لم تكن أسماء على دراية بحصول مصر على شريحة جديدة من قرض صندوق النقد الدولي، فقد كان كلُ تركيز ربة المنزل السبعينية موجّهاً لطقوس رمضان الدينية والاجتماعية ومشاهدة بعض المسلسلات. عندما اكتشفت أسماء حصول مصر على شريحة القرض المقدرة بـ1.2 مليار دولار أميركي تغيرت ملامح وجهها، وقالت بغضب «لماذا قروض إضافية؟ سيتم إجبارنا على تغيير سعر الصرف ورفع أسعار البنزين والغاز والكهرباء، يجب أن نكف عن التعامل مع صندوق النقد الدولي».
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
لا يتمتع
صندوق النقد الدولي بسمعة حسنة في مصر، وينظر إليه جزءٌ من المصريين كخصم يعرقل تفاصيل حياتهم اليومية.
وتعود مشاعر الخصومة مع صندوق النقد الدولي جزئياً إلى التاريخ البعيد، فالبعض لا يميز بينه وبين البنك الدولي الذي رفض تمويل بناء السد العالي عام 1956، ويرى البعض الآخر -مثل أسماء- أن الصندوق هو سبب الآلام التي "تعض" جيوبهم وموائدهم بسبب تكرار تخفيض قيمة الجنيه وارتفاع الأسعار.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
ووفقاً لآخر بيانات البنك المركزي المصري وصل الدين الخارجي لمصر إلى 155.204 مليار دولار أميركي في نهاية الربع الثالث من العام الماضي المنتهي في سبتمبر أيلول 2024، وذلك على الرغم من سداد الدولة نحو 38.7 مليار جنيه في العام المنصرم بحسب تصريح رئيس الحكومة مصطفى مدبولي.
علي، الذي يعمل سائقاً على سيارة أجرة في القاهرة، غضب كذلك عندما سمع بخبر القرض الجديد، لكن مسؤوليات الرجل الثلاثيني أكثر من مصاريف السيدة أسماء، واللافت أن علي لم يتطرق لاحتمالية رفع أسعار وقود السيارات، لكن أول ما جاء بباله هو «الخوف من حدوث تعويم جديد» يأكل القليل الذي يربحه.
هكذا أصبح اسم المؤسسة المالية الدولية مرادفاً لتخفيض قيمة العملة في مصر.
فبيان
صندوق النقد الدولي حثّ مصر على تبنى سعر صرف حر فضلاً عن رفع الدعم عن الوقود ليباع بسعر التكلفة في ديسمبر كانون الأول القادم.
ويتوقع المراقبون أن يصل سعر صرف الدولار الأميركي في مصر إلى نحو 59 جنيهاً بحلول نهاية العام، ويعتمدون على سعر العقود الآجلة للجنيه لمدة عام.
من الصعب حساب حجم الدين الخارجي في اللحظة الحالية، فكثيرة هي النقود التي تخرج لسداد الديون وفوائدها، وكذلك يدخل قرض جديد إلى خزائن البنك المركزي المصري، لكن بحسب بيانات البنك الدولي تبلغ التزامات مصر الخارجية في الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي 43.2 مليار دولار، 5.9% منها فوائد ديون أو خدمة دين، بحسب ألفاظ الصندوق.
في النهاية، تتفاوت احتياجات المصريين والتزاماتهم المالية، ولكن السائد في مصر أن لا أحد يعيش في المستوى نفسه الذي كان يعيش فيه قبل موجات تخفيض الجنيه التي عاشها المصريون بين مارس آذار 2022 ومارس آذار الحالي، فكلٌ قدّم تنازلات في مستوى معيشته، لكن لا يتحكم الجميع في تعبيرات وجوههم عند ذكر اسم صندوق النقد الدولي.