانونية، ويمكن استخدامه أيضاً لأداء المهام المتكررة مثل الإجابة عن الأسئلة المتداولة وإجراء العمليات الحسابية المعقدة.
وتتم تغذية «تشات جي بي تي» بكميات هائلة من البيانات عبر الإنترنت بهدف توليد الإجابات على استفسارات المستخدمين، إذ قام منذ ظهوره بتوليد العديد من المقالات والقصص وكلمات الأغاني، إضافة إلى ملخصات لأوراق بحثية خدعت بعض العلماء.
واستخدمه بعض الرؤساء التنفيذيين لكتابة رسائل البريد الإلكتروني والقيام بأعمال محاسبية، إلّا أن البرنامج أثار المخاوف لدى البعض بسبب عدم دقته.
صياغة العقود القانونية
وفي غضون شهرين، أثار «تشات جي بي تي» الجدل حول قدرته على التأثير في العديد من الصناعات المختلفة من النشر إلى القانون، إلّا أن له تأثيراً ملموساً على كيفية قيام العديد من وكلاء العقارات بوظائفهم، حتى بلغ الأمر بالبعض عدم تخيل العمل بدونه.
وقال أندريس أسيون، سمسار من مجموعة ميامي العقارية «لقد استخدمته لمدة امتدت لأكثر من شهر، ولا أتذكر أن شيئاً أذهلني إلى هذا الحد».
وأسهم البرنامج مؤخراً في حل إحدى المشكلات التي واجهت إحدى عميلات أسيون، إذ واجهتها مشكلة في منزلها الجديد، فقامت بإرسال “إيميل” إلى المطور العقاري مستعينةً بالأداة الجديدة، مع إعطاء أمر لـ”تشات جي بي تي” بأن يعيد صياغة الإيميل بالتركيز على مسؤولياته القانونية، وأسهم الإيميل الذي أنتجه الروبوت في أن يجيب المطور العقاري عن تساؤلات العميلة بعد شهور من عدم الرد.
كما استخدم أسيون التطبيق لصياغة عقود ووثائق قانونية، وتم إرسالها إلى المحامين للموافقة والتصديق، وقال «لقد عدلت جميع أنواع المسودات والوثائق باستخدام (تشات جي بي تي)، إذ يمنحك التطبيق العديد من العينات للاختيار من بينها والتعديل عليها».
وما زال تطبيق «تشات جي بي تي» مجانياً إلى الآن، إلّا أن الشركة المُصنعة «أوبن إيه أي» تفكر في تطبيق رسوم شهرية قدرها 42 دولاراً.
وقال أسيون «يمكنني دفع 100دولار أو 200 دولار سنوياً بسهولة مقابل شيء كهذا، سأكون مختلاً إذا لم أفعل ذلك».
وأشار فرانك تريلز، وكيل العقارات التجارية في «State Street Realty» في ولاية ميامي الأميركية، إلى أنه موافق على الدفع مقابل الاستمرار في استخدام التطبيق، مضيفاً: لا شيء في هذا العالم مجاني.
الذكاء الاصطناعي في سوق العقارات
قال تريلز، إنه يستخدم «تشات جي بي تي» للبحث عن تصاريح بعض الأراضي والمناطق في مقاطعة ميامي-داد، واحتساب مدفوعات الرهن العقاري، وأضاف «قد أكون في سيارة مع أحد العملاء ويسألني عن أقساط الرهن العقاري، إذ يمكنني أن أسأل التطبيق عن قيمة الرهن العقاري عند شراء منزل بقيمة 14 مليون دولار بسعر فائدة 7.2 في المئة على مدار 25 عاماً، وفي غضون ثانيتين يمنحني التطبيق الإجابة بالمعلومات المطلوبة، كما يشرح لي كيفية الوصول إلى هذه النتائج، إنه مذهل».
ورغم الإمكانات الكثيرة، فإنّ «تشات جي بي تي» يواجه بعض التحديات، إذ يتيح التطبيق تقديم تقديرات تقريبية وليس أرقاماً محددة ودقيقة.
في حين أن «تشات جي بي تي» أثار اهتمام مستخدمي التطبيق من الوكلاء العقاريين، إلّا أن دمج الذكاء الاصطناعي في سوق العقارات ليس بالأمر الجديد، فيعد موقع «Zillow» -على سبيل المثال- مستخدماً للذكاء الاصطناعي لرسم الخرائط ثلاثية الأبعاد، وإنشاء مخططات أرضية تلقائية، إضافة إلى أداة «Zestimate» الخاصة به، والتي يمكنها مسح الصور لمعرفة ما إذا كان المنزل يحتوي على أرضيات خشبية أو أجهزة من الفولاذ المقاوم للصدأ.
وقال مات كريمر، المتحدث باسم شركة «Zillow»، إن صناعة العقارات كانت تتطور بوتيرة أبطأ في مجال الابتكارات لكن «أعتقد أننا سنشهد خطوات أكبر بكثير في القريب العاجل».
وأضاف أن شركته لا ترى مخاوف واضحة من الوكلاء الذين يستخدمون «تشات جي بي تي» للمساعدة في تبسيط العمل الذي يقومون به وتوفير الوقت، قائلاً «نحن لا نشجع (تشات جي بي تي) ولا نتوخى الحذر منه، لكننا مهتمون بكيفية استخدامه ومراقبته».
على الرغم من أنه من السابق لأوانه تحديد ما إذا كانت الأداة الجديدة ستصبح الدعامة الأساسية في قطاع العقارات أم لا، فإنّ السمسار يوهانس أشار إلى أن الذكاء الاصطناعي بشكل عام سيسهم في تحويل صناعته وغيرها من الصناعات، قائلاً «أعتقد أن أحد أشكال الذكاء الاصطناعي -مثل هذا التطبيق- سيصبح جزءاً أساسياً من أسلوب عملنا».