هل يكفي استقرار الجنيه وتراجع التضخم لدفع عجلة نمو الاقتصاد المصري؟

الاقتصاد المصري بين التفاؤل والتحديات.. تعافٍ تدريجي أم أزمات مؤجلة؟ (شترستوك)
هل يكفي استقرار الجنيه وتراجع التضخم لدفع عجلة نمو الاقتصاد المصري؟
الاقتصاد المصري بين التفاؤل والتحديات.. تعافٍ تدريجي أم أزمات مؤجلة؟ (شترستوك)

بعد سنوات من التقلبات الاقتصادية، بات الاقتصاد المصري يبعث على بعض التفاؤل، مدعوماً بمساعدات دولية ضخمة واستقرار سوق الصرف الأجنبي، لكن، رغم هذا الزخم الإيجابي، لا تزال هناك تحديات هيكلية تعيق التعافي الكامل، هل يكفي استقرار الجنيه وتراجع التضخم لدفع عجلة النمو؟ أم أن الإصلاحات المطلوبة لا تزال في منتصف الطريق؟

تعافٍ اقتصادي بطيء، ولكن مستمر

بعد أزمة ميزان مدفوعات خانقة في 2024، بدأ الاقتصاد المصري في استعادة توازنه، حيث يتوقع أن يصل معدل النمو إلى 4 في المئة في السنة المالية 2025، يعتمد هذا التعافي في الأساس على زيادة الإنفاق الاستهلاكي، الذي يمثل نحو 80 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، في حين يظل الاستثمار العام محدوداً بسبب سياسات التقشف المرتبطة ببرنامج صندوق النقد الدولي.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

وعلى الرغم من هذا التحسن، لا تزال معدلات تشغيل المصانع أقل من 70 في المئة، وهي نسبة غير كافية لتحفيز استثمارات القطاع الخاص، التي من المتوقع أن تبدأ بالتحسن فعلياً بدءاً من 2026، كما أن أسعار الفائدة المرتفعة لا تزال تعيق الاقتراض، رغم التوقعات بتوجه البنك المركزي نحو التيسير النقدي التدريجي، بناءً على توقعات بي أن بي باريبا في تقريره الربع سنوي.

سوق الصرف «استقرار بعد العاصفة»

منذ أزمة 2022 التي عصفت بسوق النقد الأجنبي، أدى الدعم المالي الإماراتي والدولي إلى إعادة ضبط المشهد المالي، حيث ارتفعت الاحتياطيات الأجنبية لدى البنك المركزي لتصل إلى 46.4 مليار دولار بنهاية 2024، مقارنة بـ33.2 مليار دولار في العام السابق، كما شهد الجنيه المصري تراجعاً طفيفاً بنسبة 5.5 في المئة فقط في النصف الثاني من 2024، ما يعكس تدخل البنك المركزي للحفاظ على استقرار السوق.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

لكن على المدى القريب، قد يستمر الجنيه في التراجع بوتيرة معتدلة، مدفوعاً بقوة الدولار عالمياً واتساع عجز الحساب الجاري، هذا الاستقرار النسبي قد يكون مؤقتاً إذا لم تترافق السياسة النقدية مع إصلاحات هيكلية حقيقية، بناءً على تحليل بي أن بي باريبا في تقريره الربع سنوي.

هل يتراجع التضخم قريباً؟

بعد أن بلغ 24.1 في المئة في ديسمبر كانون الأول 2024، بدأ التضخم في مسار هبوطي بفضل تراجع أسعار المواد الغذائية واستقرار الجنيه، وتشير التوقعات إلى أن متوسط التضخم سيتراجع إلى 19.8 في المئة في 2025 ثم 10 في المئة بحلول 2026، لكن هذا التراجع قد يواجه تحديات منها تقليص الدعم الحكومي وزيادة الضرائب غير المباشرة، بالإضافة إلى أي ضغوط جديدة قد تنشأ نتيجة تراجع الجنيه، بناءً على توقعات بي أن بي باريبا في تقريره الربع سنوي.

التحديات الهيكلية ما زالت قائمة

ورغم كل هذه المؤشرات الإيجابية، لا تزال مصر تواجه تحديات مالية وهيكلية كبيرة تعيق تحقيق نمو مستدام، فعجز الموازنة يواصل الارتفاع، حيث من المتوقع أن يصل إلى 6.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2025، ما يزيد من الضغوط المالية على الحكومة ويحد من قدرتها على زيادة الإنفاق الاستثماري.

في الوقت نفسه، لا يزال الدين العام يشكل عبئاً كبيراً، إذ يُتوقع أن يصل إلى 83 في المئة من الناتج المحلي، ما يرفع تكلفة خدمة الدين ويضغط على الموارد المالية للدولة، إضافة إلى ذلك، يعتمد الاقتصاد بشكل مفرط على التمويل الخارجي، حيث تشير التقديرات إلى أن الدين الخارجي سيبلغ 46 في المئة من الناتج المحلي، وهو ما يجعل الاقتصاد أكثر عرضة لتقلبات الأسواق المالية العالمية ويزيد من الحاجة إلى استراتيجيات فعالة للحد من المخاطر التمويلية.