في الأيام الأولى لغزو أوكرانيا، أغلق الاتحاد الأوروبي وروسيا مجالهما الجوي أمام بعضهما بعضاً، وهو حصار جوي ظل قائماً منذ ذلك الحين.

الآن بعد أن أعادت الصين فتح اقتصادها أمام العالم بعد ما يقرب من ثلاث سنوات من الإغلاق لمحاربة فيروس كورونا، وهو ما يمثّل أخباراً جيدة لسوق السياحة العالمية، يدعو البعض في صناعة الطيران الأوروبية إلى تحقيق المساواة مع نظيرتها الصينية.

خلال زيارة للصين في أبريل نيسان، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن شركة «إيرباص»، التي تتخذ من فرنسا مقراً لها، قد أبرمت عدداً من الصفقات الضخمة في الصين، إذ تعهدت الدولتان «باستئناف الرحلات الجوية إلى مستويات ما قبل الجائحة في أسرع وقت ممكن».

ومع ذلك، فإن إحياء هذه الروابط الجوية يمكن أن يكون أكثر إيجابية لشركات الطيران الصينية من الأوروبية.

رحلات أطول، وقود أكثر

مثل الركاب الآخرين الذين يسافرون على متن شركات طيران أوروبية إلى آسيا، لم يسلك ماكرون أسرع طريق بين فرنسا والصين، إذ تجنبت طائرته التحليق فوق روسيا لأسباب سياسية وأمنية.

ولكن نظراً لأن بكين وموسكو لا تزالان تتمتعان بعلاقات طيبة، فإن الطرق المباشرة والأسرع تظل مفتوحة فوق المجال الجوي الروسي، ما يتطلب وقوداً أقل ويحقق أرباحاً أفضل.

قال لوران دونسيل، المدير الإداري للخطوط الجوية لأوروبا «إيه 4 إي» لشبكة «CNN» إن «إغلاق المجال الجوي الروسي أمام شركات الطيران الأوروبية قد أجبر تلك الشركات على اتخاذ طرق التفافية، إلى شرق وجنوب شرق آسيا».

وقد أدّى ذلك إلى إطالة أوقات الرحلات وزيادة كميات الوقود المستخدم في هذه الرحلات.

يضم «إيه 4 إي» -أكبر اتحاد لشركات الطيران في أوروبا-، لاعبين رئيسيين مثل الخطوط الجوية البريطانية والخطوط الجوية الفرنسية و«كيه إل إم» و «لوفتهانزا» و«فين آير»، وكلها تأثرت مسار وأوقات رحلاتها بإغلاق المجال الجوي الروسي.

فنلندا الأكثر تضرراً

كانت شركة الطيران الفنلندية «فين آير»، التي تعمل انطلاقاً من مركز طيران رئيسي في هلسنكي، هي الأكثر تضرراً بسبب قربها من روسيا، وفقاً لدونسيل.

زادت مسافة رحلة الطيران بين هلسنكي وسنغافورة الآن بنحو 1.400 كيلومتر إضافي (2.250 ميل)، تمثّل زيادة في وقت الرحلة تقارب ساعة ونصف الساعة.

فيما أضيف أربعة آلاف كيلومتر إضافي في اتجاه واحد لرحلة بين هلسنكي وسيئول، تضيف سبع ساعات من الوقت الإضافي في رحلة ذهاباً وإياباً بين المدينتين.

في حين أن هذا يسبب بالتأكيد المزيد من الإزعاج للركاب، أضاف دونسيل أن له أيضاً آثاراً تجارية.

وقال «هذا يضع شركات الطيران الأوروبية في وضع تنافسي غير مكافىء».

ووصف بن سميث، الرئيس التنفيذي لمجموعة «كيه إل إم» الفرنسية، التعاون بين فرنسا والصين في مجال الطيران بأنه «غير عادل»، في مقابلة مع صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية نشرت في 17 فبراير شباط.

وقال وزير النقل الفرنسي كليمان بون لشبكة «CNN» في نهاية فبراير شباط، إنه لم يتلقَ بعد أي شكاوى رسمية من الخطوط الجوية الفرنسية.

منافسة غير عادلة

تستغرق رحلات الخطوط الجوية الصينية الشرقية المباشرة من شنغهاي حالياً 12 ساعة، بينما تستغرق رحلات الخطوط الجوية الفرنسية، التي تتعاون معها من خلال تحالف الطيران «سكاي تيم» 14 ساعة.

وبالمثل، تستغرق الرحلة المباشرة من فرانكفورت إلى بكين على متن شركة الطيران الألمانية «لوفتهانزا» 11 ساعة، بينما يحتاج شريكها الصيني في «ستار أليانز» و«آير تشاينا» إلى تسع ساعات فقط.

تخلت بعض شركات الطيران الغربية عن الطرق المؤدية إلى شرق آسيا، وأوقفت «فيرغن أتلانتيك» رسمياً رحلاتها من لندن إلى هونغ كونغ في مارسة آذار بعد ما يقرب من 30 عاماً من الخدمة، مشيرة إلى التأثير اللوجستية للالتفاف على الطرق.

حظر شركات الطيران الصينية

أعرب مؤسس مجموعة فيرغن، ريتشارد برانسون، عن دعمه لفرض حظر على جميع شركات الطيران الصينية التي تطير إلى المملكة المتحدة عبر المجال الجوي الروسي في مقابلة مع صحيفة التلغراف البريطانية في نهاية عام 2022.

وقال للصحيفة، إن شركات الطيران التي تحلق فوق روسيا تساعد بشكلٍ غير مباشر المجهود الحربي للكرملين، أُغلق المجال الجوي الروسي المتاخم لأوكرانيا أمام جميع شركات الطيران التجارية منذ بداية الغزو.

كما نصحت وكالة سلامة الطيران التابعة للاتحاد الأوروبي، في آخر تحديث لها لنشرة معلومات منطقة النزاع في 16 مارس آذار، شركات الطيران التي تحلق فوق المجال الجوي الذي تديره موسكو بتوخي الحذر بسبب «النشاط العسكري المتزايد الذي قد يشمل إطلاق صواريخ متوسطة المدى تخترق المجال الجوي الخاضع للرقابة».