تستضيف مدينة جنيف السويسرية مفاوضات حساسة بين الولايات المتحدة والصين، في أول لقاء تجاري رفيع المستوى منذ أن أشعل الرئيس الأميركي دونالد ترامب فتيل الحرب التجارية بين العملاقين الاقتصاديين، ويُنظر إلى هذه المحادثات -التي انطلقت السبت وتستمر حتى الأحد- على أنها خطوة حذرة نحو احتواء التوترات التي كبّدت الاقتصاد العالمي خسائر باهظة.
وحضر المفاوضات من الجانب الأميركي كل من وزير الخزانة سكوت بيسنت، والممثل التجاري جيميسون غرير، فيما ترأس الوفد الصيني نائب رئيس الوزراء هي ليفينغ، في مؤشر على الجدية السياسية التي يوليها الطرفان لهذا اللقاء.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
وقد انعقدت الجلسات داخل مقر إقامة الممثل الدائم لسويسرا لدى الأمم المتحدة، وسط إجراءات أمنية مشددة وتكتم إعلامي كبير، فيما أفاد مراسلو وكالة فرانس برس بأن الجولات استُؤنفت بعد استراحة غداء في تمام الساعة 14:30 بالتوقيت المحلي.
تراجع رمزي ومواجهة محتملة
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
في مؤشر على الرغبة في التهدئة، اقترح الرئيس ترامب عشية المحادثات خفض الرسوم الجمركية المفروضة على المنتجات الصينية من 145% إلى 80%، لكن مراقبين وصفوا هذه الخطوة بأنها «رمزية» ما دامت الغالبية الساحقة من الصادرات الصينية لا تزال تواجه قيوداً مشددة.
وقال وزير التجارة الأميركي هاوورد لوتنيك لقناة «فوكس نيوز» إن «الرئيس يرغب في حل المشكلة مع الصين، وكما قال فهو يسعى إلى تهدئة الوضع»، إلا أن البيت الأبيض حذّر من أن أي خفض محتمل للرسوم لن يكون من طرف واحد، بل يجب أن يقابله تنازل صيني ملموس.
تصعيد متبادل وشلل تجاري
يُذكر أن ترامب، ومنذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير، استخدم الرسوم الجمركية كأداة للضغط السياسي، فارضاً تعريفات جمركية بلغت 145% على السلع الصينية، وردّت بكين برسوم بلغت 125% على المنتجات الأميركية، ما أدى عملياً إلى تجميد التجارة الثنائية وارتباك الأسواق العالمية.
وتعليقاً على اللقاء، وصفت المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونغو إيويالا المحادثات بـ«الخطوة الإيجابية والبنّاءة نحو خفض التصعيد»، بينما اعتبر وزير الاقتصاد السويسري غاي بارميلان أن «مجرد جلوس الطرفين معاً يُعد نجاحاً بحد ذاته».
الصين تدخل المفاوضات بأرقام أقوى
فيما يبدو أن بكين دخلت اللقاء وفي جعبتها ورقة قوية، إذ كشفت بيانات رسمية عن ارتفاع صادراتها بنسبة 8.1% في أبريل، أي أربعة أضعاف ما توقّعه المحللون، رغم أن صادراتها للولايات المتحدة تراجعت بنحو 18%.
ويرى مراقبون أن واشنطن هي من طلبت هذه الجولة من المفاوضات، ما قد يعكس تغيّراً في المزاج السياسي الأميركي تجاه الملف الصيني.
هل تفضي المفاوضات إلى نتائج ملموسة؟
بحسب بوني غلايزر، مديرة برنامج المحيطَين الهندي والهادئ في صندوق مارشال الألماني، فإن «النتيجة المرجحة لهذه المحادثات قد تكون تعليق معظم –إن لم يكن كل– الرسوم الجمركية المفروضة خلال العام الجاري، طوال فترة استمرار المفاوضات».
لكنّ الخبيرة الاقتصادية ليزي لي من معهد سياسات جمعية آسيا ترى أن النتائج ستكون «رمزية ومؤقتة»، ولن تُحدث اختراقاً في «الخلافات الجوهرية».
وفي السياق نفسه، يعتقد بيل رينش من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أن تعقيد المشهد يعود أيضاً إلى اختلاف الأسلوب التفاوضي؛ فبينما يريد ترامب اتفاقاً سريعاً من القمة إلى القاعدة، يفضل الصينيون حلاً شاملاً قبل أي لقاء على مستوى القادة.
أما شو بين الأستاذ في كلية الصين وأوروبا للأعمال في شنغهاي، فلا يتوقع عودة الرسوم الجمركية إلى مستويات معقولة، قائلاً: «حتى لو خُفِّضت إلى النصف، فإنها ستبقى مرتفعة للغاية لمزاولة أعمال تجارية طبيعية».