أصدقاء السر وأعداء العلن.. قصة تجارة المصالح بين إسرائيل وإيران التي انتهت بلغة الصواريخ

من أصدقاء في السر إلى أعداء في العلن.. ما قصة علاقة إسرائيل وإيران الملتهبة؟
من أصدقاء في السر إلى أعداء في العلن.. ما قصة علاقة إسرائيل وإيران الملتهبة؟
من أصدقاء في السر إلى أعداء في العلن.. ما قصة علاقة إسرائيل وإيران الملتهبة؟

عندما اشتعلت الحرب الإسرائيلية الإيرانية، تبادر إلى الذهن كيف بدأت العلاقات بين دولتين لم تستطيعا وقف عداوتهما لبعضهما بعضاً، فقد اتضح أن العلاقات بينهما بدأت بصداقة قوية واستمرت في إطار تحالف سري، وتنتهي الآن بعداوة شرسة يتوعد فيها كل منهما بإنهاء الآخر.

رقصة التانغو بين إيران وإسرائيل خلال عهد الشاه


googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
بعد احتلال إسرائيل لفلسطين وإعلان قيام دولة عاصمتها تل أبيب عام 1948، كانت إيران معادية للقومية العربية، إضافة إلى أنها كانت حليفاً إقليمياً لأميركا، التي تدعم إسرائيل كابنها الأكبر، ولذلك سعت تل أبيب لتطبيق «عقيدة المحيط» التي تتلخص في تكوين صداقات كي لا تبقى وحيدة وأغلب جيرانها من العرب لا يطيقون التعامل مع الدولة المحتلة لجزء من الوطن العربي، لتأتي إيران على قمة قائمة الفرص لإسرائيل إضافة إلى تركيا وإثيوبيا.

وبينما لم تعترف إيران رسمياً بإسرائيل، إلا أن الدولتين طورتا علاقات سرية وعملية متجذرة في اهتمامات استراتيجية مشتركة، وفقاً لـ«ذا إيكونوميك تايمز».

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

الرمح الثلاثي ينطلق

وفي اجتماع سري عُقد عام 1958، شكّل رئيس الوزراء الإسرائيلي ديفيد بن غوريون ورئيس الوزراء التركي عدنان مندريس ما عُرف بـ«تحالف الأطراف» الذي أعقبه توقيع إيران وتركيا وإسرائيل ميثاقاً عُرف باسم «الرمح الثلاثي»، شملت هذه العلاقة تبادل المعلومات الاستخباراتية والتعاون الاقتصادي وتجارة الأسلحة.

وبعدما أصبحت إيران المورد الرئيسي للنفط الخام لإسرائيل حتى بدأت إسرائيل بتشغيل حقول نفط سيناء عقب احتلالها للمنطقة في 1967.

وبعد أن أعادت إسرائيل الحقول إلى مصر بموجب اتفاقيات سيناء الثانية عام 1975، عادت إيران لتصبح المصدر الرئيسي للنفط، حيث وفرت نحو 70 في المئة من احتياجات إسرائيل حتى الإطاحة بالشاه محمد رضا بهلوي عام 1979.

الثورة تغير الأحداث 180 درجة

شكّلت الثورة الإيرانية عام 1979 انعطافة جوهرية في العلاقات الثنائية بين إيران وإسرائيل، وأدت الإطاحة بالشاه وتأسيس الجمهورية الإسلامية بقيادة آية الله روح الله الخميني إلى تغيير جذري في السياسة الخارجية الإيرانية، فلم ينظر النظام الإسلامي الجديد إلى إسرائيل كخصم سياسي فحسب، بل كدولة غير شرعية أيضاً.

ومنحت الدولة الإيرانية الجديدة الأولوية لدعم المسلمين المضطهدين، خاصة الفلسطينيين، وأعلنت معارضتها القاطعة لوجود إسرائيل.

وقطعت إيران جميع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، وطردت الموظفين الإسرائيليين، وسلمت السفارة الإسرائيلية في طهران إلى منظمة التحرير الفلسطينية، وأصبح الشعور المعادي لإسرائيل ركيزةً أساسيةً في خطاب الجمهورية الإسلامية الخارجي والداخلي.

صدام حسين يقلب العداوة إلى تحالف سري

فخلال الحرب العراقية الإيرانية التي بدأت عام 1980 واستمرت 8 سنوات، اعتبرت إسرائيل العراق بقيادة صدام حسين تهديداً أكبر من إيران الإسلامية بقيادة الخميني، وتورطت إسرائيل، إلى جانب الولايات المتحدة، في نقل أسلحة سرّية إلى إيران.

ومن ناحية أخرى شكلت دول الخليج العربي مجلس التعاون الخليجي عام 1981، وساعدت الرئيس العراقي صدام حسين في صراعه العسكري مع إيران، حسب كتاب «إسرائيل وإيران: تنافس خطير»، للكتاب، داليا داسا كاي وعلي رضا نادر وباريسا روشان.

وكما فعل الشاه، أدركت إيران أهمية وجود ثقل موازن لإسرائيل في مواجهة جيرانها العرب، خاصة العراق.

كان لإسرائيل نفسها مصلحة راسخة في هزيمة العراق، إذ اعتبرت صدام حسين تهديداً مركزياً لأمنها، وعملا بمبدأ «عدو عدوي صديقي»، توطدت العلاقات بين طهران وتل أبيب، فيما استفاديت إيران بتلقي الأسلحة الأميركية من خلال إسرائيل.

النهاية هي مجرد بداية جديدة

وفي تسعينيات القرن الماضي، انتهى التحالف السري بين إيران وإسرائيل بسبب البرنامج النووي الإيراني، وتحولت الدولتان إلى بداية جديدة لعلاقة حقيقتها عداء شديد، وبدأت إسرائيل تنظر إلى طموحات إيران النووية على أنها تهديد وجودي.

وقد أثار سعيها للحصول على التكنولوجيا النووية، على الرغم من إصرارها على النوايا السلمية، مخاوف إسرائيلية من عدو محتمل مسلح نووياً.

وسّعت إيران دعمها لكيانات معادية لإسرائيل مثل حزب الله وحماس والحوثيين، وبحلول عشرينيات القرن الحادي والعشرين، تصاعد التنافس بين إيران وإسرائيل إلى حرب خفية، شملت هجمات بطائرات دون طيار وحرباً إلكترونية وتخريباً بحرياً.

وقد قابل نفوذ إيران المتزايد في العراق ولبنان وسوريا واليمن تعاون إسرائيل المتزايد مع دول الخليج واستمرار العمليات العسكرية التي تهدف إلى الحد من التمركز الإيراني بالقرب من حدودها.

وقد أدى الصراع المستمر في غزة والتوترات الإقليمية اللاحقة التي بلغت ذروتها في تبادل مباشر للصواريخ والطائرات دون طيار في عام 2024، إلى اقتراب المواجهة بين إيران وإسرائيل من حرب مفتوحة.

وأخيراً وقَع أمس الهجوم الذي كانت إسرائيل تتعهد بشنّه على إيران منذ سنوات، وتعهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو باستمرار الحرب.