أُطلق سراح فانغ بين، وهو تاجر تجزئة تحول إلى صحفي، وثّق التفشي المبكر لجائحة كورونا في ووهان، وذلك بعد أكثر من ثلاث سنوات من احتجازه في الصين، وأكد الخبر أحد أفراد أسرته لشبكة CNN.
اختفى فانغ بعد مشاركة مقاطع فيديو تظهر الوضع على الأرض الواقعة وسط الصين، وهي مركز تفشي المرض الأصلي، حيث سعت السلطات إلى قمع المعلومات حول المدى الحقيقي لحالة الطوارئ العالمية.
وقد أُفرج عنه يوم الأحد وكان في ووهان، وفقاً لأحد أفراد الأسرة الذي رفض الكشف عن اسمه بسبب مخاوف من تداعيات ذلك، وقال المصدر إن صحة فانغ تدهورت أثناء الاحتجاز، إذ كان يعاني مشكلات في الأكل والنوم، ما أدّى إلى فقدانه الوزن.
كشفت مقاطع الفيديو التي نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي في أوائل عام 2020 حقائق انتشار الفيروس القاتل، متناقضة مع الرواية الرسمية المقدمة على وسائل الإعلام الحكومية الصينية الخاضعة لسيطرة مشددة.
أغلقت السلطات مدينة ووهان في 23 يناير من عام 2020، لكن كانت هناك فترة نحو ثلاثة أسابيع تقريباً بين إعلان مسؤولي الصحة عن مرض غامض وأكدوا أنه ينتشر بين الناس.
في أحد مقاطع الفيديو، أظهر فانغ، ممرات المستشفى مزدحمة بالمرضى وأقاربهم اليائسين، وخلال أحد مقاطع الفيديو، قام فانغ بعد أكياس الجثث المكدسة في شاحنة -وهي الصور التي حظيت باهتمام كبير في الصين- حيث كان الجمهور يائساً لفهم ما كان يحدث في وسط المدينة.
في مقاطع الفيديو الأخيرة، سجّل فانغ أشخاصاً يأتون إلى باب منزله لطرح الأسئلة، وقال إن منزله كان محاطاً برجال شرطة يرتدون ملابس مدنية.
بدا متأثراً في أحد التسجيلات، مشيراً إلى وفاة الطبيب المُبلغ عن المخالفات في جائحة كوفيد، لي وين ليانغ، والذي عُنف من قبل الشرطة لمشاركته معلومات حول المرضى الأوائل، وإسكات مواطنه صحفية أخرى وهي تشن كيوشي، مشيراً إلى أن عدم التحفظ عليه حتى ذلك الوقت كان بسبب أعداد المتابعين واهتمام مشاهديه.
وبعد ذلك شوهد فانغ في مقطع فيديو له يوم 9 فبراير شباط من العام نفسه وهو يدعو الجميع للانتفاض قائلاً، «دعونا نثور.. نعيد السلطة إلى الشعب»، وهو تعبير علني نادر للغاية في دولة مثل الصين.
ثم بعد ذلك اختفى…
قال قريب فانغ لشبكة CNN إنه متهم بـ«إثارة الشغب وإثارة المتاعب» وحُكم عليه بالسجن ثلاث سنوات، إذ يشيع استخدام هذه التهمة لإسكات النشطاء ومنتقدي الحكومة، ولم تتمكن CNN من تأكيد تفاصيل قضية فانغ بشكل مستقل، بما في ذلك ما إذا كان قد تم توجيه الاتهام إليه رسمياً، فضلاً عن ملابسات الإفراج عنه.
في حين لم يرد مكتب الأمن العام في ووهان على المكالمات الهاتفية المتكررة من CNN، ولم ترد وزارة العدل في بكين على الفور على طلب بالفاكس للتعليق.
نظام العدالة في الصين معروف بغموضه، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالمعتقلين بسبب نشاط سياسي أو اجتماعي، ودعت مجموعات حقوقية مراراً وتكراراً إلى الإفراج عن فانغ ومعلومات حول قضيته غير أن آخرين تم احتجازهم أيضاً بعد مشاركة معلومات حول تفشي ووهان.
«بدلاً من الاحتفاء بجهوده الشجاعة لكشف ما حدث في مستشفيات ووهان في تلك الأيام الأولى للوباء، قامت سلطات الحكومة الصينية ببساطة بإخفائه في محاولة لإسكات أولئك الذين يحاولون مشاركة المعلومات المهمة»، وفقاً لما قالته إيلين بيرسون، مديرة قطاع آسيا في منظمة هيومان رايتس ووتش في بيان لشبكة CNN.
وقالت، «إن غموض محاكمته واحتجازه السري هما من السمات المميزة لكيفية تعامل الحكومة الصينية مع منتقدي الحكومة دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة»، مشيرة إلى تقارير تفيد بتوجيه الاتهام إلى فانغ بعد اعتقاله.
قمع من يقولون الحقيقة
كان فانغ من بين حفنة من المواطنين الصحفيين الذين تم القبض عليهم في حملة الصين ضد قول الحقيقة في المرحلة الأولى من تفشي المرض.
ومن بين الآخرين تشين، المحامي والمواطن الصحفي الذي اختفى في أوائل فبراير شباط (2020) وعاد للظهور مرة أخرى في سبتمبر 2021 عندما ظهر لفترة وجيزة في مقطع فيديو لأحد الأصدقاء على «يوتيوب»، بالإضافة أيضاً إلى وزانغ زان، المحامي السابق، فقد أبلغ كلاهما عن التفشي الأول للجائحة في الصين في ووهان في أوائل عام 2020.
في بيان مطول صدر في يوليو تموز 2020، نفت وزارة الخارجية قيام الحكومة الصينية بقمع الصحفيين الذين مارسوا حقهم في حرية التعبير على الإنترنت خلال الجائحة.
حاولت الحكومة تصدير صورة عن تعاملها مع الجائحة على أنه نجاح قومي، أولاً بعد أن نجحت في السيطرة على التفشي الأولي في ووهان عام 2020، ومرة أخرى في وقت سابق من هذا العام عندما وصفت الهيئة السياسية العليا تعامل الصين مع الجائحة بأنها «معجزة في تاريخ الإنسان».
خففت الصين من نظامها الصارم لضوابط كوفيد والذي تضمن عمليات الإغلاق والتتبع الرقمي والقيود الحدودية، في أواخر العام الماضي، ما أدّى إلى موجة من الإصابات التي اجتاحت البلاد.
وفقاً للأرقام الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، توفي نحو 120 ألف شخص بسبب كوفيد في الصين، على الرغم من أن الخبراء يعتقدون أن الرقم الحقيقي أعلى من ذلك بكثير.