بعد الانتشار المدوي لأداة « تشات جي بي تي»، وإثارة الجدل بالقدرات المميزة على إنشاء نصوص أصلية وصور ومحتويات أخرى استجابة لمطالبات المستخدمين، بدا أن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي التوليدي خطوة مهمة من أجل جني الأرباح، لكن هناك آراء أخرى ترجح أنه مجرد فقاعة ستنتهي قريباً.

لم تمتلك الشركة الفرنسية الناشئة «ميسترال إيه آي» منتجاً ناجحاً عندما جمعت 105 ملايين يورو (أي ما يعادل نحو 118 مليون دولار) في واحدة من أكبر جولات التأسيس في أوروبا الشهر الماضي، إلا أن الأمر لم يزعج أنطوان مويرود، الشريك في «لايت سبيد فينشر بارتنرز»، وهو أحد أكبر الداعمين للشركة.

وقال لشبكة «CNN» إن «الشركة لديها طموحات عالمية كبيرة، وتحتاج إلى الكثير من القوة الحاسوبية باهظة الثمن لتحقيق ذلك».

على الرغم من اقتناع الكثير بضرورة الاستثمار في الذكاء الاصطناعي التوليدي حالياً، فإن بعض المستثمرين والأشخاص في الصناعة قلقون من تحول جنون التمويل إلى فقاعة، مع هدر الأموال على الشركات التي ليس لديها أرباح ولا منتج مبتكر ولا الخبرة المناسبة.

يتوقع عماد مستقي، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «ستابيليتي إيه آي» للذكاء الاصطناعي التوليدي -التي تمولها «لايت سبيد» أيضاً- أن الموجة الحالية من الاستثمار في الذكاء الاصطناعي ستخلق أكبر فقاعة على الإطلاق، وستنقضي مع مرور الوقت.

وأشار إلى فقاعة «دوت كوم» في أواخر التسعينيات، عندما أسفرت رهانات المضاربة على شركات الإنترنت الناشئة عن خسائر فادحة لكثير من المستثمرين، وقال «أسميها فقاعة (دوت آي)، وهي لم تبدأ بعد».

هل الاستثمار في الذكاء الاصطناعي فقاعة جديدة؟

يأتي الاستثمار في «ميسترال إيه آي» واحداً ضمن العديد من الاستثمارات التي تنافس عليها أصحاب المال للحاق بمتن السفينة الصاروخية للذكاء الاصطناعي.

ففي الأشهر الأولى من العام الجاري، استثمروا نحو 15.2 مليار دولار في شركات الذكاء الاصطناعي التوليدية على مستوى العالم، وفقاً لبيانات «بيتشبوك».

يأتي الجزء الأكبر من هذا المبلغ من استثمار «مايكروسوفت» الذي تبلغ قيمته 10 مليارات دولار في «أوبن إيه آي»، مطور «تشات جي بي تي» في يناير كانون الثاني الماضي.

كما ارتفعت قيمة استثمارات رأس المال المغامر في الذكاء الاصطناعي التوليدي بنحو 58 في المئة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

وتضخمت التدفقات إلى أكبر خمسة صناديق تداول في العالم تركز على الذكاء الاصطناعي في البورصة بمعدل 35 في المئة منذ بداية العام.

وانعكس الذكاء الاصطناعي على الأسهم في مؤشر ناسداك، إذ ارتفع بنسبة 42 في المئة تقريباً، ليتجاوز مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» الذي ارتفع بنسبة أقل من 19 في المئة.

في مايو أيار الماضي، أصبحت شركة «نفيديا» الأميركية المصنعة للرقائق الدقيقة المتقدمة اللازمة لتشغيل الذكاء الاصطناعي، الشركة السادسة في العالم التي تصل قيمتها السوقية إلى تريليون دولار، وارتفع سهمها بنسبة 207 في المئة منذ بداية العام.

قال المستثمرون لشبكة «CNN» إن الوضع يشبه إلى حد كبير فقاعة «الدوت كوم». ولكن، مع كل فقاعة، يجب أن تأتي العواقب.

مع تحويل المستثمرين للأموال إلى شركات الإنترنت من أواخر عام 1998، زادت قيمة ناسداك بأكثر من الضعف خلال عام 1999 وحده.

ولكن على الرغم من الآمال الكبيرة والتقييمات الضخمة، لم تحقق معظم الشركات الناشئة أية أرباح، حسب «غولدمان ساكس».

وانخفضت الأسهم في بورصة ناسداك بنسبة 81 في المئة بين ذروتها في مارس آذار 2000، وأواخر سبتمبر أيلول 2002.

قال مايك رينولدز، نائب رئيس استراتيجية الاستثمار في شركة «غلينميد» لإدارة الثروات «سيكون من الصعب على المستثمرين معرفة ما إذا كانوا يدعمون الذكاء الاصطناعي الداعم لأكثر 10 أسهم قيمة في مجال التكنولوجيا والاتصالات اليوم، مثل (أمازون) و(غوغل)، لذلك لن يكون واضحاً من هو الفائز في معركة الاستثمار في الذكاء الاصطناعي التوليدي».

من جهته، قال جوردان جاكوبس، الشريك المؤسس والشريك الإداري في «راديكال فينشرز» إن «شراء نطاق (دوت إيه آي)، والادعاء بأنك شركة ذكاء اصطناعي لا يجعلك حقاً كذلك، لذلك دورنا كمستثمرين يتمثل في تمييز الحقيقي من الزائف».

(آنا كوبان – CNN)