انفصال ماسك وترامب يعرض عقود «سبيس إكس» بـ22 مليار دولار للخطر

مركبة سبيس إكس كرو دراغون من سبيس إكس (شترستوك)
انفصال ماسك وترامب يعرض عقود «سبيس إكس» بـ22 مليار دولار للخطر
مركبة سبيس إكس كرو دراغون من سبيس إكس (شترستوك)

أصبحت العقود الحكومية لشركة تكنولوجيا الفضاء سبيس إكس، المملوكة لإيلون ماسك، بقيمة 22 مليار دولار معرضة للخطر، وتواجه برامج فضائية أميركية متعددة تغييرات جذرية بسبب تداعيات الخلاف المتفجر بين إيلون ماسك والرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وسرعان ما خرج الخلاف، الذي يعود إلى انتقاد ماسك لقانون ترامب لخفض الضرائب والإنفاق، والذي بدأ الأسبوع الماضي، وخرج عن السيطرة. 

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

وهاجم ترامب ماسك بشدة عندما تحدث الرئيس في المكتب البيضاوي، ثم، في سلسلة من المنشورات، بينما شنّ ماسك هجمات لاذعة على ترامب، الذي هدد بإنهاء العقود الحكومية مع شركات ماسك.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

إيقاف تشغيل مركبة دراغون

وأخذ ماسك التهديد على محمل الجد، وقال إنه سيبدأ «إيقاف تشغيل» مركبة الفضاء دراغون التابعة لشركة سبيس إكس والتي تستخدمها وكالة ناسا.

وبعد ساعات، بدا أن ماسك قد تراجع عن موقفه، وردًا على أحد متابعيه على منصة إكس الذي حثّه هو وترامب على «الهدوء والتراجع لبضعة أيام»، كتب ماسك: «نصيحة جيدة، حسناً، لن نُوقف تشغيل دراغون».

ومع ذلك، فإن مجرد تهديد ماسك بسحب مركبته الفضائية دراغون من الخدمة بشكل مفاجئ كان بمثابة انفجار غير مسبوق من أحد الشركاء التجاريين الرائدين لوكالة ناسا.

وبموجب عقد تبلغ قيمته نحو 5 مليارات دولار، أصبحت كبسولة دراغون هي المركبة الأميركية الوحيدة التابعة للوكالة القادرة على نقل رواد الفضاء من وإلى محطة الفضاء الدولية، ما يجعل شركة ماسك عنصراً أساسياً في برنامج الفضاء الأميركي.

وآثار الخلاف تساؤلات حول المدى الذي قد يذهب إليه ترامب، والقوة التي لا يمكن التنبؤ بتصرفاتها والتي تدخلت في جهود المشتريات السابقة، لمعاقبة ماسك، الذي كان حتى الأسبوع الماضي يرأس مبادرة ترامب لتقليص حجم الحكومة الفيدرالية.

وإذا أعطى الرئيس الأولوية للانتقام السياسي وألغى عقود سبيس إكس التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات مع وكالة ناسا والبنتاغون، فقد يؤدي ذلك إلى إبطاء التقدم الفضائي الأميركي.

ورفضت المتحدثة باسم وكالة ناسا بيثاني ستيفنز التعليق على الأمر، لكنها قالت في تصريح لرويترز: «سنواصل العمل مع شركائنا في الصناعة لضمان تحقيق أهداف الرئيس في الفضاء».

وأدى الصراع بين ماسك وترامب إلى تمزيق علاقة غير عادية بين رئيس الولايات المتحدة وعملاق الصناعة والتي أسفرت عن بعض المزايا الرئيسية لشركة سبيس إكس، مثل: اقتراح إصلاح برنامج ناسا للقمر وتحويله إلى برنامج المريخ، وجهود مخططة لبناء درع دفاع صاروخي عملاق في الفضاء، وتسمية قائد القوات الجوية الذي فضل سبيس إكس في منح العقد.

ومن المرجح أن يُعطّل إخراج دراغون من الخدمة برنامج محطة الفضاء الدولية، الذي تشارك فيه عشرات الدول بموجب اتفاقية دولية عمرها عقدان. ولكن لم يتضح بعد مدى سرعة حدوث هذا الإخراج، وتستخدم ناسا مركبة سويوز الروسية كوسيلة نقل ثانوية لروادها إلى محطة الفضاء الدولية.

