من المتوقع أن تشهد إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب تغييرات جذرية في العلاقة بين الحكومة وشركات التكنولوجيا الكبرى، وهو ما قد يؤثر بشكل مباشر على ملايين المستخدمين حول العالم.. وبدءاً من طبيعة المحتوى الذي يتابعونه عبر الإنترنت وصولاً إلى التعامل مع تحديات الذكاء الاصطناعي، تبرز تساؤلات حول مستقبل هذه الصناعة في ظل سياسات ترامب الجديدة.
شهدت علاقة الرئيس المنتخب دونالد ترامب وحلفائه مع شركات التكنولوجيا توتراً ملحوظاً، إذ اتهمها مراراً بامتلاك نفوذ كبير، واستخدام التكنولوجيا أحياناً بطرق أثرت عليه سلباً.
وأُثيرت محادثات في إدارة ترامب الأولى حول حظر تطبيق تيك توك، وتم رفع دعوى قضائية قد تسفر عن تفكيك شركة غوغل.
كما سعى ترامب إلى تقليص الحماية القانونية الممنوحة لمنصات التكنولوجيا، وهدد قبل أشهر قليلة بإمكانية سجن الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، مارك زوكربيرغ.
ولكن مع ولايته الجديدة، أظهر ترامب تحولاً جذرياً في مواقفه تجاه قضايا التكنولوجيا، حيث لم يعد يدعم حظر تيك توك أو تفكيك غوغل، رغم صعوبة وقف الإجراءات الجارية بشأنهما.
ويمتلك ترامب منصته الخاصة، Truth Social، التي ستخضع لأي قواعد جديدة يفرضها على المنافسين، كما يحظى بتأثير إيلون ماسك الذي يدعمه في الدعوة إلى تخفيف القيود التنظيمية وتعزيز الابتكار التكنولوجي غير المقيد.
وبينما يترقب قادة شركات التكنولوجيا الكبرى، الذين سعى العديد منهم إلى كسب ود ترامب بتهنئته فور إعلان نتيجة الانتخابات، يوم التنصيب، تبرز خمسة أسئلة رئيسية حول التأثير المحتمل للرئيس المنتخب على صناعة التكنولوجيا:
هل سيتم حظر تيك توك؟
سبق لترامب أن حاول حظر تطبيق تيك توك في الولايات المتحدة بأمر تنفيذي بسبب مخاوف أمنية، لكنه تراجع عن هذا القرار لاحقاً.
وقال ترامب في يونيو حزيران الماضي -في مقطع فيديو نُشر على المنصة نفسها- إنه «لن يحظر تيك توك أبداً».
ومع ذلك، أقر الكونغرس هذا العام قانوناً يحظر تيك توك في الولايات المتحدة بفضل الزخم الذي بدأه ترامب، إذا لم يتم فصل المنصة عن شركتها الأم الصينية، التي أكدت أنها لن تقوم بذلك.
من جهتها رفعت تيك توك دعوى قضائية لمنع تنفيذ القانون، وتنتظر القضية حكماً من لجنة من القضاة الفيدراليين.
يُذكر أنه من المقرر أن يدخل الحظر حيز التنفيذ قبل يوم واحد من التنصيب، ما يعني أن ترامب قد يكون قد فقد فرصته في التأثير على القرار.
هل يكون ترامب أكثر تساهلاً مع الذكاء الاصطناعي؟
سيدخل ترامب البيت الأبيض في وقت يدعو فيه العديدون، حتى من داخل صناعة الذكاء الاصطناعي، إلى فرض ضوابط للحد من أسوأ النتائج المحتملة للذكاء الاصطناعي.
في مقابلة مع قناة فوكس نيوز خلال الصيف، اعترف ترامب بأن الذكاء الاصطناعي «لديه إمكانات هائلة ولكنه قادر أيضاً على التدمير، يتعين علينا أن نكون حذرين للغاية مع الذكاء الاصطناعي».
كما دعا ماسك، الذي يقدم المشورة لترامب الآن، ذات مرة إلى وقفة مؤقتة لتطوير التكنولوجيا قبل أن يبدأ شركته الخاصة للذكاء الاصطناعي.
