تسارع معدل التضخم الاستهلاكي في الصين خلال يناير كانون الأول 2025، ليصل إلى أعلى مستوى له في خمسة أشهر، بينما استمرت الضغوط الانكماشية على أسعار المنتجين، ما يعكس تفاوتاً في إنفاق المستهلكين وضعف النشاط الصناعي. وأظهرت بيانات صادرة عن المكتب الوطني للإحصاء في الصين، يوم الأحد، أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع بنسبة 0.5 في المئة في يناير مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، مقارنة بزيادة بلغت 0.1 في المئة في ديسمبر كانون الأول 2024، متجاوزاً توقعات المحللين التي بلغت 0.4 في المئة.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
كما تسارع التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار الغذاء والوقود المتقلبة، ليصل إلى 0.6 في المئة في يناير، مقارنة بـ0.4 في المئة في الشهر السابق.
ورغم التوقعات بارتفاع تدريجي في أسعار المستهلكين، فإن أسعار المنتجين من غير المرجح أن تعود إلى المنطقة الإيجابية على المدى القصير، نظراً لاستمرار فائض الطاقة الإنتاجية في القطاع الصناعي، بحسب شو تيانشين، كبير الاقتصاديين في وحدة المعلومات الاقتصادية لمجلة «الإيكونوميست».
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
وقال شو «إذا قِسنا الانكماش بمؤشر انكماش الناتج المحلي الإجمالي، فقد يستغرق الأمر عدة أرباع سنوية للخروج من هذه الحالة».
ويحذر محللون من استمرار الضغوط الانكماشية هذا العام، ما لم يتمكن صناع القرار من تحفيز الطلب المحلي الضعيف، في ظل الضغوط الإضافية التي تفرضها التعريفات الجمركية التي يعتزم الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرضها على السلع الصينية، ما يزيد من التحديات التي تواجه ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
عوامل موسمية وتداعيات إنفاق المستهلكين
يُعزى جزء من الارتفاع في الأسعار إلى العوامل الموسمية، إذ تزامن احتفال
الصين بعيد رأس السنة القمرية في يناير هذا العام، مقارنة بفبراير العام الماضي، وهو عادةً ما يؤدي إلى زيادة الأسعار مع قيام المستهلكين بتخزين المواد الغذائية استعداداً للتجمعات العائلية الكبرى.
وارتفعت أسعار تذاكر الطيران بنسبة 8.9 في المئة مقارنة بالعام السابق، فيما سجل التضخم في قطاع السياحة ارتفاعاً بنسبة سبعة في المئة، وقفزت أسعار تذاكر السينما والعروض بنسبة 11.0 في المئة.
إلا أن بيانات إنفاق المستهلكين خلال العطلة جاءت متباينة، ما يعكس مخاوف بشأن الأمن الوظيفي ومستويات الأجور، وبينما شهدت دور السينما إقبالاً كبيراً، إلى جانب ارتفاع الإنفاق على التسوق والمطاعم والسفر المحلي، فإن متوسط إنفاق الفرد خلال العطلة ارتفع بنسبة 1.2 في المئة فقط مقارنة بالعام السابق، وهو انخفاض كبير عن الزيادة البالغة 9.4 في المئة في 2024، وفقاً لتقديرات محللين في بنك «إيه إن زد».
التحديات الاقتصادية والسياسات الحكومية
على أساس شهري، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 0.7 في المئة في يناير، وهو أقل من التوقعات البالغة 0.8 في المئة، مقارنة باستقرار المؤشر في ديسمبر دون تغيير.
أما على مدار العام 2024، فقد سجل التضخم نسبة 0.2 في المئة، متماشياً مع معدل العام السابق، لكنه ظل بعيداً عن الهدف الرسمي البالغ نحو ثلاثة في المئة، ما يعني أن التضخم أخفق في تحقيق المستويات المستهدفة للسنة الثالثة عشرة على التوالي.
وفي الوقت ذاته، أعلنت المقاطعات الصينية عن أهدافها للنمو الاقتصادي لعام 2025، إذ حددت متوسط معدل التضخم المستهدف بأقل من ثلاثة في المئة، في إشارة إلى توقعات الحكومة بحدوث تغيرات وضغوط على الأسعار، وفقاً لبروس بانغ، الأستاذ المساعد في كلية الأعمال بجامعة «سي يو إتش كيه» CUHK.
ضعف التصنيع واستمرار الضغوط الانكماشية
أظهرت بيانات التصنيع في يناير انكماشاً غير متوقع في النشاط الصناعي، في حين شهد قطاع الخدمات تباطؤاً، ما عزز الدعوات لمزيد من التحفيز الاقتصادي.
وعلى الرغم من أن بكين من المتوقع أن تحافظ على هدفها للنمو الاقتصادي عند نحو خمسة في المئة هذا العام، فإن الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة ستفرض ضغوطاً إضافية على الصادرات، التي كانت واحدة من نقاط القوة القليلة في الاقتصاد العام الماضي.
أما أسعار المنتجين، فقد تراجعت بنسبة 2.3 في المئة على أساس سنوي في يناير، مطابقة لانخفاض ديسمبر، ومتجاوزة التوقعات التي أشارت إلى تراجع بنسبة 2.1 في المئة، وبذلك، تظل أسعار المصانع في حالة انكماش للعام الثامن والعشرين على التوالي.
ورغم هذه التحديات، من غير المتوقع أن تتخذ الحكومة أي تغييرات جوهرية في السياسات النقدية أو المالية قبل انعقاد الجلسة السنوية للبرلمان في مارس المقبل، بحسب تشانغ تشي وي، رئيس وكبير الاقتصاديين في شركة «بينبوينت أسيت مانجمنت».
وقال تشي وي «في هذه المرحلة، تبدو حالة عدم اليقين الخارجية أكثر أهمية لصناع القرار من التحديات الاقتصادية المحلية».
(رويترز).