بعد عام متواصل من تشديد السياسة النقدية ورفع أسعار الفائدة الأميركية، بدأت التوقعات بوقف هذه السياسة تظهر في الأفق، وأصبحت زيادة الفائدة القادمة محل شك.

والآن السؤال الرئيسي الذي يشغل بال المستثمرين هو: هل يرفع الفيدرالي معدل الفائدة 25 نقطة أساس إضافية أمْ يتجه إلى وقف وتيرة التشديد النقدي وتثبيت الفائدة متخلياً عن معركته الطويلة مع التضخم من أجل منع اقتصاد البلاد من الدخول في ركود؟

ما هي السياسة التشديدية؟

عندما يرفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، يقال إنه «يشدد» السياسة النقدية، وهي إحدى أدوات البنوك المركزية التي تستخدمها بهدف تقليل الطلب على النقود.

وقد يساعد ارتفاع معدل الفائدة في السيطرة على معدل التضخم المرتفع لأنه كما تقترح النظرية، يصبح الوصول إلى الائتمان أكثر تكلفة (أي تشديد الظروف المالية)، ما يقلل من الاستهلاك والاستثمار.

وفي المقابل، يتجه المركزي الأميركي لخفض أسعار الفائدة وتيسير السياسة النقدية في أوقات الركود الاقتصادي، وهو ما اتبعه الاحتياطي الفيدرالي وقت الأزمة المالية عندما خفّض معدل الفائدة إلى ربع نقطة مئوية، وهو المستوى نفسه الذي التزم البنك به بعد جائحة كورونا.

وبدأت دورة التشديد النقدي الأخيرة للاحتياطي الفيدرالي تزامناً مع رفع قيود الإغلاق المرتبطة بالجائحة، واستمرت زيادات أسعار الفائدة حتى اجتماع البنك الأخير في مارس آذار، في محاولة مستميتة لكبح جماح التضخم الذي ينهش جيوب الأسر.

ولكن في ظل سعي الفيدرالي لخفض التضخم من خلال وتيرة التشديد النقدي السريعة، فهو يضغط أيضاً على أرباح الشركات، ويهدد بركود الاقتصاد الأميركي.

هل يواصل الفيدرالي رفع الفائدة في مايو؟

رفع الاحتياطي الفيدرالي معدل الفائدة تسع مرات متتالية بدأت بزيادة قدرها 50 نقطة أساس في مارس آذار 2022 وأخرى في مايو أيار 2022، تلتها أربع زيادات قدرها 75 نقطة أساس آخرها في اجتماع نوفمبر تشرين الثاني 2022.

وبداية من ديسمبر كانون الأول، اتجه الفيدرالي لخفض وتيرة التشديد النقدي ليرفع الفائدة 50 نقطة أساس، ثم 25 نقطة إضافية في فبراير شباط 2023، تليه زيادة مماثلة في اجتماع مارس آذار الماضي.

وبذلك يصل إجمالي زيادات الفائدة 475 نقطة أساس خلال دورة التشديد النقدي الأخيرة ليصل سعر الفائدة الفيدرالية إلى النطاق 4.75-5 في المئة، وهو معدل لا يزال أدنى من متوسط توقعات الفيدرالي للفائدة خلال عام 2023، والبالغ 5.1 في المئة.

وإلى جانب توقعات تقرير الفيدرالي بمزيدٍ من زيادات الفائدة هذا العام، يتوقع 92.2 في المئة من المتداولين على أداة «فيد ووتش» زيادة إضافية قدرها 25 نقطة أساس إلى النطاق 5-5.25 في المئة، في اجتماع البنك الذي يبدأ لاحقاً اليوم، وينتهي غداً الأربعاء.

ومع ذلك، لا تزال هناك احتمالية قائمة بإمكانية اتجاه الفيدرالي لتثبيت أسعار الفائدة دون تغيير، وهو قرار من شأنه مفاجأة الأسواق على نطاق واسع.

متى ينهي الفيدرالي سياسة التشديد النقدي؟

هذا السيناريو يشوبه عدم اليقين، إذ لفت رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إلى احتمالية زيادة الفائدة أكثر إذا احتاج الاقتصاد إلى ذلك، مؤكداً أن التوقعات الاقتصادية للبنك لا تُشير إلى خفض أسعار الفائدة هذا العام.

ولكن زادت آمال «وول ستريت» باقتراب نهاية التشديد النقدي بعدما أشار باول عقب اجتماع مارس آذار، إلى احتمالية التوقف عن زيادات أسعار الفائدة خلال بقية العام الجاري.

وتشير أسواق العقود الآجلة إلى مراهنة المستثمرين على انتهاء الفيدرالي من رفع الفائدة بعد اجتماعه الشهر الجاري، إذ يرجّحون عدم حدوث تغيير في أسعار الفائدة خلال اجتماع البنك المقبل في يونيو حزيران، بل يرون أن هناك فرصة كبيرة لخفض سعر الفائدة بحلول يوليو تموز.

في غضون ذلك، تراقب الأسواق بيانات التضخم الأميركية باعتبارها المحرك الرئيسي لقرار الاحتياطي الفيدرالي، وننتظر صدور تقرير التضخم لشهر أبريل نيسان بعد أسبوع من قرار الفائدة الأميركية، بعدما بلغ معدل التضخم السنوي خمسة في المئة في مارس آذار.