أصبح حلم صانعة السيارات العملاقة فورد موتورز بالمنافسة في سوق السيارات الكهربائية داخل الولايات المتحدة حلماً بعيد المنال بسبب الخسائر التي تكبدتها الشركة في السنوات الماضية، ما يُغيّر المشهد بأكمله باعتبارها ثاني أكبر بائع للسيارات الكهربائية في البلاد بعد تسلا.
وفي الأسبوع الماضي، أقرت فورد بأن سوق السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة كما توقعت، لذا تجري الشركة تغييرات كبيرة على خططها للسيارات الكهربائية مع التركيز على السيارات الهجينة وتقديم أسعار معقولة.
تحول عقب نتائج مخيبة للآمال
ارتفعت إيرادات فورد في الربع الثاني من عام 2024 بنسبة ستة في المئة إلى 47.81 مليار دولار مع زيادة عدد السيارات المبيعة بنسبة 2 في المئة إلى 1.1 مليون سيارة حول العالم.
ولكن جاءت أرباح الشركة دون توقعات وول ستريت، متأثرة سلباً بسبب الخسائر من قطاع السيارات الكهربائية، فرغم ارتفاع مبيعات الشركة من السيارات الكهربائية ذلك الربع، فإن تزايد التكاليف وتباطؤ النمو ضغط على أعمالها في السوق.
وتتوقع فورد أن تخسر أعمالها في مجال السيارات الكهربائية من طراز إي e ما بين 5 و5.5 مليار دولار هذا العام، مشيرة إلى أن استمرار ضغوط التسعير والاستثمارات في الجيل التالي من السيارات الكهربائية من شأنه أن يسهم في الخسائر.
لذلك، قررت فورد التخلي عن خططها لتشكيلتها التالية من سيارات الدفع الرباعي الكهربائية بالكامل واستبدلتها بنماذج هجينة التي تقدّم عادةً مدى بطارية أقصر ولكن مدى أطول بشكل عام عند دمجها مع محرك بنزين.
وقالت أيضأ إنها ستخفّض حصة الإنفاق الرأسمالي المخصص للمركبات الكهربائية من 40 في المائة إلى 30 في المائة، مع نقل بعض إنتاج البطاريات من بولندا إلى ميشيغان للاستفادة من الإعفاءات الضريبية الأميركية.
ستتكبد الشركة خسائر تصل إلى 1.9 مليار دولار، بسبب هذه الخطة ويشمل ذلك نحو 400 مليون دولار لشطب معدات التصنيع التي وضعتها لبناء سيارات الدفع الرباعي الكهربائية التي لم تعد تخطط لبنائه، فضلاً عن نفقات إضافية تصل إلى 1.5 مليار دولار.
هل توقف فورد تصنيع السيارات الكهربائية بالكامل؟
أعلنت فورد أنها تعدّل خارطة طريقها للسيارات في أميركا الشمالية لتشمل مجموعة أوسع من خيارات السيارات الكهربائية بما في ذلك تخفيض الأسعار وزيادة المسافة التي تستطيع السيارة قطعها.
وستستمر فورد في تصنيع السيارات الكهربائية ولكن بوتيرة أبطأ، وبدلاً من سيارات الدفع الرباعي ذات الثلاثة صفوف أو البيك أب الكبيرة، من المتوقع أن تكون أول سيارة كهربائية جديدة للشركة عبارة عن شاحنة تجارية في عام 2026، يمكن أن يساعدها ذلك على التنافس مع ريفيان التي لديها صفقة مع أمازون جعلت شاحناتها الكهربائية منتشرة في مختلف أنحاء الولايات المتحدة.
تليها في العام التالي شاحنة بيك آب متوسطة الحجم ثم شاحنة بيك آب تي 3 كاملة الحجم، وتهدف فورد لتقديم شاحنة مبتكرة بشحن ثنائي الاتجاه، إذ يمكن استخدامها في توفير الكهرباء لشحن المنزل في حالة انقطاع التيار الكهربائي، وتحسين الديناميكية الهوائية.
يأتي هذا التأجيل في خطط فورد بسبب وزن وتكلفة مجموعات البطاريات اللازمة للشاحنات الكبيرة مثل سيارات الدفع الرباعي ذات الثلاثة صفوف، والتي تشتريها العديد من العائلات للرحلات البرية والقطر والنقل، ما يمثل قيوداً على المركبات الكهربائية بسبب النطاقات الحالية وشبكات الشحن، وفقاً للرئيس التنفيذي لشركة فورد جيم فارلي.
