تصدرت مدينة نيويورك الأميركية قائمة أسوأ تلوث للهواء في العالم يوم الثلاثاء بعد أن غطى جوها دخان منبعث من أكثر من مئة حريق غابات مشتعلة في كيبيك الكندية.
واجتاح الدخان المنبعث من حرائق كندا شمال شرق ووسط المحيط الأطلسي لأكثر من أسبوع، ما أثار مخاوف بشأن أضرار استمرار تلوث الهواء.
وكان مؤشر جودة الهواء في مدينة نيويورك أعلى من مئتي نقطة ليلة الثلاثاء، وهو مستوى «غير صحي للغاية»، وفقاً لـ«آي كيو إير»، وسجلت المدينة أسوأ نوعية هواء مقارنة بأي منطقة حضرية كبرى مساء الثلاثاء.
وفي وقت لاحق من الليلة ذاتها، سجلت مدينة نيويورك ثاني أسوأ مستويات تلوث الهواء في العالم بعد نيودلهي الهندية، حسب ما أفادت شركة «آي كيو إير»، ومن المدن الأخرى المدرجة على القائمة الدوحة في قطر، وبغداد في العراق، ولاهور في باكستان.
نتيجة لذلك، ألغت عشر مناطق تعليمية على الأقل في وسط ولاية نيويورك الأنشطة والفعاليات الخارجية الثلاثاء، بما في ذلك فترات الاستراحة الخارجية في الهواء الطلق ودروس الصالة الرياضية.
ما مدى خطورة دخان الحرائق على صحة الإنسان؟
يحتوي دخان حرائق الغابات على جسيمات دقيقة جداً، أو ما يعرف بجزيئات «بي أم 2.5»، وهي أصغر ملوثات، ولكنها في الوقت ذاته الأكثر خطورة، عند استنشاقها يمكن أن تنتقل إلى أنسجة الرئة وتدخل مجرى الدم، وتأتي تلك الجزيئات من مصادر مثل احتراق الوقود الأحفوري والعواصف الترابية وحرائق الغابات، وقد ترتبط بعدد من المشكلات الصحية مثل الربو وأمراض القلب وأمراض الجهاز التنفسي الأخرى.
يموت الملايين من الناس كل عام بسبب مشكلات صحية متعلقة بتلوث الهواء، ففي عام 2016 ارتبطت نحو 4.2 مليون حالة وفاة مبكرة بالجسيمات التلوث الدقيقة، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.
وبلغ تركيز جزيئات «بي أم 2.5» في هواء نيويورك يوم الثلاثاء أكثر من عشرة أضعاف المستوى الصحي الذي حددته منظمة الصحة العالمية.
قال مدير لجنة جودة الهواء في جمعية الرئة الأميركية «إذا كان بإمكانك رؤية الدخان أو شمه، فاعلم أنك تتعرض للتلوث، ومن المهم أن تفعل كل ما في وسعك للبقاء في الداخل خلال فترات التلوث العالية، ومن المهم أيضاً أن تراقب صحتك أو أي تطور للأعراض».
وأضاف باريت أن الأشخاص الأكثر تضرراً من دخان الحرائق الهائلة هم «الأطفال، أو كبار السن والحوامل أو الأشخاص المصابون بأمراض الجهاز التنفسي أو القلب والأوعية الدموية»، وخصوصاً الذين قد تتفاقم أعراضهم أو تتطور عقب تعرضهم للدخان.
معدلات حرائق الغابات وأسباب انتشارها
هناك أكثر من 150 حريق غابات نشطاً في كيبيك هذا الأسبوع، إذ اندلع أكثر من 400 حريق هائل في جميع أنحاء كيبيك حتى الآن في عام 2023، وهو ضعف المعدل المتوسط لهذا الوقت من العام.
والتهمت حرائق الغابات في كندا ما يقرب من 9 ملايين فدان حتى الآن هذا العام، مع احتراق ما يقرب من نصف مليون فدان في جميع أنحاء كيبيك وحدها.
أدى تغير المناخ بفعل الإنسان إلى تفاقم ظروف الطقس الحارة والجافة، والتي تسهم في اشتعال ونمو حرائق الغابات، وأفاد العلماء مؤخراً بأن ملايين الأفدنة التي التهمتها حرائق الغابات في غرب الولايات المتحدة وكندا يمكن إرجاع أسبابها إلى التلوث الكربوني المنبعث من أكبر شركات الوقود الأحفوري والإسمنت في العالم.
وعندما تحترق تلك الغابات، يمكن للدخان أن ينتقل آلاف الأميال، ما يعرض ملايين الأشخاص الآخرين للأذى.
قال الرئيس التنفيذي لشركة «أي كيو إير» جلوري دولفين هامز لشبكة «CNN» في حوار سابق «حرائق الغابات هي أزمة كبيرة كالاحتباس الحراري؛ إذ تسهم إلى حد كبير في تغير المناخ، الذي يخلق بدوره ظروفاً غير آمنة».
(ديريك فان دام وراشيل راميريز- CNN)