يبدو أن سهولة الانضمام إلى ثريدز ستجذب 100 مليون مستخدم في فترة قياسية، ففي أقل من 48 ساعة، تجاوز التطبيق الجديد أكثر من 80 مليون مستخدم، مستفيداً من هيمنة «إنستغرام»، ليشكّل سلاحاً قوياً من «ميتا» ضد « تويتر» الذي يعاني فوضى قرارات إيلون ماسك.
عدد مستخدمي ثريدز
وصل عدد مستخدميه إلى أكثر من 42 بعد مرور يوم، ثم 74 مستخدم بعد يومين، ليسجل 90 مليون مستخدم بعد ثلاثة أيام، وفي اخر تحديث وفقاً لتعدادات «كوفير كوانتاتيف» وصل عدد مستخدمي ثريدز إلى 102 مليون مستخدم بالفعل،
على الرغم من ذلك، فإن الميزة ذاتها تُعدُّ سلاحاً ذا حدين؛ إذ قد تواجه ميتا اتهامات بموجب قوانين حماية المنافسة، خاصة في القارة الأوروبية.
ذلك الرواج الذي حصل عليه تطبيق ثريدز وجذب المستخدمين، كان كافياً ليثير استياء ماسك الذي كشف في تغريدة أن المنافسة مقبولة، على عكس الغش، كما يبدو أنه أعاد المياه إلى مجاريها، بينه وبين جاك دورسي الذي سبق أنْ سحب تأييده لماسك بعد الفوضى العارمة التي تسبب فيها منذ استحواذه على العصفور الأزرق.
قال جاك دورسي في تغريدة، إن العالم اليوم يواجه استنساخاً صريحاً من «تويتر»، واكتفى ماسك بالرد بتعبير ضاحك على ما يحدث في دنيا تطبيقات التواصل الافتراضية.
على الرغم من ذلك، فإن سهولة الانضمام إلى ثريدز وانتشاره أثارا العديد من المخاوف، فطالما تعرضت «ميتا» لانتقادات لاذعة بسبب هيمنتها على السوق، كما تواجه مزاعم بمحاولتها خنق المنافسة عن طريق نسخ التطبيقات المنافسة والقضاء عليها. فهل تكتفي من التقليد؟
زيادة قوة ميتا عبر ثريدز
يشعر بعض خبراء المنافسة، وحتى بعض مستخدمي «ثريدز»، بالقلق من استمرار جذب التطبيق الجديد الملايين، فقد يؤدي ذلك ببساطة إلى زيادة قوة «ميتا» ورئيسها التنفيذي مارك زوكربيرغ.
لطالما كان «تويتر» أصغر بكثير من منصات «ميتا»، لكنه امتاز بتأثير كبير في التكنولوجيا والإعلام والسياسة، ومع تعثره مع استحواذ ماسك، ظهرت العديد من التطبيقات الصغيرة التي تحاول تقليده، لكنها لم ترتقِ إلى المستوى الذي تقدمت به «ميتا».
يسلّط إطلاق «ثريدز» هذا الأسبوع الضوء على الواقع غير المريح للاقتصاد الرقمي الحديث، بمعنى أنه كشف أهمية أن تكون عملاقاً؛ للتغلب على بعض أكبر اللاعبين في الصناعة.
قوة «إنستغرام» تعزز سهولة الانضمام
إن النجاح الذي حققه «ثريدز» بين عشية وضحاها هو شهادة على عدم الرضا عن ماسك، والقوة الفريدة التي يتمتع بها «إنستغرام»، وها هو في طريقه إلى 100 مليون مستخدم في أيام فقط.
يتفوق «إنستغرام» بعدد مستخدميه البالغ مليارين، على «تويتر» الذي يستخدمه 238 مليوناً فقط، وتكمن سهولة الانضمام إلى ثريدز في إمكانية متابعة كل من تتابعهم على حسابك بتطبيق «إنستغرام» بنقرة واحدة فقط، ويتطلب الأمر وعياً بأنه في حال انضمامك للشبكة الجديدة عبر حسابك على «إنستغرام» فإنك لن تستطيع حذف حساب «ثريدز» إلا بحذف الحسابين معاً.
كما وفّرت «ميتا» وقتاً كبيراً من جمع بيانات المستخدمين، عن طريق إتاحة إمكانية مشاركة بياناتهم «إنستغرام»، وبالتالي فقد أتاحت هذه التجربة الخالية من التعقيدات، تخطي ما يُعرف في الصناعة بمشكلة «البداية الباردة»، إذ تكافح المنصات الجديدة لكسب مستخدمين جدد.
