البريد الملكي البريطاني.. تلك المؤسسة العريقة التي يعود تاريخها إلى سلالة تيودور وتتولى إيصال الرسائل في إنجلترا منذ حكم الملك هنري الثامن، أصبحت ملكاً للملياردير التشيكي دانييل كريتينسكي.

وقالت شركة خدمات التوزيع الدولية (آي.دي.إس) المالكة للبريد الملكي اليوم الأربعاء إنها قبلت بعرض استحواذ من شركة إي.بي غروب التابعة لكريتينسكي بقيمة 3.57 مليار جنيه إسترليني (4.6 مليار دولار)، على أن يكون سعر السهم 3.70 جنيه إسترليني (4.69 دولار).

وتثير الصفقة القلق حيال مصير آلاف العاملين في البريد الملكي، وتأتي بعدما خاض البريد الملكي سنوات صعبة وتمت خصخصته عام 2013، وعانت المؤسسة من تراجع حاد في الطلب على خدماتها وتعاظمت خسائرها، ولم تقابل مطالبها التي قدمتها للحكومة بإعفائها من التزام بإيصال الخطابات ستة أيام في الأسبوع قبولاً.

وبلغت خسائر البريد الملكي البريطاني 348 مليون جنيه إسترليني (445 مليون دولار) في السنة التي انتهت يوم 31 مارس آذار، وهي نتائج أفضل قليلاً من العام الفائت الذي تكبدت فيه المؤسسة خسائر تصل إلى 419 مليون جنيه إسترليني (536 مليون دولار).

وتأتي الصفقة أيضاً في لحظة على درجة من الحساسية السياسية في المملكة المتحدة، إذ تستعد البلاد للانتخابات العامة في الرابع من يوليو تموز، وتشير استطلاعات الرأي إلى أن حزب العمال سيفوز بالانتخابات وسيشكل حكومة تخلف حكومة المحافظين الحالية، وستكون هذه هي المرة الأولى التي يفوز فيها الحزب منذ عام 2005.

وفي خطاب لكريتينسكي هذا الشهر، حث جوناثان رينولدز المتحدث باسم حزب العمال شركة إي.بي غروب على تقديم «ضمانات قوية» بالإبقاء على مقر البريد الملكي في بريطانيا والعمل عن كثب مع نقابة العاملين في المؤسسة.

فمن هو الفارس المغوار الذي تقدم لإنقاذ شركة كانت خسائرها في السنة المالية الماضية تصل إلى ثمانية ملايين جنيه إسترليني (10 ملايين دولار) في الأسبوع؟

كريتينسكي

وكريتينسكي رجل أعمال تشيكي يبلغ من العمر 49 عاماً وتقدر ثروته بما يصل إلى 7.7 مليار دولار وجنى ثروته من خلال إمبراطورية واسعة تضم شركات طاقة أوروبية ومتاجر تجزئة وأندية لكرة القدم.

وبدأ الملياردير التشيكي حياته المهنية في سلك المحاماة، قبل أن ينتقل إلى بنك استثمار تشيكي أصبح شريكاً فيه عام 2003، وفقاً للموقع الإلكتروني لشركة إي.بي غروب.

واشترى كريتينسكي حصة 27 بالمئة في نادي وست هام يونايتد لكرة القدم في إنجلترا عبر واحدة من شركات الاستثمار التابعة له قبل ثلاثة أعوام، وأصبح بذلك ثاني أكبر مساهم في النادي.

زمن الخطابات الجميل

تقول مؤسسة أوفكوم، وهي الجهة الرقابية التي تنظم عمل الخدمة البريدية في بريطانيا، إن نظام العمل المتبع في البريد الملكي «عفا عليه الزمن» وقد يكون «غير مستدام» لأن الناس أصبحوا لا يميلون لإرسال الخطابات والطرود كثيراً.

وانخفض عدد الخطابات التي يتم إرسالها عبر شبكة البريد الملكي إلى النصف منذ عام 2011.

وكان من بين المقترحات التي قدمتها أوفكوم أن تخفض المؤسسة الأيام التي تدير فيها عمليات إيصال البريد إلى خمسة أيام في الأسبوع أو تطيل الوقت الذي تحتاجه لإيصال الخطابات إلى أصحابها، قائلة إن ذلك قد يوفر ما يصل إلى 200 مليون جنيه إسترليني (255 مليون دولار) سنوياً.

وذكرت أوفكوم أن البريد الملكي لم يعد يقدم «خدمة يمكن الاعتماد عليها» وأن هناك حاجة ماسة للتغيير.

واتفق مارتن سيدنبرغ الرئيس التنفيذي لشركة (آي.دي.إس) مع هذا الرأي، قائلاً «ليس من المستدام الإبقاء على نظام بُني لإيصال 20 مليار خطاب، في حين لا نتولى حالياً سوى إيصال 7 مليارات خطاب».

وفرضت الجهة الرقابية غرامة على البريد الملكي قدرها 5.6 مليون جنيه إسترليني (7 ملايين دولار) العام الماضي لأنها لا توصل الخطابات في وقتها.

وقالت أوفكوم إن الجائحة أثرت كثيراً على عمليات البريد الملكي لكن لم يعد من الممكن أن تتخذ المؤسسة ذلك كذريعة للأداء السيئ.

فهل سينجح الملياردير التشيكي في قلب المعادلة وإحداث الفارق وإنقاذ البريد الملكي البريطاني من كبوته؟