تراجعت أسعار الشحن البحري منذ بداية العام الجاري بنسبة لامست 11 في المئة، ليصل متوسط تكلفة الحاوية قياس 40 قدماً إلى 2005 دولارات للأسبوع المنتهي في العاشر من فبراير شباط مقارنة مع 2246 دولاراً نهاية العام الماضي 2022.

ووصل التراجع في تكلفة شحن الحاويات خلال عام -وفق «مؤشر البلطيق»- إلى نحو 80 في المئة، إذ كان متوسط تكلفة شحن الحاوية قياس 40 قدماً 9628 دولاراً في الأسبوع المنتهي في الحادي عشر من فبراير شباط.

ورغم التراجعات الكبيرة التي شهدتها أسعار الشحن البحري خلال العامين الماضيين، لا تزال الأسعار أعلى من مستوياتها قبل جائحة كورونا، أي في عام 2019، وبنسب تصل إلى 27.3 في المئة، وبنسبة ارتفاع أعلى تصل إلى 38.6 في المئة عند مقارنة الأسعار في الفترة الحالية مع مستويات نهاية 2019، أي قبل تفاقم الجائحة.

كانت الأسعار قبل الجائحة تسير ضمن مستويات سعرية دون 1500 دولار للحاوية قياس 40 قدماً، مع بعض التذبذب من فترة إلى أخرى، حتى إن تكلفة الحاوية وصلت إلى مستويات قرب الألف دولار في أبريل نيسان من عام 2018.

أما أعلى المستويات السعرية على الإطلاق، فقد سُجلت خلال عام 2021 حين وصلت تكلفة شحن الحاوية قياس 40 قدماً إلى 11 ألفاً و109 دولارات في سبتمبر أيلول.

وترتبط الارتفاعات الكبيرة التي شهدتها أسعار الشحن خلال فترة جائحة كورونا بالكثير من العوامل، منها شح السفن والحاويات، بالإضافة إلى الصعوبات في عمليات المناولة سواء في موانئ المصدر أو التوريد.

وقال المدير العام لشركة «ايجكس» للخدمات اللوجستية في الإمارات، نبيل الخرابشة، «بعد الصعوبات التي شهدتها حركة الشحن وسلاسل التوريد، عادت الحركة بشكل تدريجي وبدأت الأسعار تتراجع بشكل كبير، وبالنسبة للواردات القادمة من الصين أو من أوروبا إلى منطقة الخليج، فالأسعار شهدت تصحيحاً كبيراً، وانخفضت التكاليف بشكل يتناسب مع متطلبات السوق في منطقة الخليج».

وأشار إلى عامل البنية التحتية اللوجستية في الإمارات ومنطقة الخليج والتقدم الذي أحرزته الموانئ في تسهيل حركة الشحن، وهو ما أسهم بالتالي في خفض الأسعار.

وعن التوقعات للعام الجاري والأعوام القليلة المقبلة، قال الخرابشة «نقترب من الاستقرار، والأسعار تنخفض بشكل نسبي، لكن الوصول إلى مستويات ما قبل الجائحة لن يكون خلال أشهر قليلة، وربما يتطلب عاماً أو عامين حتى نصل إلى تلك المستويات السعرية».

وأوضح أن الأسعار في الوقت الراهن باتت أكثر تذبذباً من ذي قبل وإن كان التحرك ضمن نطاقات ضيقة، قائلاً «الأسعار تختلف من يوم إلى آخر، فالوكلاء أو العملاء في الصين على سبيل المثال باتوا يرسلون الأسعار بشكل يومي، وهذه واحدة من التحديات التي تواجه وكلاء الشحن والعملاء».

وأشار إلى أن التذبذب يرتبط بتغير طبيعة عمل ومتطلبات المستوردين، فالشركات كانت تستورد قبل الجائحة كميات كبيرة وبعدها تقوم بعملية التوزيع، لكن اليوم تراجع الطلب الإجمالي في الوقت الذي زاد فيه عدد الطلبيات، حيث باتت الشركات تعتمد على تجزئة الطلب على دفعات أصغر، ما زاد من صعوبة تخطيط الأعمال لشركات الشحن.

ولفت إلى أن تقليل الكميات وتجزئتها يرتبط بسعي الشركات إلى تقليص وتوزيع المخاطر عبر الاستيراد بناءً على الطلب المسبق وليس الاستيراد وانتظار الطلب.

وقال نائب الرئيس التنفيذي في شركة «ديلتا كورب»، شايليش ديوان، «ارتفعت الأسعار بشكل كبير خلال الفترة الماضية في ظل جائحة كورونا، وفي عام 2022 تراجعت الأسعار لكنها بقيت أعلى من مستوياتها قبل الجائحة».

وتابع «لا تزال الأسعار مرتفعة نظراً للزيادات التي شهدناها لا سيما خلال عام 2021، وبالتالي فالعودة إلى الوضع الطبيعي للأسعار تحتاج إلى عامين مع عودة الطاقة الاستيعابية إلى طبيعتها».