صعود سبيس إكس

وقال محللون إن سبيس إكس ارتفعت إلى الهيمنة قبل وقت طويل من دخول ماسك إلى السياسة الجمهورية العام الماضي، حيث بنت حصة سوقية هائلة في صناعات إطلاق الصواريخ والاتصالات عبر الأقمار الصناعية، وهو ما قد يحميها إلى حد ما من انقسام ماسك مع ترامب.

وقال جوستوس بارمار، الرئيس التنفيذي لشركة فورتونا إنفستمنتس، المستثمرة في سبيس إكس: «لحسن الحظ لن يكون الأمر كارثياً، حيث طورت سبيس إكس نفسها لتصبح قوة عالمية تهيمن على معظم صناعة الفضاء، ولكن لا شك أن ذلك سيؤدي إلى خسارة كبيرة في الإيرادات وفقدان فرص التعاقد».

وفي ظل حكم ترامب، شهدت صناعة الفضاء الأميركية، والقوى العاملة في وكالة ناسا والتي تضم 18 ألف موظف، تراجعاً كبيراً خلال الأشهر الأخيرة بسبب تسريح العمال المحتمل وتخفيضات الميزانية المقترحة التي من شأنها إلغاء العشرات من البرامج العلمية، في حين تظل وكالة الفضاء الأميركية بدون مدير مؤكد.

وبدا أن مرشح ترامب لمنصب مدير وكالة ناسا، حليف ماسك ورائد الفضاء الخاص الملياردير جاريد إسحاقمان، كان ضحية مبكرة للخلاف بين ماسك والرئيس عندما أزاله البيت الأبيض فجأة من الاعتبار خلال عطلة نهاية الأسبوع، ما حرم ماسك من اختياره لقيادة وكالة الفضاء.

وبرر ترامب تخليه عن إيزاكمان بقوله إنه «ديمقراطي تماماً»، في إشارة واضحة إلى تقارير تفيد بتبرع إيزاكمان للديمقراطيين، وقد تبرع إيزاكمان لبعض المرشحين الجمهوريين، ولكن معظمهم كانوا ديمقراطيين، للمناصب العامة، وفقاً للسجلات العامة.

وكان سعي ماسك لإرسال بشر إلى المريخ عنصراً أساسياً في أجندة ترامب الفضائية، وهدد هذا المسعى باستنزاف موارد مشروع ناسا الرائد لإعادة البشر إلى القمر.

وسعت خطة ميزانية ترامب إلى إلغاء مهمات أرتميس إلى القمر بعد مهمتها الثالثة، ما أدى فعلياً إلى إنهاء صاروخ نظام الإطلاق الفضائي الذي تجاوز الميزانية المستخدم في تلك المهام.

لكن نسخة لجنة التجارة في مجلس الشيوخ من مشروع قانون ترامب، من شأنها استعادة التمويل للمهمتين الرابعة والخامسة، ما يوفر ما لا يقل عن مليار دولار سنوياً لبرنامج SLS حتى عام 2029.

وبما أن صواريخ سبيس إكس تشكل بديلاً أقل تكلفة من نظام الإطلاق الفضائي SLS، فإن معارضة إدارة ترامب لتعديلات مجلس الشيوخ في الأسابيع المقبلة سوف يعطي مؤشراً على القوة السياسية المتبقية التي يتمتع بها ماسك.

وفازت شركة سبيس إكس، التي تأسست في عام 2002، بعقود بقيمة 15 مليار دولار من وكالة ناسا لصواريخ «فالكون 9» التابعة للشركة وتطوير ستارشيب، وهو نظام صاروخي متعدد الأغراض تم استخدامه لهبوط رواد فضاء ناسا على القمر هذا العقد.

كما حصلت الشركة على مليارات الدولارات لإطلاق غالبية أقمار الأمن القومي التابعة للبنتاغون إلى الفضاء بينما تقوم ببناء كوكبة ضخمة من أقمار التجسس في المدار لصالح وكالة استخبارات أميركية.

وبالإضافة إلى أن إلغاء عقود سبيس إكس لا يصب في مصلحة الولايات المتحدة، قالت لوري جارفر، نائبة مدير وكالة ناسا السابقة، إن إلغاء العقود مع سبيس إكس ربما لن يكون قانونياً.

لكنها أضافت أيضاً «إن قيام رئيس تنفيذي مارق بتهديد إيقاف تشغيل المركبات الفضائية، ما يعرض حياة رواد الفضاء للخطر، أمر لا يمكن قبوله».