التضخم في أميركا يرتفع إلى أعلى مستوياته منذ يونيو 2024

التضخم السنوي بأميركا يرتفع إلى 3% خلال الأشهر الـ12 المنتهية في يناير (رويترز)
التضخم في أميركا يرتفع إلى أعلى مستوياته منذ يونيو 2024
التضخم السنوي بأميركا يرتفع إلى 3% خلال الأشهر الـ12 المنتهية في يناير (رويترز)

لم تقتصر الزيادة على أسعار البيض فقط، بل ارتفعت أسعار العديد من السلع والخدمات الأساسية في يناير كانون الثاني، ما دفع التضخم في الاتجاه الخاطئ ليصل إلى أعلى مستوياته منذ يونيو الماضي.

ووفقاً لأحدث بيانات مؤشر أسعار المستهلك (CPI) الصادرة يوم الأربعاء عن مكتب إحصاءات العمل الأميركي، ارتفعت الأسعار بنسبة 0.5% مقارنة بشهر ديسمبر، وهو أسرع معدل منذ سبتمبر 2023، ما أدى إلى ارتفاع معدل التضخم السنوي إلى 3% خلال الأشهر الـ12 المنتهية في يناير.

وكان الاقتصاديون يتوقعون تقريراً هادئاً دون تغييرات كبيرة مقارنة بديسمبر، لكن البيانات جاءت أعلى من التوقعات في معظم الفئات، ما شكّل مفاجأة غير مرحب بها في وقت لا يزال فيه ارتفاع تكاليف المعيشة يضغط على الأميركيين، ويسعى فيه الاحتياطي الفيدرالي إلى تهدئة التضخم، وسط مخاوف بشأن تأثير الرسوم الجمركية والسياسات الاقتصادية الصارمة للرئيس دونالد ترامب على الأسعار.

وقال كريس روبكي، كبير الاقتصاديين في شركة FwdBonds، في تعليق صدر صباح الأربعاء: «الكابوس الطويل للتضخم لم ينتهِ بعد بالنسبة للمستهلكين والشركات والمستثمرين»، مشيراً إلى أن هناك عوامل موسمية ربما أسهمت في تسارع الأسعار في يناير، لكنه أكد أن «الأخبار سيئة بالكامل» لمسؤولي الاحتياطي الفيدرالي.

الأسواق تتفاعل سلباً

تراجعت الأسهم الأميركية يوم الأربعاء، حيث أثار الارتفاع غير المتوقع في التضخم مخاوف المستثمرين من احتمال استمرار أسعار الفائدة المرتفعة، افتتح مؤشر داو جونز منخفضاً بنحو 395 نقطة، بينما انخفض مؤشر S&P 500 بنسبة 1%، وتراجع مؤشر ناسداك المركب بنسبة 1.1%، في الوقت ذاته قفز عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات إلى 4.6% نتيجة للبيانات القوية.

ويُعدّ مؤشر أسعار المستهلك مقياساً للتغيرات في أسعار السلع والخدمات الأساسية، وقد شهدت معظم الفئات ارتفاعاً الشهر الماضي، حيث استمرت تكاليف الطاقة والغذاء في الضغط على المستهلكين، وخاصة أسعار البيض التي ارتفعت بشكل كبير بسبب تفشي إنفلونزا الطيور.

ووفقاً للتقرير، قفزت أسعار البيض بنسبة 15.2% بين ديسمبر ويناير، وهو أسرع ارتفاع منذ 2015، ما رفع الزيادة السنوية إلى 53%.

وكان الاقتصاديون يتوقعون ارتفاعاً شهرياً بنسبة 0.3% فقط، ما كان سيبقي معدل التضخم السنوي عند 2.9% وفقاً لتقديرات FactSet.

التضخم الأساسي يزيد الضغوط

نظراً لتقلب أسعار الغذاء والطاقة بسبب عوامل مثل الطقس والأوبئة وسلاسل التوريد، يفضل الاقتصاديون النظر إلى مؤشر «التضخم الأساسي»، الذي يستثني الغذاء والطاقة، لقياس الاتجاهات الحقيقية للتضخم.

لكن حتى التضخم الأساسي ارتفع في يناير، حيث زاد بنسبة 0.4% على أساس شهري، ليصل المعدل السنوي إلى 3.3% مقارنة بـ3.2% في ديسمبر.

ورغم أن التضخم تباطأ بشكل ملحوظ منذ أن بلغ أعلى مستوياته خلال 40 عاماً في 2022، فإن الأسعار لا تزال ترتفع بوتيرة أسرع مما اعتاد عليه الأميركيون قبل الجائحة، ما يشكّل تحديًا أمام ترامب، لا سيما أن الاتجاه الحالي يخالف هدف الاحتياطي الفيدرالي المتمثل في خفض التضخم.

سياسة ترامب والتضخم

ورغم أن البيانات الشهرية قد تكون متقلبة، فقد حذّر الاقتصاديون من أن استمرار هذا المسار قد يدفع الاحتياطي الفيدرالي إلى إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول، ما يزيد من الأعباء على المستهلكين والشركات، وهو ما لا يريده ترامب.

وفي تعليق على منصته «تروث سوشيال»، كتب ترامب صباح الأربعاء قبل صدور تقرير التضخم: «يجب خفض أسعار الفائدة، فهذا يتماشى تماماً مع الرسوم الجمركية القادمة!!! دعونا ننطلق، أميركا!!».

لكن معظم الاقتصاديين يتفقون على أن خطة ترامب لفرض رسوم جمركية جديدة قد تؤدي إلى تأجيج التضخم وإبطاء النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة.