رئيس كوريا الجنوبية الجديد أمام اختبار ترامب؟

لافتة تحمل صورة لي جاي ميونغ، رئيس كوريا الجنوبية الجديد، مُعلقة في أحد شوارع وسط مدينة سيئول (شتر ستوك)
رئيس كوريا الجنوبية الجديد أمام اختبار ترامب؟
لافتة تحمل صورة لي جاي ميونغ، رئيس كوريا الجنوبية الجديد، مُعلقة في أحد شوارع وسط مدينة سيئول (شتر ستوك)

في الرابعة عشرة من عمره، كان عاملاً فقير في أحد المصانع، واليوم أصبح زعيماً لواحدة من أقوى اقتصادات آسيا، وبعد فوزه الساحق على منافسه المحافظ، كيم مون سو، أمس الثلاثاء، يواجه لي جاي ميونغ مهمة شاقة.

لا تزال كوريا الجنوبية منقسمة بشدة، حيث أعلن الرئيس السابق، يوك سوك يول، الأحكام العرفية في محاولة قصيرة الأمد للاستبداد بالسلطة في ديسمبر الماضي، ما أثار قلق العديد من الناخبين بشأن حالة ديمقراطيتهم.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

وأدت الظروف الدولية المتقلبة إلى تفاقم حالة عدم اليقين المحلي، فقد أثرت التعريفات الجمركية العالمية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشدة على اقتصاد كوريا الجنوبية المعتمد على التجارة، في ظل غياب زعيم داخلي قوي قادر على التفاوض مع واشنطن.

قالت تشو هي كيونغ، أستاذة القانون بجامعة هونغ إيك في سيئول، إن انتخاب لي جاي ميونغ قد يوفر للبلاد أخيراً بعض الاستقرار الذي تشتد الحاجة إليه.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

وأضافت تشو «لم يكن لدينا شخص قادر على التفاهم مع ترامب بشأن حرب الرسوم الجمركية، وهذه مشكلة خطيرة بالنسبة لاقتصاد قائم على التصدير»، وأضافت أن الانتخابات، التي شهدت أعلى نسبة إقبال على التصويت منذ عام 1997، مثّلت توبيخاً عاماً لاذعاً لحزب الرئيس السابق، حزب قوة الشعب «المسؤول عن جلب الفوضى إلى البلاد».

ولكن يبقى أن نرى ما إذا كان لي جاي ميونغ، البالغ من العمر 60 عاماً، سيتمكن من رأب الانقسامات السياسية، خاصةً أنه يواجه اتهامات بالفساد وإساءة استخدام السلطة، ولكن الرؤساء عادةً ما يتمتعون بالحصانة من الملاحقة القضائية.

وفي حفل تنصيبه، اليوم الأربعاء، سعى لي جاي ميونغ إلى تصوير نفسه كداعم للوحدة وبداية جديدة لأمة يزيد عدد سكانها على 50 مليون نسمة، وقال في خطابه «لقد حان الوقت لاستبدال الكراهية والمواجهة بالتعايش والمصالحة والتضامن لبدء عهد من السعادة الوطنية والأحلام والأمل».

من الفقر إلى الثراء

وُلد لي جاي ميونغ في منتصف ستينيات القرن الماضي، وكان الخامس من بين سبعة أطفال لعائلة فقيرة من أندونغ، وهي مدينة تقع على ضفاف نهر هان، جنوب شرق سيول.

كان والده عامل نظافة بينما كانت والدته تُحصل رسوم دخول الحمامات العامة، وفقاً لسيرته الذاتية.

مع اجتياح الحرب الأهلية لكوريا الجنوبية بدأ لي جاي ميونغ العمل في المصانع في سن المراهقة، من مصانع المجوهرات إلى خطوط تجميع الثلاجات، وأثناء عمله في مصنع لصنع قفازات البيسبول أُصيب بعاهة دائمة في ذراعه اليسرى.

في مذكراته كتب لي جاي ميونغ عن حسده للطلاب الذين رآهم يرتدون الزي المدرسي، وأولئك الذين كان لديهم ما يكفي من الطعام.

على الرغم من بداياته المتواضعة، اجتاز لي جاي ميونغ امتحاناته المدرسية وحصل على منحة دراسية كاملة لدراسة القانون في جامعة تشونغ آنغ، إحدى أفضل الجامعات الخاصة في سيئول، ومن هناك أصبح محامياً في مجال حقوق الإنسان، ودخل عالم السياسة في عام 2010 كعمدة لمدينة سيونغنام، المجاورة لسيئول، ممثلاً للحزب الديمقراطي الليبرالي، وبدءاً من عام 2018 أصبح حاكم مقاطعة جيونجي، أكثر مقاطعات البلاد اكتظاظاً بالسكان، وهي المقاطعة التي تضم العاصمة، ثم ترشح في انتخابات الرئاسة لعام 2022، وخسر أمام الرئيس السابق بفارق أقل من نقطة مئوية واحدة.

أصبح لي جاي ميونغ عضواً في البرلمان بعد ذلك ونجا من محاولة اغتيال في يناير 2024 عندما طعنه رجل في رقبته خلال مناسبة عامة في مدينة بوسان الجنوبية.

وعندما قرر الرئيس يون الاستبداد بالسلطة تصدر لي جاي ميونغ المشهد كواحد من المشرعين الذين سارعوا إلى المجلس التشريعي وتجاوزوا الجنود لإجراء تصويت طارئ لإلغاء الأحكام العرفية، وقام لي جاي ميونغ بالقفز فوق سياج لدخول المبنى، وتم توثيق هذا المشهد في فيديو انتشر على نطاق واسع وشاهده عشرات الملايين.

مستقبل الرئاسة

يسيطر الحزب الديمقراطي الآن على كل من البرلمان والرئاسة، ما قد يؤدي إلى «عودة إلى الحياة السياسية الطبيعية»، وفقاً لسيليست أرينغتون، الأستاذة المساعدة في العلوم السياسية والشؤون الدولية في جامعة جورج واشنطن الأميركية، وأضافت «قد يكون تمرير السياسات أسهل مما كان عليه الأمر في عهد الرئيس المعزول».

وأمام لي جاي ميونغ الكثير ليفعله فوراً، بما في ذلك معالجة الاقتصاد الراكد والمشاركة في محادثات التجارة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية.

وقال خلال خطاب تنصيبه اليوم الأربعاء «سأُفعّل على الفور فريق عمل للاستجابة الاقتصادية الطارئة لاستعادة سبل عيش الشعب وإنعاش الاقتصاد»، وأضاف أنه سيحوّل الأزمة الاقتصادية والأمنية العالمية إلى فرصة لتعظيم «مصالحنا الوطنية»، وتعزيز التعاون الثلاثي مع الولايات المتحدة واليابان.

ترى أرينغتون أن لي جاي ميونغ يرى بوضوح أن التحالف بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية هو «العمود الفقري» للأمن القومي للبلاد، ولكنه أيضاً سيتعين عليه الحفاظ على العلاقات مع الصين، أكبر شريك تجاري لكوريا الجنوبية.