في سوق شعبي في برلين، يتوافد المواطنون على منصة تديرها جمعية خيرية تُدعى «توبو»، حيث يساعد المتطوعون الناس على إزالة نفوذ شركات التكنولوجيا الأميركية من هواتفهم، ومنذ تنصيب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، أصبح هذا الطابور أطول.
تشير بيانات من شركة سيميلار ويب إلى أن الاهتمام بالخدمات الرقمية الأوروبية ارتفع خلال الأشهر الماضية، مع تزايد عمليات البحث عن مزودي بريد إلكتروني وتطبيقات مراسلة و
محركات بحث بديلة لتلك الأميركية، بحسب رويترز.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
قلق سياسي يتجاوز الخصوصية
يقول مايكل فيرتس، مؤسس الجمعية «في السابق، كان المهتمون بالخصوصية الرقمية فقط من يزوروننا، الآن يأتي إلينا من يشعر بأنه معرض سياسياً».
هذا التحول في المزاج العام جاء بعد إشارات ترامب بالتراجع عن الدور الأمني الأميركي في أوروبا، وبدء حرب تجارية جديدة، ما زعزع ثقة الأوروبيين بحليفهم التقليدي.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
شركة إيكوسيا، محرك البحث الألماني الذي يزرع الأشجار من أرباحه، قالت إن عدد زياراته من الاتحاد الأوروبي ارتفع بنسبة 27 في المئة على أساس سنوي، رغم ذلك فلا تزال زياراته البالغة 122 مليوناً في فبراير شباط متواضعة مقارنة بـ10.3 مليار زيارة لمحرك غوغل.
وقد بلغ دخل إيكوسيا في أبريل نيسان 3.2 مليون يورو، أنفقت منها 770 ألفاً على زراعة 1.1 مليون شجرة.
دعوات للسيادة الرقمية تواجه واقعاً معقداً
النقاش الأوروبي حول «السيادة الرقمية» تصاعد مع انتخاب ترامب، وسط تحذيرات من الاعتماد المتزايد على شركات أميركية في خدمات حيوية، وتقول الخبيرة ماريا فاريل «الناس العاديون بدؤوا يسألون بجدية: لماذا نستخدم خدمات أميركية؟».
وارتفع استخدام بروتون ميل السويسرية بنسبة 11.7 في المئة في أوروبا، بينما تراجع استخدام جي ميل التابع لشركة ألفابِت بنسبة 1.9 في المئة، بحسب سيميلار ويب.
لكن الحقيقة المعقدة أن خدمات مثل إيكوسيا وكوانت لا تزال تعتمد جزئياً على نتائج بحث من غوغل ومايكروسوفت، كما تستضيف خدماتها السحابية عبر منصات تديرها شركات أميركية أيضاً.
مقاومة حكومية ومحلية محدودة
تعهدت الحكومة الألمانية بتقليل الاعتماد على تقنيات أميركية، واعتمدت استخدام البرمجيات مفتوحة المصدر، فيما منعت ولاية شليسفيغ هولشتاين استخدام أي برامج تجارية مغلقة في إداراتها العامة.
كما مولت برلين منح أوكرانيا وصولاً إلى شبكة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية من شركة يوتلسات الفرنسية بدلاً من ستارلينك التابعة لإيلون ماسك.
تهديدات أميركية وسياسات عدائية جديدة
شهدت الأشهر الماضية تصريحات حادة من مسؤولين أميركيين، فقد اتهم نائب الرئيس جي دي فانس الأوروبيين بـ«قمع حرية التعبير»، فيما هدد وزير الخارجية ماركو روبيو بفرض قيود على تأشيرات من ينظمون محتوى الأميركيين، بمن فيهم المسؤولون الأوروبيون.
وتصف شركات مثل ميتا قوانين الاتحاد الأوروبي، مثل قانون الخدمات الرقمية، بأنها رقابة، فيما تقول بروكسل إن هذه القوانين تهدف لحماية المستخدمين من المحتوى غير القانوني.
هيمنة تصعب إزاحتها دون تنظيم
ورغم زيادة تنزيل تطبيقات مثل سيغنال وعودة الاهتمام بشبكات بديلة مثل ماستودون، يؤكد الخبراء أن هذا الوعي الذاتي الشعبي لن يغير الواقع بمفرده.
يقول روبن بيرجون، الناشط في حقوق الإنترنت «السوق مأسور بالكامل. لا بد من تنظيم حكومي لتغيير المعادلة».