يرجح أن تكون دول الخليج أكبر الناجين من النظرة القاتمة للاقتصاد العالمي التي رسمها صندوق النقد الدولي لعام 2023 حين وصفه بأنه «عام صعب».

فكيف ستتأثر الدول العربية وخصوصاً منطقة الخليج بتوقعات التباطؤ؟

سيشهد الاقتصاد العالمي حالة من عدم اليقين في 2023 لكن دول الخليج ستكون بمنأى عنها، حسبما أشار الخبير في أسواق المال والشريك المؤسس لأكاديمية «ماركت ترايدر» الأميركية، عمرو عبدو، في حديث إلى «CNN الاقتصادية».

وأوضح عبدو أن المنطقة ستكون أمام ظروف إيجابية بسبب عوامل رئيسية، «أهمها ربط عملات دول الخليج، باستثناء الكويت، بالدولار، وهو ما حماها وحمى اقتصاداتها من التضخم الناتج من ضعف العملة المحلية»، موضحاً أن «هذا الأمر لم يكن متاحاً لدول شمال أفريقيا ودول بلاد الشام وكذلك لدول الاتحاد الأوروبي – حيث انخفض اليورو إلى أقل من دولار إبّان تفاقم الحرب الأوكرانية – الروسية العام الماضي».

وشرح عمرو عبدو أن «دول الخليج لم تتأثر كثيراً أيضا لأن الأسر فيها تنفق ما بين 9 و12 في المئة على الغذاء – خلافاً لدول أفريقيا وبلاد الشام التي تنفق ما يتجاوز الـ40 في المئة على الغذاء. وبالتالي، فإن التضخم في أسعار الطاقة والغذاء الذي بلغ ذروته في العامين الماضيين، لم يؤثر على مواطنيها كغيرهم في بقية دول العالم».

وأوضح عمرو عبدو «أن الدعم الأكبر لدول الخليج أتى من الفوائض الكبيرة في موازناتها نتيجة ارتفاع أسعار النفط التي ناهزت 128 دولاراً للبرميل في مارس آذار 2022 عقب اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية».

ويضاف إلى ذلك، أن دول الخليج، ولاسيما الإمارات والسعودية، تمكنت من توفير الديمومة في استقرارها المالي من جهة وتنويع اقتصاداتها من جهة أخرى، خصوصاً في قطاعات السياحة والخدمات الصحية في الامارات، والإجراءات الطموحة في السعودية لتوطين الصناعات وجذب الشركات.

لماذا هذه الطفرة في الاكتتابات العامة؟

لفت الخبير في أسواق المال عمرو عبدو في حديث إلى أن عوامل كثيرة عززت سوق الاكتتابات العامة في دول الخليج العام الماضي، رغم تسجيلها العالمي أطول فترة تراجع منذ الأزمة المالية العالمية في 2008 – حيث هبطت بنسبة 68 في المئة بحسب تقرير بنك «غولدمان ساكس» الصادر في ديسمبر كانون الأول الماضي.

ومن أهم العوامل التي عززت هذه السوق، بحسب عمرو عبدو، القرارات الصائبة والسريعة التي اتخذت لاحتواء كوفيد-19 والحد من استمرار الاغلاق، الأمر الذي دفع الكثير من الشركات المالية تحديداً، إلى نقل مقارها إلى الإمارات والسعودية على وجه الخصوص، بفعل الثقة التي حصدتها هذه الحكومات في إدارة ملف كوفيد.

كذلك أشار إلى الظروف الاقتصادية التي استفاد منها الخليج عبر ارتفاع أسعار الطاقة وأيضا حالة الاستقرار في أسواقها بالتزامن مع الحرب الروسية – الأوكرانية، فجذبت المستثمرين إليها.

21 مليار دولار

23 في المئة من إجمالي قيمة الاكتتابات في 2022 استحوذت عليها دول الخليج، حسبما يقول الشريك المؤسس لأكاديمية «ماركت ترايدر» الأميركية.

أضاف «دول الخليج حصدت وحدها 21 مليار دولار من إجمالي قيمة الاكتتابات العالمية من أصل حوالي 91 مليار دولار حول العالم». ولفت إلى أن هذا الأمر بالغ الأهمية لأن النسبة في 2021 كانت فقط 2 في المئة، مشيراً إلى قفزة ضخمة ناهزت 19 في المئة.

ورأى عمرو عبدو أن هذا النجاح «كافٍ لكي يثير لعاب الشركات العالمية للمجيء وطرح نفسها في الأسواق الخليجية».

والأهم في 2023، هو أن تستغل دول الخليج هذه المرحلة للاستفادة من الفوائض ودعم مسيرة تنويع الاقتصاد، ختم عمرو عبدو.