(CNN) تشير دراسة جديدة إلى أنّ «تيك توك» قد يعرض للمراهقين في غضون دقائق محتوى مؤذياً فحواه يتعلّق بالانتحار وأمراض اضطرابات الأكل من دون الحاجة إلى إنشاء حساب، ممّا قد يعرِض المنصة إلى المزيد من التدقيق في تأثيره على المستخدمين الأصغر سنًّا.

في تقرير نُشر يوم الأربعاء، وجد مركز مكافحة الكراهية الرقمية (CCDH) غير الربحي أن الأمر قد يستغرق أقل من ثلاث دقائق بعد التسجيل على منصة «تيك توك» لمشاهدة محتوى متعلق بالانتحار، وحوالي خمس دقائق أخرى للعثور على مجموعات تروج من خلال محتواها إلى أمراض اضطرابات الأكل.

قال الباحثون إنهم أنشأوا ثمانية حسابات جديدة في الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، كندا وأستراليا، مستخدمين الحد الأدنى لعمر المستخدم على «تيك توك»، ألا وهو 13 عاماً. بدأت هذه الحسابات بمشاهدة وإبداء الإعجاب بمحتوى متعلق بشكل الجسم والصحة العقلية. وقال المركز إن التطبيق بدأ بعرض مقاطع فيديو حول هذه المواضيع كل 39 ثانية تقريبًا خلال فترة 30 دقيقة.

يأتي التقرير في وقت يبحث المشرّعون في الولايات المتحدة وأولئك الفيدراليون عن طرق للقضاء على «تيك توك» بسبب مخاوف متعلقة بالخصوصية والأمان، بالإضافة إلى تحديد ما إذا كان التطبيق مناسبًا للمراهقين. يأتي ذلك أيضًا بعد أكثر من عام من مواجهة المديرين التنفيذيين لمنصات التواصل الاجتماعي، بما في ذلك «تيك توك»، أسئلة صعبة من المشرّعين خلال سلسلة من جلسات الاستماع في مجلس الشيوخ الأميركي (الكونغرس) حول كيفية إمكان منصاتهم توجيه المستخدمين الأصغر سنًا – وخاصة الفتيات المراهقات – إلى المحتوى المؤذي، والإضرار بصحتهم العقلية وتشويه علاقتهم بشكل أجسامهم.

وتعهدت الشركات بالتغيير بعد تلك الجلسات، التي أعقبت تصاريح المبلغّة في «فيسبوك» فرانسيس هوغن حول تأثير «انستغرام» على المراهقين. لكن أحدث النتائج التي توصل إليها مركز مكافحة الكراهية الرقمية تشير إلى أن الموضوع ما زال يحتاج للمزيد من العمل على التغييرات.

قال عمران أحمد في التقرير، الرئيس التنفيذي لمركز مكافحة الكراهية الرقمية، «النتائج هي كابوس كل أب وأم: تعريض الشباب لمحتوى مؤذٍ ومروع يمكن أن يكون له تأثير تراكمي كبير على فهمهم للعالم من حولهم، وصحتهم الجسدية والعقلية».

ورد متحدث باسم «تيك توك» على الدراسة، قائلاً إنها تصوير غير دقيق لتجربة المستخدم للمنصة لعدة أسباب مختلفة، بما في ذلك حجم العينة الصغير التي استعين بها في هذه الدراسة، ونافذة الاختبار المحدودة التي تبلغ مدتها 30 دقيقة، وطريقة التصفح التي تجاهلت المحتوى الذي لا علاقة له بالصحة العقلية أو أمراض اضطرابات الأكل والتركيز على البحث عن تلك المواضيع بالتحديد.

قال المتحدث باسم «تيك توك» لشبكة «سي إن إن»: «هذه الدراسة والتجربة الناتجة عنها لا تعكس سلوكًا حقيقيًا أو تجارب أشخاص حقيقيين». وأضاف: «نتشاور بانتظام مع خبراء الصحة ونقوم بإزالة المحتوى الذي ينتهك سياساتنا، ونوفر إمكانية الوصول إلى الموارد الداعمة لأي شخص محتاج. نحن ندرك أن تعريف المحتوى المحفّز يختلف من شخص لآخر وسنظل نركز على تعزيز مساحة آمنة ومريحة للجميع، بما في ذلك الأشخاص الذين يختارون مشاركة رحلات التعافي الخاصة بهم أو تثقيف الآخرين حول هذه الموضوعات المهمة».