لكن شركة فورد قالت إن التحسينات التي تخطط لإجرائها على تصنيع البطاريات ستساعد على خفض تكلفة شاحنتها بحلول ذلك الوقت، وقال فارلي «تكون أسعار السيارة الكهربائية معقولة عندما تكون البطاريات بأسعار معقولة، إذا لم تكن قادراً على المنافسة في تكلفة البطارية فلن تكون قادراً على المنافسة في سوق السيارات الكهربائية».
منافسة حادة بقيادة تسلا
شهدت أعمال فورد وشيفورليه في سوق السيارات الكهربائية داخل الولايات المتحدة نمواً ملحوظاً خلال الربع الثاني من عام 2024، ومع ذلك لا تزال تتخلف فورد عن تسلا في إنتاج السيارات الكهربائية.
ويقول فارلي «لقد تعلمنا الكثير باعتبارنا العلامة التجارية الثانية للسيارات الكهربائية في الولايات المتحدة بشأن ما يريده العملاء ويقدرونه، وما يلزم لمضاهاة الأفضل في العالم بتصميم فعّال في التكلفة، وقد وضعنا خطة تمنح عملاءنا أقصى قدر من الاختيار، وتلعب على نقاط قوتنا».
وتعد شاحنة فورد أف 150 لايتيننغ الشاحنة الكهربائية الأكثر مبيعاً في الولايات المتحدة، ومع ذلك أصبحت المركبات ذات التكنولوجيا الهجينة تحظى بشعبية متزايدة في الولايات المتحدة، لذلك قررت فورد تغيير استراتيجيتها تجاه السوق.
في المقابل قد تستفيد بعض العلامات التجارية المنافسة في هذا التحول، وعلى رأسها شركات صناعة السيارات الصينية، مثل شركة بي واي دي المدعومة من الملياردير الأميركي وارن بافيت، والتي كانت تنمو بسرعة من أسواقها المحلية إلى أوروبا ودول أخرى.
كيف يتأثر سهم فورد؟
تكبدت فورد خسائر قوية مقارنة بمنافسيها بسبب خطط تصنيع السيارات الكهربائية وقت جائحة كورونا، إذ انخفض سهمها بنسبة 56 في المئة منذ يناير كانون الثاني 2022، بينما انخفض سهم منافستها جنرال موتورز بنسبة 31 في المئة في الفترة ذاتها.
وبعدما فشلت الشهر الماضي في تلبية توقعات وول ستريت لأرباح الربع الثاني، كان رد فعل السوق هو هبوط أسهم فورد بنسبة 18 في المئة، وهو أكبر انخفاض لها في يوم واحد منذ عام 2008.
ثم في الأسبوع الماضي، أعلنت شركة فورد عن إعادة التفكير في خططها الخاصة بالسيارات الكهربائية، ورغم الخسائر المتوقعة نتيجة لخطة فورد الأخيرة، دعم المستثمرون ومحللو وول ستريت إلى حد كبير القرار آملين في أن يدعم هذا التحول تعزيز ربحية الشركة ووقف نزيف قطاع السيارات الكهربائية.
وعلى خلفية هذه القرارات، قفز سهم فورد بنسبة 7.23 في المئة على مدار الأسبوع الماضي، لكنه سجّل تراجعاً بنحو 1.15 في المئة منذ بداية تعاملات الأسبوع الجاري حتى إغلاق جلسة يوم الثلاثاء، وفقاً لبيانات ريفينتيف.
وكتب جون مورفي من بنك أوف أميركا في مذكرة للمستثمرين «بشكل عام، ستمكن هذه التغييرات شركة فورد من الاستفادة من الطلب المتزايد على السيارات الكهربائية، مع التركيز أيضاً على المجالات التي تتمتع فيها بميزة تنافسية أساسية».
وأضاف في تعليقات نقلتها صحيفة فاينانشال تايمز «بالنظر إلى حجم الشحنة، من الواضح أن هذا قرار صعب على المدى القصير، ولكننا نعتقد أنه منطقي على المدى المتوسط إلى الطويل».