أدى تباطؤ الإنفاق الاستهلاكي والتضخم إلى ربعين متتاليين من الانكماش الاقتصادي في الاتحاد الأوروبي، وهذا يعني أن منطقة اليورو ستسقط في ركود خلال أشهر الشتاء، ومن المُرجح أن يكون النمو هذا العام ضعيفاً.
يقول الاقتصاديون إن الركود معتدل، وإن الاقتصاد الأوروبي الأوسع قد نجح في تجنب الانكماش الشديد، لكنهم يركزون أيضاً على الآثار غير المباشرة على الولايات المتحدة والاقتصاد العالمي.
هل تتأثر الولايات المتحدة بالركود الأوروبي؟
قال الخبيران الاقتصاديان في بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، أوزجي أكينشي وباولو بيسنتي، إنه «عندما تصاب أوروبا بنزلة برد، يعطس بقية العالم».
دخلت الدول العشرين التي تستخدم اليورو في ركود معتدل في مطلع العام، إذ أدى ارتفاع التضخم إلى خفض الإنفاق الاستهلاكي وشددت الحكومات قيودها المالية، وهذا يعني أن منطقة اليورو والاتحاد الأوروبي بأسره يتخلفان الآن عن الاقتصاد الأميركي.
في الأشهر الثلاثة الأولى من العام، انخفض الناتج الاقتصادي في منطقة اليورو بنسبة 0.1 في المئة مقارنة بالربع السابق، بعد انخفاض بالحجم نفسه في الربع الأخير من عام 2022.
في غضون ذلك، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي عبر المحيط الأطلسي بنسبة 0.3 في المئة في الربع الأول مقابل 0.6 في المئة في الربع الأخير من العام الماضي، وفقاً لبيانات من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
لكن الأمور قد لا تبقى على هذا النحو لفترة طويلة، وجد أكينجي وبيسينتي من بنك الاحتياطي الفيدرالي، أن الأزمات الاقتصادية في أوروبا قد أثرت على الولايات المتحدة بنحو ما على مدار الثلاثين عاماً الماضية.
الروابط الأميركية والأوروبية
ووجدوا أن التطورات الأوروبية يمكن أن تؤثر على الولايات المتحدة بعدة طرق هناك روابط تجارية، إذ يستخدم المقيمون الأميركيون السلع والخدمات المستوردة من أوروبا، وينتجون السلع والخدمات المصدرة إلى الخارج.
كما تقرض البنوك والشركات الأميركية وتقترض من المؤسسات المالية الأوروبية، وهو ما يمكن أن يتأثر أيضاً.
هل يعيد التاريخ نفسه؟
في عام 2012، وقعت أوروبا في أزمة ديون متعددة السنوات، أدت المخاوف بشأن السلامة المالية في أوروبا، وخاصة في اليونان، إلى أزمة ائتمان في جميع أنحاء القارة، تسبب في مخاوف للاحتياطي الفيدرالي.
ولاحظ صانعو السياسة أن ارتفاع مستوى عدم اليقين فيما يتعلق بالأزمة المالية والمصرفية الأوروبية، أثَّر في إنفاق الأسر والشركات الأميركية، وأثار القلق بشأن التداعيات المحتملة على الأسواق والمؤسسات المالية الأميركية، وبالتالي على الاقتصاد الأميركي ككل.
هل تتنقل عدوى الركود الأوروبية لأميركا؟
قال الرئيس التنفيذي لغولدمان ساكس، ديفيد سولومون، يوم الاثنين، إن الاقتصاد الأميركي كان مرناً بشكل مدهش هذا العام، ولكن من المُرجح أن يواجه عراقيل مؤلمة.
وأضاف «أعتقد أنها فترة توخي الحذر بعض الشيء».
وأشار إلى أنه لا يتوقع من صانعي السياسة الفيدراليين رفع أسعار الفائدة لمحاربة التضخم في اجتماعهم في وقت لاحق من هذا الأسبوع، لكنه يعتقد أن المؤشرات الاقتصادية القوية والتضخم، قد يعني المزيد من الارتفاعات في المستقبل.
وقال الرئيس التنفيذي لغولدمان ساكس، ديفيد سولومون، إن هذه الزيادات «ستجعل على الأرجح البيئة الاقتصادية أكثر تحدياً إلى حد ما».
وأضاف أنه إذا وقعت الولايات المتحدة في ركود، فمن المحتمل ألا يحدث ذلك حتى نهاية هذا العام أو بداية عام 2024.
لم يكن الأميركيون متفائلين بهذا الشكل بشأن التضخم منذ عامين، وانخفضت توقعات التضخم على المدى القريب للمستهلكين في مايو إلى أدنى مستوى لها في عامين، وفقاً لبيانات المسح الجديدة الصادرة يوم الاثنين من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك.
وارتفعت أسعار المستهلك في الولايات المتحدة في مايو أيار بأبطأ وتيرة سنوية منذ مارس آذار 2021، وفقاً للبيانات الصادرة يوم الثلاثاء عن مكتب إحصاءات العمل.
وارتفع مؤشر أسعار المستهلك، وهو مقياس تضخم رئيسي يقيس تغيرات الأسعار لسلة من السلع والخدمات، بنسبة 4 في المئة في مايو أيار مقابل 4.9 في المئة في أبريل نيسان، وهو أقل بقليل من توقعات الاقتصاديين البالغة 4.1 في المئة.
(CNN- نيكول جودكيند)