يتجه العديد من الولايات الأميركية نحو زيادة التشديد حيال شركات التكنولوجيا الكبيرة ومنصات التواصل الاجتماعي، مؤخراً أصبحت مونتانا أول ولاية أميركية تحظر ” تيك توك” بشكل تام، على الرغم من أن الكثيرين يشككون في مدى قابلية تنفيذ التشريع الجديد المثير للجدل.
وقال كبير المراسلين الطبيين لشبكة CNN الدكتور سانجاي غوبتا إن هناك ثلاثة أهداف جديرة بالاهتمام يبدو أنها توفر الدافع -ولو بشكل جزئي- لمثل هذه التدخلات القانونية «أولاً: منع الشركات من جمع البيانات عنا وعن أطفالنا، ثانياً: حماية الأطفال عبر الإنترنت، وأخيراً تحقيق التوازن بين حقوقك ومسؤولياتك عندما تقوم بنشر المحتوى الخاص بك على المنصات عبر الإنترنت».
وأضاف غويتا -أب لثلاث فتيات- مثل العديد من الآباء فكرت في هذه الأجهزة لأطفالي على أنها ألعاب لتسليتهم وأداة اتصال في حالة الطوارئ، لكن تغير ذلك بعد أن قرأت كتاب جين توينج «جيل التقنية لماذا يكبر أطفال الإنترنت أقل ثورية وأكثر تسامحاً وأقل سعادة وغير مؤهلين تماماً لمرحلة الرشد»، ويسلط الكتاب الضوء على الهشاشة النفسية التي يعيشها أطفال اليوم.
وفقاً لتوينج أصبح طلاب الصف الثانوي الآن أكثر شبهاً بالصف الإعدادي من الأجيال السابقة، وينتظرون وقتاً أطول للمشاركة في الأنشطة المرتبطة بالاستقلال والبلوغ، كما تقل احتمالية خروجهم مع الأصدقاء أو الذهاب إلى حفلة موسيقية مقارنةً بطلاب الصف الثانوي من الجيل إكس -الجيل السابق لجيل التقنية الجيل زد- وقالت توينج «التأثير طويل المدى على حالتهم النفسية وصحتهم العقلية يمثل علامة استفهام كبيرة».
وأضافت توينج أنها «لاحظت تغييراً مفاجئاً للغاية -خاصة في الصحة العقلية وأيضاً في معدل التفاؤل والتوقعات- بين جيل الألفية وجيل زد، أو كما تسميه جيل التقنية».
ونتيجة لضعف البيانات بشأن منصات التواصل الاجتماعي وجد غوبتا نفسه «في موقف غير عادي وغير مريح للغاية، استناداً إلى معلومات قليلة جداً، كان عليه -هو وزوجته- تقديم إرشادات معينة حول متى تسمح بالتعرض للشاشات الإلكترونية ومحتوى السوشيال ميديا، ولِكم من الوقت، وأي نوع من المحتوى لبناتنا الثلاث من هذا الجيل».
وأكد غوبتا أن خطورة الأمر دفعته لتخصيص موسم كامل من أحد برامجه لهذا الموضوع.
وإحصائيات تعرض الأطفال لشاشات الهواتف المحمولة ووسائل التواصل الاجتماعي مثيرة للقلق، ووفقاً لاستطلاع بيو 2022 لمجموعة أقل من 18 عاماً، قال 46 في المئة من المراهقين الأميركيين إنهم متصلون بالإنترنت «بشكل مستمر تقريباً»، وقال 35 في المئة إنهم موجودون «بشكل دائم تقريباً» على واحد من أهم خمسة تطبيقات في وسائل التواصل الاجتماعي: «يوتيوب»، «تيك توك»، «إنستغرام»، «سناب تشات»، و«فيسبوك».
ربما لا ينبغي أن يكون أي من هذا مفاجئاً، لأن المحتوى لا يتوقف على هذه المنصات.
وقال غوبتا، «فتياتي تبلغ أعمارهن 17 و16 و14 سنة، إنهن (مواطنات رقميات) ولم يعرفن أبداً عالماً خالياً من الأجهزة»، مضيفاً «كثيراً ما أفكر أن هذا ليس العالم الذي أرادوه بالضرورة، بل العالم الذي سلمناه لهم».
وتابع غوبتا «ابنتي الصُغرى أخبرتني يوماً أنها تتمنى لو كانت من جيل الألفية؛ لأن هذا الجيل كان يمتلك هواتف، لكن ليس هواتف ذكية، ولم يكونوا مرتبطين بها إلى هذا الحد»
وأوضح غوبتا «في الوقت الحاضر يشعر العديد من المراهقين بضرورة الوجود على وسائل التواصل الاجتماعي أو سيشعرون بأنهم مهملون».
ويؤكد غوبتا على أن التكنولوجيا ضرورية لهذا العصر، لكن غياب إرشادات حقيقية حول كيفية التعامل معها هو المثير للقلق.
ويذكر غوبتا بعض الإرشادات التي كانت محصلة عام من المقابلات والبحث وهي:
أولاً: تحدث مع طفلك على غير استعجال وبدون تشتيت، وإجراء مناقشة متعمقة معهم دون توبيخ ودون إصدار أحكام عليهم، وحاول اكتشاف مدة استخدامهم لشاشاتهم الإلكترونية ومنصات الوسائل الاجتماعية التي يستخدمونها، وما يتوقعون الحصول عليه من تفاعلاتهم، وكيف تجعلهم تلك التفاعلات يشعرون.
ثانياً: لا تهوّل من الأمر، ستكتشف أن أطفالك يستخدمون نوعاً ما من الشاشات الإلكترونية أو الأجهزة أكثر مما تريد، ولكن ليس من الضروري أن يواجه الجميع مشكلة جرّاء ذلك، بمعنى أصح، لا تفترض الأسوأ بشأن تأثير استخدام التكنولوجيا على دماغ طفلك ونموه، قد لا يصاب معظم الناس بمشاكل كارثية، ولكن أيضاً قد يكون من الصعب التنبؤ بمن هم الأكثر عرضة للخطر.
ويوصي غوبتا بأنه «يتعيّن علينا جميعاً أن نتعلم ونساعد أطفالنا على التعلم لاتخاذ قرارات أفضل بشأن أنواع المحتوى الذي نستهلكه كجزء من الروتين الرقمي».