يضرب الجفاف الحاد المغرب للعام السادس على التوالي متسبباً في زيادة معدل البطالة إلى مستويات قياسية خاصة في الريف حيث يبحث المزارعون عن فرصة عمل صارت نادرة.
وتضاءلت فرص العمل بالنسبة للمزارعين على الخصوص، بعد تراجع المساحة المزروعة إلى 2,5 مليون هكتار فقط مقابل أربعة ملايين قبل الجفاف، وفق وزارة الزراعة المغربية.
فيما ارتفع معدل البطالة في الفصل الأول من عام 2024 إلى 13.7 في المئة من 12.9 في المئة في ذات الربع من عام 2023 وفق المندوبية السامية للتخطيط، وجاء ذلك بعد فقدان نحو 159 ألف فرصة عمل في الأرياف مقابل خلق نحو 78 ألف وظيفة في المدن حيث «لا تزال وضعية سوق الشغل تعاني من آثار الجفاف».
وأنهى المغرب عام 2023 بأعلى معدل بطالة سنوي منذ العام 2000 بعد فقدان 157 ألف وظيفة في الأرياف إذ بلغ معدل البطالة 13 في المئة.
ويوضح الخبير في القطاع الزراعي عبدالرحيم هندوف أن مستوى البطالة مرتبط بالتقلبات المناخية، لأن «القطاع الزراعي لا يزال يوظّف قرابة ثلث السكان النشيطين رغم أن مساهمته في الناتج الداخلي الخام لا تتجاوز 11 إلى 14 بالمئة».
تحت رحمة المناخ
رغم جفاف الوديان والسواقي تغلب الخضرة على عدد من القرى الكبيرة في هذه المنطقة الزراعية الغنية، بفضل مضخات مياه وتقنيات ري عصرية، وهي في الغالب تنتج خضروات وفواكه تصدّر للخارج.
فقد راهن المغرب على تطوير الزراعات المروية الموجهة للتصدير منذ تبني مخطط «المغرب الأخضر» في عام 2008 فنمى الناتج الإجمالي للقطاع من نحو 63 إلى 125 مليار درهم -نحو 6 إلى 12 مليار دولار- في عشرة أعوام، بحسب معطيات رسمية.
ويعول المغرب على الاستمرار في هذا التوجه مع مخطط «الجيل الأخضر» (2020-2030) بالاعتماد على تحلية مياه البحر وتقنيات ري متطورة، لزيادة الصادرات من نحو 30 إلى 60 مليار درهم في عشرة أعوام.
لكن المفارقة أن هذا النمو لم ينعكس على التوظيف الذي لا يزال رهناً بالتقلبات المناخية.
ويوضح هندوف «لدينا زراعة عصرية متطورة، لكنها لا تشغّل سوى نحو 15 في المئة من مجمل المساحة القابلة للزراعة، بينما لا تزال الغالبية الساحقة من المزارعين تحت رحمة التقلبات المناخية».
ويضيف «لو كان الاقتصاد قادراً على استيعابهم لتوجهوا إلى قطاعات أخرى».
نقطة ضعف
وعمل المغرب على تطوير الصناعة والخدمات خلال العقدين الماضيين، لكن هذه الأنشطة لا تزال عاجزة عن خلق ما يكفي من الوظائف وتغطية تلك التي يدمّرها الجفاف.
وبينما تصدّرت السيارات صادرات المغرب برقم قياسي العام الماضي أكثر 141 مليار درهم نحو 14 مليار دولار، لا يخلق القطاع الصناعي سوى «80 إلى 90 ألف وظيفة سنوياً» مقابل 320 إلى 330 ألف طالب عمل جديد كل عام، كما أوضح وزير الصناعة رياض مزرو.
وأضاف في حوار مع إذاعة محلية مؤخراً «التشغيل نقطة ضعف المنظومة الاقتصادية».
في مواجهة الانتقادات اعتبر رئيس الوزراء عزيز أخنوش أمام البرلمان منتصف يونيو حزيران 2024 أن «الجفاف واقع»، لكنه أكد تفاؤله «بخلق ما يقارب 140 ألف وظيفة» دون تحديد آجال.
ويدفعه إلى ذلك توقيع اتفاقيات استثمار عدّة بنحو 241 مليار درهم نحو 22 مليار دولار في الصناعة والطاقات المتجددة والسياحة.. لكنه رقم يبقى بعيداً عن وعوده الانتخابية بخلق مليون منصب عمل خلال خمسة أعوام (2021-2026).