أظهرت تصريحات الرؤساء التنفيذيين لكبرى شركات الفنادق والسفر الكثير من التشاؤم بتحذيراتهم المتكررة من تدهور إنفاق المستهلكين وتراجع شهيتهم للسفر، خاصةً بعد تقرير الوظائف الذي كان أسوأ كثيراً من المتوقع، حيث أظهر التقرير الصادر الشهر الماضي ارتفاع معدل البطالة في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى منذ خريف عام 2021.

وعندما يأتي الركود ويخسر المواطنون وظائفهم يكون قطاع السفر ضمن الضحايا، حيث يؤجل المستهلكون خططهم الترفيهية ويوجّهون الإنفاق إلى الضروريات اليومية، ولكن ما حدث لقطاع السياحة والسفر في الحقيقة هو أبعد ما يكون عن التدهور والسقوط، بل هو مجرد «تطبيع مع الظروف الجديدة، أو اعتدال في الطلب، أو تخفيف، أو هدوء»، على حد تعبير المديرين التنفيذيين.

قال الرئيس التنفيذي لشركة إير بي إن بي، برايان تشيسكي، في مكالمة أرباح الشركة الأسبوع الماضي، «نعم نحن نشهد طلبات حجز لإجازات أقصر على مستوى العالم، وهناك بعض العلامات على تباطؤ الطلب من السياح الأميركيين»، ولكن إيلي ميرتز المديرة المالية للشركة أضافت في وقتٍ لاحق «هذا لا يعني أن المستهلكين لن يحجزوا رحلة لعيد الشكر أو الكريسماس، بل هذا يعني فقط أنهم لم يحجزوها حتى الآن»، مشيرة إلى أن هذا التأخير في الحجز لم يكن ظاهراً في السنوات الأخيرة.

وحذّر الرئيس التنفيذي لشركة هيلتون، كريستوفر ناسيتا، من أن المستهلكين «أصبح لديهم الآن دخل أقل وقدرة أقل على الإنفاق، بما في ذلك الإنفاق على السفر، مقارنة بفترة ما بعد الوباء عندما كان المستهلكون غارقين في المدخرات»، كما قال في مكالمة أرباح الشركة الأسبوع الماضي.

وبدأت متنزهات ديزني الترفيهية في الولايات المتحدة تعاني انخفاض الحضور في الربع الأخير، ما أسهم في انخفاض الأرباح الإجمالية الناتجة عن سياحة المتنزهات والرحلات، وقال الرئيس التنفيذي والمدير المالي لشركة ديزني، بوب إيغر، في تعليق نُشر الأسبوع الماضي إنهم يتوقعون أن يستمر «اعتدال الطلب» من جانب المستهلكين «لبضعة أرباع».

وفسّرت وول ستريت هذه التصريحات على أنها تجميل لأمر «على وشك أن يصبح قبيحاً».

وقد تسببت هذه التصريحات في بيع واسع لأسهم شركات السفر، ولكن المستثمرين ربما يبالغون في ردة فعلهم تجاه تصريحات الرؤساء التنفيذيين، بينما الرؤساء التنفيذيون يحاولون فقط «ضبط» توقعات السوق.

بيانات إيجابية

وفقاً لمسح ثقة المستهلك الذي أجرته كونفيرنس بورد، يونيو الماضي، فإن عدداً أكبر من المستهلكين الأميركيين ينوون قضاء إجازة في الأشهر الستة المقبلة، مقارنةً بالوضع في شهر يونيو من العام الماضي.

بالإضافة إلى ذلك كانت معدلات إشغال الفنادق في الولايات المتحدة أعلى في الأسبوع المنتهي في 10 أغسطس مقارنة بالأسبوع نفسه من العام الماضي، وفقاً لبيانات من كوستار غروب، التي تستمد بياناتها من أكثر من 82 ألف موقع فندقي في جميع أنحاء الولايات المتحدة.

وقال جان فرايتاغ، المدير الإقليمي لإدارة تحليل سوق الضيافة في كوستار، إن مصدر الضعف هو العقارات المستهدفة لأصحاب الدخول الأدنى، حيث شهدت انخفاضاً في معدلات الإشغال خلال الأشهر الستة الأولى من العام، لكن الفنادق الفاخرة تشهد طلباً أعلى، ولكن تقرير معهد بنك أوف أميركا، الذي يعتمد على معاملات بطاقات الائتمان، أظهر انخفاض الإنفاق على السفر في جميع فئات الدخل في يونيو مقارنة بشهر مايو، ومع ذلك أرجع الباحثون ذلك إلى انخفاض الأسعار، وقالوا «إن الصورة الكاملة لقطاع السفر لا تزال قوية».

وقال ديفيد تينسلي، كبير الاقتصاديين في معهد بنك أوف أميركا، إن جزءاً كبيراً من نمو الإيرادات الذي أعلنته شركات السفر في السنوات الأخيرة نتج عن التضخم، ومع تباطؤ التضخم، «من الطبيعي أن يتباطأ نمو إيرادات السفر».

وأصبح المستهلكون أكثر حكمة بشأن إنفاقهم نتيجة لضعف سوق العمل، كما قال تينسلي لشبكة سي إن إن «لا أعتقد أن الوضع الحالي قاتم، من الطبيعي أن نرى المزيد من التطبيع مع الأوضاع الاقتصادية الجديدة»، في إشارة إلى عودة معدلات نمو الإنفاق على السفر إلى معدلات ما قبل الوباء.

وأشار ستيف هافنر، الرئيس التنفيذي لشركة كاياك، إلى الوضع الحالي باعتباره «ركوداً تقليدياً في الخريف» في بيان لشبكة سي إن إن، وأشارت الشركة إلى أن الناس يقومون برحلات أقصر مقارنةً بالعام الماضي، ولكن مقارنةً بعام 2021 ارتفع متوسط ​​طول الرحلة بنسبة 18 في المئة.