قال رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إن البنك المركزي لن يصبح أكثر تسامحاً مع ارتفاع التضخم رغم أن أحدث توقعات صناع السياسات رفعت توقعات التضخم لهذا العام دون حدوث استجابة أكثر صرامة للسياسة النقدية.
لكن مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي السابقين ومحللين آخرين يرون أن باول يقترب من لحظة صعبة يواجه فيها تحديات التوزان بين المخاطر الاقتصادية المتعارضة، ومجموعة منقسمة من صناع السياسة في بنك الاحتياطي الفيدرالي، والجمهور الذي يتوقع الآن أن تبدأ تخفيضات أسعار الفائدة في يونيو.
ارتفاع مؤشر الإنفاق الاستهلاكي الشخصي
وارتفع مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي في الولايات المتحدة الأميركية بنسبة 2.5 في المئة خلال الأشهر الـ12 المنتهية في فبراير شباط، وهي وتيرة أسرع من ارتفاع الأسعار في يناير كانون الثاني، والتي بلغت 2.4 في المئة.
كما ارتفع المؤشر بنسبة 0.3% في فبراير شباط مقارنة بالشهر السابق، مسجلاً زيادة بلغت 0.5% في يناير، ما يمثل أكبر صعود متتالٍ على مدار شهرين منذ عام.
ويُعد مؤشر الإنفاق الاستهلاكي المقياس المفضل لمجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) لتقييم الضغوط التضخمية.
وبحسب بيانات مكتب التحليل الاقتصادي الأميركي عكست الزيادة البالغة 145.5 مليار دولار في نفقات الاستهلاك الشخصي في فبراير زيادة قدرها 111.8 مليار دولار في الإنفاق على الخدمات مقابل زيادة بـ33.7 مليار دولار في الإنفاق على السلع.
الفيدرالي قد يخفض الفائدة في يونيو
وكتب نائب رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي السابق ريتشارد كلاريدا، وهو الآن مستشار اقتصادي عالمي لشركة بيمكو العملاقة للسندات، حتى لو بدا أن التضخم أكثر ثباتاً، وهو ما يخالف التوقعات في الأسابيع المقبلة، وظل الاقتصاد قوياً، فلا يزال بإمكان بنك الاحتياطي الفيدرالي المضي قُدُماً في خفض يونيو كتعديل محتمل لمرة واحدة وليس كبداية لسلسلة متواصلة من التخفيضات، وذلك في تقييم لما تواجهه البنوك المركزية.
وقال كلاريدا إن التبرير المسبق لتخفيضات أسعار الفائدة المتوقع أن تبدأ هذا الصيف هو أن صناع السياسة يبقون ببساطة أسعار الفائدة متماشية مع انخفاض التضخم الذي سُجل منذ العام الماضي، ويمكن أن يخفضوا المزيد طالما استمر التضخم في الانخفاض.
ولكن «إذا لم يتبع التضخم التوقعات، وأصبح ثابتاً عند مستوى معقول يبلغ 2.5%، فمن المرجح أن توقف البنوك المركزية دورات خفض أسعار الفائدة»، كما كتب كلاريدا، وهو أمر يعتمد «على مدى اعتقادها أنه من خلال الإبقاء على السياسة مقيدة لفترة طويلة، فإنه يمكن عودة التضخم (في النهاية) إلى هدف 2 في المئة».
إن احتمالية خفض الفيدرالي أسعار الفائدة في وقت لاحق هذا العام قد يكون بمثابة تخفيض أولي، لن يتبعه مزيد من التخفيضات إذا لم يتجه التضخم نحو ما هو متوقع، هذا التخفيض الأوّلي من شأنه تقليل المخاطر التي تواجه الاحتياطي الفيدرالي في أهداف التوظيف والتضخم.
«وعرة في بعض الأحيان»
ومن شأنه أيضاً أن يلقي بظلاله على التوقعات بأن عام 2024 سيكون العام الذي تنتهي فيه معركة التضخم القياسية التي يشنها بنك الاحتياطي الفيدرالي في سلسلة متتالية من تخفيضات أسعار الفائدة واستمرار النمو الاقتصادي.
وقد أظهرت التعليقات الأخيرة من مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي وجهات نظر متباينة، حيث قال عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر، يوم الأربعاء، إنه سيدعم إبقاء السياسة أكثر صرامة إذا لم تكن بيانات التضخم مشجعة، وقال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو أوستان جولسبي في وقت سابق من الأسبوع إن قراءات التضخم المرتفعة الأخيرة لا تتفق مع التوقعات، ولكن هذا لا يقوّض الاتجاه نحو تخفيف ضغوط الأسعار.
سيقوم باول بتحديث وجهات نظره في ظهوره يوم الجمعة في بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو، والذي سيتبع صدور بيانات التضخم الجديدة لشهر فبراير.
وفي مؤتمره الصحفي بعد اجتماع السياسة الأسبوع الماضي، قال إن بيانات الأسعار المرتفعة الأخيرة «لم تغير القصة الإجمالية، وهي أن التضخم يتحرك نحو الأسفل تدريجياً على طريق وعر في بعض الأحيان نحو 2 في المئة».
بيانات يوم الجمعة
ومع ذلك، فمن المرجح أن تتزايد الشكوك حول هذا الرأي إذا كانت بيانات يوم الجمعة وأرقام التضخم الواردة الأخرى أعلى من المتوقع، وليس فقط من صقور التضخم الثابت مثل والر، لكن من آخرين أيضاً، مثل رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا رافائيل بوستيك، بشأن سياسة أسعار الفائدة.
وفي تصريحات للصحفيين الأسبوع الماضي، قال بوستيك إنه قلَّص بالفعل توقعاته لعام 2024 من تخفيض نصف نقطة في سعر الفائدة إلى خفض ربع نقطة.
ومن الممكن أن تؤثر بيانات التضخم والبيانات الاقتصادية المقبلة على صناع السياسات في أي من الاتجاهين.