ومع ذلك، يبدو أن ترامب مستعد للتراجع عن المبادئ التوجيهية القليلة الموجودة لشركات الذكاء الاصطناعي، فقد تضمنت منصة الحزب الجمهوري الانتخابية وعداً بإلغاء أمر تنفيذي وقعته إدارة جو بايدن، الذي وضع إجراءات شاملة لإدارة بعض أسوأ المخاطر المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، مثل التمييز والتهديدات الأمنية.
هل يتم فرض رقابة على مواقع التواصل الاجتماعي؟
يتطلع العديد من الجمهوريين إلى أن تعالج إدارة ترامب ما يرونه «رقابة» على الأصوات اليمينية من قبل منصات التواصل الاجتماعي الكبرى.
في وقت سابق، هدد ترامب باستخدام حق النقض ضد مشروع قانون الدفاع السنوي ما لم يُلغِ الكونغرس الحماية القانونية التي تتمتع بها شركات التواصل الاجتماعي بموجب قانون المادة 230.
وفي الآونة الأخيرة، حذّر بريندان كار، مرشح ترامب لرئاسة لجنة الاتصالات الفيدرالية، شركات التكنولوجيا الكبرى من أن الإدارة الجديدة ستتخذ «إجراءات واسعة النطاق لاستعادة» حقوق الأميركيين المنصوص عليها في التعديل الأول.
وقد يشمل ذلك إصلاحاً أو إعادة تفسير للمادة 230، التي تحمي منصات التكنولوجيا من المسؤولية عن منشورات المستخدمين وتسمح لها بتعديل المحتوى وفقاً لما تراه مناسباً.
هل يستمر ترامب في تقليص هيمنة شركات التكنولوجيا؟
مع تولي لينا خان رئاسة لجنة التجارة الفيدرالية، أشرفت إدارة بايدن على سلسلة من الإجراءات لمكافحة الاحتكار ضد شركات التكنولوجيا الكبرى.
وبينما أشاد نائب الرئيس المنتخب، جيه دي فانس، بنهج خان، يُتوقع على نطاق واسع أن تُطرد من منصبها عندما يبدأ ترامب تنفيذ أجندته التي ستكون أكثر ملاءمة للأعمال في البيت الأبيض.
وقبل أيام من الانتخابات، نشر ماسك على منصة إكس أن خان «سيتم طردها قريباً».
وقد يعني ذلك العودة إلى مزيد من عمليات الدمج بين الشركات، حيث قاومت خان في وقت سابق عمليات اندماج مثل مايكروسوفت وأكتيفيجن بليزارد، وكروجر وألبرتسونز.. كما أن هذا التوجّه قد يسهل على الشركات رفع الأسعار.
ويثير هذا النهج أيضاً تساؤلات حول ما إذا كان ترامب سيشجع وزارة العدل على التخلي عن مساعيها لتفكيك غوغل، وكيف ستتعامل الوزارة مع قضايا مكافحة الاحتكار الجارية ضد شركات التكنولوجيا الكبرى، بما في ذلك شركة أبل.
هل نشهد قانوناً لسلامة الأطفال على الإنترنت؟
إذا كانت هناك قضية واحدة تتعلق بسياسة التكنولوجيا قد يتفق عليها الديمقراطيون والجمهوريون في ظل رئاسة ترامب، فربما تكون قضية سلامة الأطفال وخصوصيتهم عبر الإنترنت، التي تحظى بالفعل بإجماع الحزبين.
ومع ذلك، فإن الخبراء يشككون في إمكانية تحقيق تقدم، بعد سنوات من النقاش والاختلاف حول النهج الصحيح مع قلة من الإجراءات الفعلية.
وحثت السيناتورة الجمهورية مارشا بلاكبيرن والسيناتور الديمقراطي ريتشارد بلومنثال الكونغرس على تمرير قانون سلامة الأطفال على الإنترنت بعد إقراره في مجلس الشيوخ، لكن المشروع لا يزال يواجه معارضة.
وقال رئيس مجلس النواب مايك جونسون الشهر الماضي إنه رغم دعمه فكرة مشروع القانون، فإنه يواجه «مشكلة كبيرة» في تفاصيله.