خطر الاحتكار
على الرغم من ذلك، فإن الميزة ذاتها تعد سلاحاً ذا حدين يثير مخاوف المنافسة، لا سيّما في أوروبا؛ حيث تدخل قواعد مكافحة الاحتكار الجديدة للمنصات الرقمية حيز التنفيذ في غضون أشهر.
قال مدير الشؤون القانونية والاقتصادية في منظمة دعوة المستهلك في بروكسل، أغسطين راينا «من منظور المنافسة، يمكن أن يشكل ذلك مشكلة بالنسبة إلى (ميتا)، إذ يمكن أن تستخدمه للاستفادة من قوتها السوقية ورفع الحواجز».
وأضاف أنه بموجب قانون الأسواق الرقمية في الاتحاد الأوروبي، والذي يُعرف باسم «حراس البوابات الرقمية» سيحظر الجمع بين بيانات المستخدم من منصات متعددة دون موافقتهم، كما حدث في حالة «ثريدز» الذي تطلب الانضمام إليه نقرة واحدة بنقل بيانات حسابات «إنستغرام».
يبدو أن الرئيس التنفيذي لشركة «إنستغرام» آدم موسيري أقرَّ بهذه المشكلات، هذا الأسبوع، في مقابلة مع «ذا فيرج»، قائلاً إن التطبيق الجديد لن يُطلق حالياً في الاتحاد الأوروبي؛ بسبب التعقيدات في الامتثال لبعض القوانين التي ستدخل حيز التنفيذ العام المقبل، في إشارة لقانون الأسواق الرقمية.
سيُعتمد القانون خصيصاً للتعامل مع مخاوف مكافحة الاحتكار التي أثارتها منصات التكنولوجيا الكبيرة، علماً بأن عدم تمكّن «ثريدز» حتى الآن من الامتثال لقواعد حماية المنافسة يؤكد عدم اليقين بشأن التأثير التنافسي المحتمل للتطبيق.
كما تعمّد موسيري الرد على الانتقادات الموجهة من المسؤولين عن «تويتر»، إلى التطبيق الجديد، والتي طالت أيضاً «إنستغرام»، مؤكداً أن «ثريدز» سيتضمن بعض التحديثات التي تلبي حاجة المستخدمين.
يمكن أن يؤدي نهج «ميتا» في التعامل مع «ثريدز» إلى إحياء الانتقادات منذ فترة طويلة حول ممارسة الشركة المزعومة نسخ المنافسين والقضاء عليهم، فقد سبق لها محاولات -وإن كانت غير ناجحة- لاستنساخ «سناب شات»، و«تيك توك».
لا تقتصر المشكلة على مجال وسائل التواصل الاجتماعي فقط؛ فبينما يتسابق العالم لتطوير الذكاء الاصطناعي، يمثل «ثريدز» فرصة جديدة لشركة «ميتا» لجمع بيانات لدعم تكنولوجيتها للذكاء الاصطناعي، بطريقة يمكن أن تساعدها في اللحاق بقادة الصناعة مثل «أوبن إيه آي» و«غوغل».
تأثير غير مؤكد على المعلنين
قال جيفري مان، مؤسس المركز الدولي للقانون والاقتصاد في بورتلاند بولاية أوريغون «إذا ضغط (ثريدز) على (تويتر) لتحسين خدماته، فهذا شكل من أشكال المنافسة بين التطبيقات»، مضيفاً أن الأمر يختلف تماماً في حالة ترجيح كفة واحدة لقوة صناعة وسائل التواصل الاجتماعي، ما يعني انخفاضاً في المنافسة بشكل عام.
قال مان «إنني أميل إلى القول إن ذلك يحدث حالياً، لكن العواقب النهائية ليست واضحة».
وأضاف أنه بدلاً من النظر إلى الأمر من منظور سوق وسائل التواصل الاجتماعي، فإنه يمكننا التعرف عليه من منظور سوق الإعلانات، فبمجرد تقديم الإعلانات على «ثريدز» – وهو ما قال زوكربيرغ إنه لن يحدث حتى يتوسع التطبيق إلى نطاق كبير- فإن التطبيق الجديد يعزز ببساطة قوة «ميتا» الإعلانية في السوق.
(برايان فانغ – CNN)