لم تعد شمس المغرب الدافئة مجرّد مورد طبيعي، بل تحوّلت إلى مفتاح لجذب استثمارات دولية ضخمة في سباق عالمي على «وقود المستقبل»، مع إعلان شركة التقنية النظيفة السويسرية سينهيليون Synhelion عن مشروع استثماري بقيمة مليار دولار لإنتاج وقود اصطناعي مستدام باستخدام الطاقة الشمسية.
الإعلان الذي كشف عنه جيانلوكا أمبروزيتي، الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك للشركة، خلال فبراير شباط الجاري، لم يأتِ من فراغ، بل جاء بعد لقاءات رفيعة المستوى بين مسؤولي سينهيليون Synhelion ووزير الاستثمار المغربي كريم زيدان، على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
ما وراء الاستثمار الضخم؟
يستهدف المشروع إنتاج نحو 100 ألف طن سنوياً من الوقود، باستخدام تقنية ثورية تُعرف باسم Sun-to-Liquid سان تو ليكويد، تم تطويرها من طرف المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا، وتعتمد هذه التقنية على مرايا شمسية ضخمة تتبع حركة الشمس، لتركيز أشعتها على برج مركزي، حيث ترتفع الحرارة إلى أكثر من 1000 درجة مئوية.
وفي هذه الظروف الحرارية، يتم دمج الإشعاع الشمسي المركز داخل مفاعل حراري مع الميثان وثاني أكسيد الكربون والماء، لتتحول البخار والغازات الناتجة لاحقاً إلى وقود سائل مثل البنزين، الديزل، أو حتى وقود الطائرات.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
حسب أمبروزيتي، جاء اختيار المغرب بعد مشاريع تجريبية ناجحة للشركة في ألمانيا وإسبانيا، لكن المملكة تملك عناصر تميز جعلتها الوجهة التالية، أبرزها الموارد الشمسية الاستثنائية، ووفرة المواد الخام اللازمة، إضافةً إلى البنية التحتية الصناعية القوية، ويؤكد أمبروزيتي في تصريح لصحيفة الشرق الاقتصادية أن «المغرب يوفر ظروفاً مثالية لتوسيع إنتاج الوقود المتجدد، ما يجعله لاعباً رئيسياً في هذه الصناعة المستقبلية».
أما بشأن تمويل المشروع، فقد أوضحت الشركة أن الخطة تعتمد على مزيج من القروض البنكية، وطرح أسهم، وربما دعم حكومي مغربي، كما نجحت سينهيليون بالفعل في تأمين تمويل أوروبي، وتحظى بدعم مجموعة من الشركات الكبرى، من بينها شركة الطيران الألمانية لوفتهانزا، وشركة الطاقة الإيطالية إيني، وشركة استيراد السيارات السويسرية أماج Amag.
آفاق اقتصادية.. وتحديات
الهدف الاستراتيجي للشركة هو خفض كلفة الإنتاج لتصل إلى دولار واحد لكل لتر، ما يجعل الوقود الشمسي منافساً للوقود الأحفوري، خاصة في قطاع الطيران الذي يسابق الزمن لخفض انبعاثاته الكربونية.
ومع أن التكنولوجيا أثبتت نجاعتها من حيث السلامة والفعالية، بحسب أمبروزيتي، إلا أن التحول إلى الإنتاج التجاري واسع النطاق ما زال يواجه تحديات مرتبطة بتكاليف التوسع ودعم الأسواق.
خلفية وتحليل
هذا الإعلان يأتي في سياق تحول المغرب إلى مركز إقليمي للطاقة المتجددة، فالمملكة -التي دشنت مشروع نور للطاقة الشمسية في ورزازات كأحد أكبر المشاريع عالمياً- تسعى إلى تحقيق هدف تغطية 52 في المئة من احتياجاتها من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول 2030.
ويرى محللون أن دخول استثمارات في «وقود المستقبل» يعكس تحوّلاً نوعياً، إذ لا يتعلق الأمر فقط بإنتاج الكهرباء، بل أيضاً بإنتاج وقود سائل نظيف ينافس الوقود الأحفوري في الأسواق العالمية.
كما أن نجاح مشروع سينهيليون في المغرب قد يعزز من جاذبية المملكة لشركات أخرى في هذا المجال، في ظل المنافسة الإقليمية المحتدمة مع دول كالسعودية والإمارات، اللتين أعلنتا مشاريع ضخمة في الهيدروجين الأخضر.