وقال المتحدث إن مركز مكافحة الكراهية الرقمية لا يميّز بين مقاطع الفيديو الإيجابية والسلبية في موضوعات معينة، مضيفًا أن الأشخاص غالبًا ما يشاركون قصصًا تمكينية حول التعافي من اضطرابات الأكل.

قالت «تيك توك» إنها تواصل طرح إجراءات حماية جديدة لمستخدميها، بما في ذلك طرق تصفية مقاطع الفيديو الخاصة بالبالغين أو «التي يُحتمل أن تكون إشكالية». في يوليو/تموز، أضافت المنصة «درجة النضج» إلى مقاطع الفيديو التي تم رصد احتمالية احتوائها على موضوعات خاصة بالبالغين أو موضوعات معقدة، بالإضافة إلى ميّزة لمساعدة الأشخاص على تحديد مقدار الوقت الذي يرغبون في قضائه في مشاهدة مقاطع الفيديو على «تيك توك»، وتعيين فترات زمنية للاستراحة من المشاهدة، وتوفير لوحة معلومات تعرض بالتفصيل عدد المرات التي فتحوا فيها التطبيق. كما تقدم المنصة مجموعة من أدوات الرقابة الأبوية.

هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها اختبار خوارزميات الشبكات الاجتماعية. في أكتوبر/تشرين الأول 2021، سجّل طاقم السناتور الأميركي ريتشارد بلومنتال حسابًا على «انستغرام» كفتاة تبلغ من العمر 13 عامًا وبدأوا بمتابعة بعض الحسابات التي تروّج للحميات الغذائية وأمراض اضطرابات الأكل (التي من المفترض أن تُحظر من قبل المنصة). سرعان ما بدأت خوارزمية «انستغرام» في الاقتراح بشكل حصري تقريبًا بمتابعة المزيد من الحسابات المماثلة والأكثر تطرفًا، بحسب ما قال السيناتور لشبكة «سي إن إن» في ذلك الوقت.

(أرسلت «سي إن إن» خمس حسابات من هذه القائمة إلى «انستغرام» للتعليق عليها، فقامت المنصة بإزالتها، قائلة إنها انتهكت سياسات «انستغرام» المتعلقة بالترويج لأمراض اضطرابات الأكل.)

قالت «تيك توك» إنها لا تسمح بنشر المحتوى الذي يصوّر أو يروّج أو يطبّع أو يمجد الأنشطة التي قد تؤدي إلى الانتحار أو إيذاء النفس. من بين مقاطع الفيديو التي تمت إزالتها لانتهاك سياساتها المتعلقة بمحتوى الانتحار وإيذاء النفس من أبريل/ نيسان إلى يونيو/ حزيران من هذا العام، تمت إزالة 93.4 في المئة منها قبل أن تتم مشاهدتها، و91.5 في المئة من مقاطع الفيديو تمت إزالتها خلال 24 ساعة من نشرها، وتمت إزالة 97.1 في المئة منها قبل تقديم المستخدمين أي تقارير ضدها.

وقال المتحدث لشبكة «سي إن إن» إنه عندما يبحث شخص ما عن كلمات أو عبارات محظورة مثل «#selfharm» (#إيذاء_النفس)، فلن يحصل على أي نتائج وسيتم إعادة توجيهه بدلاً من ذلك إلى موارد الدعم المحلية.

ومع ذلك، يقول مركز مكافحة الكراهية الرقمية إنه يجب القيام بالمزيد من الإجراءات لتقييد محتوى معين على «تيك توك» وتعزيز الحماية للمستخدمين الشباب.

قال أحمد من مركز مكافحة الكراهية الرقمية: «هذا التقرير يؤكد الحاجة المُلّحة لإصلاح المساحات عبر الإنترنت». وأضاف: «بدون إشراف، ستستمر منصة تيك توك التي تفتقر للشفافية في جني الأرباح من خلال عرض محتوى مكثف ومثير للقلق بشكل متزايد بدون ضوابط أو موارد أو دعم لمستخدميها وهم أغلبهم أطفال تقل أعمارهم عن 13 عامًا.»