الجفاف يلتهم محاصيل المغرب ويهدد الاقتصاد

على مدار أكثر من ست سنوات متتالية يعاني المغرب الجفاف الشديد الذي تراكمت تداعيته على قطاع الزراعة والفلاحة وتسببت في مشكلات للاقتصاد المغربي.

ويواجه المغرب موجة جفاف شديدة دفعت الملك المغربي، محمد السادس، إلى دعوة المغاربة للاستغناء عن أضحية عيد الأضحى هذا العام نظراً لانخفاض أعداد رؤوس الماشية بسبب الجفاف.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

وامتدت تداعيات الجفاف في المغرب إلى عدة قطاعات اقتصادية متنوعة، إذ لا يزال يشكّل ضرراً على الاقتصاد المغربي ويؤثّر في قطاع التوظيف في المملكة، بحسب محللين اقتصاديين تحدثوا إلى CNN الاقتصادية.

الجفاف في المغرب

حصاد المغرب من الحبوب في تراجع

قبل عام التقط قمر صناعي تابع لوكالة ناسا صوراً تُظهر مدى تضرر مدينة الدار البيضاء المغربية الواقعة على المحيط الأطلسي من آثار الجفاف، إذ اختفت المساحات الخضراء وحل بدلاً منها.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

ورغم أن البيانات أظهرت ارتفاعاً في معدل ملء السدود إذ بلغ 28.44 في المئة في يناير كانون الثاني 2025 مقابل 23.27 في المئة في الفترة نفسها من العام الماضي، ووفقاً لوزارة التجهيز والماء المغربية، فإن التوقعات تشير إلى تراجع كبير في محاصيل الحبوب بالمغرب خلال الموسم 2024-2025.

ويقول إدريس عيسوي المحلل الاقتصادي المغربي، إن نحو 60 في المئة من قطاع الفلاحة بالمغرب تضرر بسبب الجفاف المتواصل على مدار 6 سنوات.

وأضاف أن هذا العام الأمطار لم تأتِ بالشكل المناسب، لذا ستتراكم تداعيات الجفاف لعام جديد.

وتشير توقعات وزارة الزراعة الأميركية إلى أن إنتاج المغرب من الحبوب في الموسم الجاري 2024-2025 سينخفض مقارنة بمتوسط مستوى الخمس سنوات الماضية منذ 2019 إلى 2023.

وبحسب التوقعات، فإن إنتاج القمح سينخفض 40 في المئة، والشعير سينخفض 50 في المئة، والذرة سينخفض 46 في المئة خلال الموسم 2024-2025.

الجفاف في المغرب

ويقول محلل الاقتصاد المغربي، إن محصول هذا العام قد لا يزيد على 20 في المئة ما يحتاج إليه المغرب.

وعلى مدار السنوات الماضية حاولت الحكومة المغربية التقليل من وطأة الجفاف عن طريق عدة مبادرات تهدف إلى اتباع نمط معين في مجال تربية المواشي، وإبعاد المحاصيل الزراعية كلّها المستهلكة للمياه، إلّا أن الأرقام تقول إن الاقتصاد المغربي تضرر بشكلٍ كبير من الجفاف، وفقاً لعيسوي.

تداعيات الجفاف على الاقتصاد المغربي

ومع انخفاض إنتاج الحبوب، يتوقع أن يزيد المغرب من وارداته السنوية من الحبوب خلال الموسم الجاري.

وتتوقع وزارة الزراعة الأميركية أن يزيد المغرب من وارداته السنوية من القمح إلى 7.5 مليون طن متري في موسم 2024-2025 بزيادة 52 في المئة على متوسط واردات المغرب في 10 سنوات.

ويقول عيسوي إن المغرب لجأ للاستيراد الحبوب من دول مثل أوروبا وأوكرانيا، لكن عملية الاستيراد كانت تحدث دون تأثير في الميزانية العمومية للبلاد، ومن خلال مؤسسة حكومية تتابع من كثب الأسواق وتُتيح فرص الشراء وفقاً لمواردها المالية.

الجفاف في المغرب

وفي محاولة لتخفيف وطأة الجفاف على المستهلكين، منحت الحكومة المغربية المستوردين دعماً مالياً لاستيراد ما يلزم من الحبوب لتفادي انخفاض الإنتاج.

لكن صندوق النقد الدولي صنّف قبل أشهر قليلة نوبات الجفاف والانخفاض في الإنتاج الزراعي في المغرب بأنهما أكبر خطر سلبي على النمو الاقتصادي في البلاد.

وتوقعت ميزانية المغرب عام 2025 أن ينمو الاقتصاد بنحو 4.6 في المئة مقابل 3.3 في المئة كانت متوقعة في 2024، لكن في حال استمرار الجفاف من المحتمل أن يفقد الاقتصاد ما لا يقل عن 0.8 في المئة من النمو.

ويعتمد المغرب بشكلٍ كبير على القطاع الزراعي، حتى ولو كان يمثّل نحو 14 في المئة من الناتج المحلي للبلاد وربع صادرات السلع.

وبحسب صندوق النقد، فإن نحو ثلث القوى العاملة المغربية تعمل في القطاع الزراعي كما أن التضخم في المغرب حساس للغاية للتغيرات في أسعار المواد الغذائية التي تمثّل نحو 40 في المئة من سلة مؤشر أسعار المستهلك.

وفي نهاية عام 2024 ارتفع معدل البطالة إلى 13.3 في المئة، وفقاً لبيانات المندوبية السامية للتخطيط المغربية، وهو أعلى معدل منذ عام 1999، مع تسبب الجفاف لفقدان المزارعين المتضررين وظائفهم.

تاثير الجفاف علي المغرب

وحث صندوق النقد المغرب على اتباع نهج جديد لسياسات سوق العمل النشطة لخلق فرص العمل مع التركيز على العمالة النازحة من القطاع الزراعي بسبب سلسلة موجات الجفاف.

الجفاف فرصة لقطاعات جديدة في المغرب

تحرك المغرب سريعاً بعيداً عن القطاع الزراعي في محاولة منه لحماية الاقتصاد من التداعيات المتلاحقة للجفاف على مدار السنوات الماضية.

ويقول المحلل الاقتصادي المغربي، إن بلاده تحاول إخراج نفسها من هذه الضائقة عبر تطوير عدة صناعات مثل صناعة السيارات والهيدروجين الأخضر ومشروعات الطاقة المتجددة.

وخلال العام الماضي أبقت الإيرادات القوية من السياحة وصادرات السلع والتحويلات المالية عجز الحساب الجاري للمغرب عند مستويات منخفضة، مع تعويض زيادة الإنفاق الجاري بإيرادات أقوى من المتوقع، بحسب صندوق النقد.